نعيم الهاشمي الخفاجي ||
بالعصور القديمة كانت الدول تتجسس على بعضها البعض الاخر، من خلال إرسال الجواسيس، لجمع المعلومات، وتصوير الأماكن الحساسة والعسكرية، ومن الصعب إيجاد عملاء يعملون لصالح الدول الاخرى، والاجهزة الأمنية تلقي القبض على كل من يتعامل مع الأعداء ويتم اعدامه.
بل توجد نصوص قوانين في دساتير الكثير من الدول تنزل عقوبة الإعدام بحق كل شخص يعمل لجهات خارجية، تحت فقرة التجسس والخيانة، أما الآن، اختلفت الامور، توجد أقمار صناعية مخصصة للتجسس، تقوم في عمل مسح إلى كل أراضي الدول المستهدفة، توجد برامج تصور كل مدن دول العالم، حتى انا كاتب السطور، تصفحت مدن انا سكنت بها، ووجدت صور لي منشورة كنت جالس مع أصدقاء لي، بظل وجود التطور الكبير في عالم الاتصالات لم يبق شيئاً مخفياً.
دخول الانترنت وتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي قلب الوضع تماماً، بات الناس يكلم بعضهم البعض الآخر بالصورة والصوت، أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة، الانترنت تجاوز الحدود، وباتت الناس يكلم بعضهم البعض الآخر، الناس يتواصلون بكل قارات العالم والمناطق البعيدة التي لاتخطر في بال شخص أن يزورها او يسمع بها، من يملك الإنترنت اكيد يستفيد منه معلوماتياً، وامنياً واستخباراتياً وأديدولوجياً، لا يوجد شيء بالعالم يقدمون خدمات مجانية، ويعملون عمل خيري، كل الدول تفكر بمصالحها.
مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي لم تكن غائبة عن استفادة الأجهزة المخابراتية والامنية منها، بل حتى القوى الإرهابية من خلال الانترنت نشرت ثقافتها المتطرفة، وتم تجنيد آلاف الشباب المغفل للانضمام إلى العصابات الوهابية التكفيرية مثل القاعدة وداعش وبكو حرام وطالبان ….الخ.
هناك حقيقة أن للانترنت وتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير مهم في العلاقات الدولية، ولايوجد أدنى شك في تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على العلاقات الدوليّة، والترويج لبيع البضائع والمنتجات، والتواصل مع الجامعات العالمية للدراسة عن بعد، أو مشاهدة المحاضرات للاساتذة بالجامعات والمعاهد والمدارس موجودة في تطبيق يوتوب، كل شيء موجود في الانترنت، بل حتى تعليم الطبخ والزراعة وتصليح العجلات والساعات وفتح التليفونات وكيفية استخدام العلاج وشراء الملابس وبيعها ….الخ من ما يحتاجه الإنسان موجودة على مواقع الانترنت، في مجال الصحة توجد مواقع معنية في أمور الامراض والعلاج، وتقديم النصائح الطبية وبشكل مجاني.
انتشار الانترنت ودخول مواقع التواصل الاجتماعي لغالبية دول العالم، بات من الصعوبة السيطرة على طرق تناول وتداول عامة النّاس للقضايا والمواقف على هذه الشبكات، بل هناك الكثير من الناس، يسيء إلى حرية إبداء الرأي، ويقومون بكشف أسرار دولهم بدون علم ومعرفة.
الآن البشرية وصلت إلى مرحلة بالتواصل لم تصلها منذ نزول آدم ع اب البشرية إلى الارض، أمريكا هي من تملك الانترنت، وسمحت في استخدامه للبشرية بعد تفكك السوفيت، وخلال عقد من الزمان انتشر بكل قارات العالم، وبدء الانتشار الواسع والفعلي للبشرية، ووصل إلى العرب بشكل خاص مع بداية الألفيّة الثالثة.
لقد تغير ميزان القوى العالمي، انتهت حقبة تجنيد الجواسيس والخونة وباتت الأمور سهلة وبسيطة، مخابرات دولية تمارس نشاطها بالعلن من خلال دعم شعارات معينة كدعم حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية، من خلال ثورة الاتصالات وتطبيقات الإنترنت.
في الحقبة السوفياتية كان السوفيت واعني روسيا يخرقون كل دول العالم من خلال دعم الأحزاب الشيوعية واليسارية بكل دول العالم، بعد تفكك السوفيت، استطاعت الراسمالية خرق كل دول العالم من خلال كذبة نشر الديمقراطية ودعم المنظمات الحقوقية بكل دول العالم.
أثرت شبكات الانترنت وتطبيقاتها بشكل عميق ليس في طبيعة العلاقات الدولية وعلاقات بني البشر مع بعضهم البعض الاخر، تشكل واقع جديد أنهى زمن احتكار الحكومات والجهات للمعلومة، أتذكر عندما كنت شاب صغير في العراق، الكثير من الناس تجده ماهر بصناعة الحلويات، اذا تكلمت معه كيفية صناعة الحلويات، يعطيك مكونات ناقصة في سبيل يبقى هو الافضل، لكن الآن في يوتوب تجد آلاف المتخصصين بصناعة اطباق الحلوى يعلمون الناس بشكل مجاني وبطرق جيدة وممتازة.
انا شخصياً عندي هواية لمتابعة الزراعة، وبشكل خاص زراعة النخيل، رغم أن والدي وجدي وجد جدي معروفين بزراعة النخيل بقضاء الحي، لكنني من خلال مواقع اليوتوب تعلمت طرق لزراعة فسائل النخيل لم أكن أعرفها انا ولا غيري ذلك سابقاً.
أكيد ممن يقرأون مقالي هذا من المحبين لزراعة النخيل، اذكر هنا عدة طرق لزراعة النخيل، لم نكن نعرفها سابقاً، يمكن الآن زراعة فسائل النخيل من خلال وضع الفسائل في سنادين بلاستيكية بها فتحات بالأسفل داخل حديقة او على سطح المنزل وتحت ظل، ويتم سقيها بشكل متواصل، خلال خمس أشهر تخرج لها جذور، بعدها يمكن نقلها من السنادين إلى الأرض المخصصة للزراعة وتكون نسبة الانبات بنسبة ١٠٠%، بل وجدت طرق جديدة، منها وضع فسائل النخيل في أواني بالعراق نسميه سطل يملىء بالماء، مع وضع مادة تباع لدى أصحاب محلات المشاتل تسمى المجذر، وكل شهرين أو ثلاثة اشهر يتم استبدال المياه، مع إضافة بعض الفيتامينات مع المياه خلال عام تكبر الفسيلة وتصبح لها جذور ويمكن بيعها او زراعتها في البساتين، بل وجدت طريقة جديدة قبل فترة قصيرة، يتم لف الفسيلة بكيس نايلون ويتم وضع ماء مع مادة مجذر على اسفل الفسيلة ويترك مدة سنة داخل الحديقة، تخرج لها جذور وتصبح جاهزة للزراعة، بل وجدت طرق يتم تجذير الفسائل قبل قلعها من النخلة الأم، من خلال لف بلاستك ووضع تراب على الفسائل المتصلة بالنخلة الأم مع سقي متكرر، خلال ثلاثة أشهر تخرج جذور ويمكن قلعها وغرسها وبنجاح ١٠٠%، وجدنا طرق زراعة النخيل من خلال النواة والتي تسمى بالعراق في الفصم، من خلال وضع النواة في سندان صغير وتسقى بشكل يومي خلال شهر تنبت، وتحدث مهندسين زراعيين من خلال تجارب اجروها ان زراعة ١٠٠ نواة تكون النتيجة ٦٠ نواة انثى تحمل تمر و ٤٠ ذكر والستين أنثى تكون ١٥ نخلة مثل الأم و ١٥ نخلة افضل من النخلة الأم و ٢٥ نخلة تعطي ناتج في الوان مختلفة تسمى في الغاباني او الدكل، و ٥ نخلات من نوعية رديئة، بل وجدت طرق تحويل جنسي مشابهة لتحويل بعض الرجال من البشر من ذكر إلى انثى، وهم بكثرة في مجتمعاتنا البشرية يسموهم الجندر والبعض يسميهم النوع الإنساني المجتمعي لاعتبارهم شريحة مهمة بالمجتمعات الانسانية، نعم أصحاب الخبرة من المزارعين الذين اكثروا النخيل من خلال زراعته من النواة الفصم طريقة بتحويل ذكر النخيل إلى أنثى يمكن معرفة ذلك من خلال مواقع اليوتوب، كل شيء بات معروف وفي متناول اليد من خلال الشبكة العنكبوتية الانترنتية، لم يبق سر مخفي.
ثورة الاتصالات احدثت
تغيرات كبيرة في كل نواحي الحياة، وغيرت الكثير من طرق تعامل الدول والشركات والمنظمات والمؤسسات، والاجهزة الأمنية والاستخباراتية والمخابراتية الدوليّة.
هذه الأجهزة الدولية المتعددة في كل مجالات الحياة من بيع وشراء وعمل استفادت من الحضور البشري التفاعلي والكثيف على منصّات التواصل الاجتماعي العالميّة.
أصبح وجود الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بكل دول العالم، واقع على الارض، وبات حاجة ملحة ومهمة للحياة البشرية، لذلك حتى دول البداوة اضطرت لإدخال الانترنت للمواطنيها، لكن دول البداوة استعانت بخيرات أجهزة أمنية دولية للتجسس على مواطنيها، وتم اعتقال واعدام الكثير من المواطنين العرب بدول البداوة بسبب تغريدة كتبت بمواقع التواصل الاجتماعي، المتابع والمتصفح لمواقع التواصل يجد تواصل مابين البشر من مختلف دول العالم، من خلال شبكات التواصل للتفاعل المباشر.
بل حتى الصفقات السياسية التي يعقدها الساسة خلف الابواب، يمكن لصحفي وكاتب واحد يفسد تلك الاتفاقات من خلال كشفها بمواقع التواصل الاجتماعي، لذلك بات كشف الصفقات السرية عامل يقلق الساسة ويفشل عليهم توقيع الصفقات البينية، بعيدا عن أنظار ومسمع الجماهير.
بل بسبب الخطاب التحريضي عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، سبب حدوث مشاكل سياسية بين دول لديها صراعات سياسية وايدولوجية ودينية ومذهبية وقومية.
بسبب تغريدة من سياسي ضد دولة اخرى، التغريدة تسبب بقطع علاقات، أو استقالة مسؤول، وغير ذلك من التداعيات، دول تستعمل الضغط الاقتصادي لاجبار دول أخرى على اقالة وزير بسبب انتقاده دولة تملك الاموال، ولنا بقضية اقالة الوزير اللبناني السيد جورج قرداحي الذي قال كلمة حق وصف حرب اليمن بالحرب العبثية، النتيجة أصحاب المال ضغطوا على الحكومة اللبنانية لاقالة الوزير الإنساني صاحب كلمة الحق الاستاذ جورج قرداحي.
أخطر ما في الشبكات الاجتماعية أنها باتت في متناول الشعوب العربية التي يغلب عليهم ثقافة التفاهة والسذاحة، لذلك هؤلاء تسيطر عليهم طبقات ساسة ومثقفين من ساسة التفاهة فهؤلاء الحمقى والمجانين ينشرون الأكاذيب والشائعات لكي يضعف بعضهم البعض الآخر.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
8/10/2023
https://telegram.me/buratha