التقارير

إساءة معاملة الطلبة في المدارس مشكلة تتطلب إعادة تسليط الضوء عليها


ذي قار - علي عبدالخضر

لا زال العنف ضد الأطفال يمارس في المدارس من قبل المعلمين ، رغم ما تصدره وزارة التربية من قرارات وتوصيات متتالية تمنع بموجبها توجيه الإساءة للطلبة ، وبرغم الاستهجان والتحذيرات المتكررة التي تطلقها وسائل الإعلام المختلفة ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية . ويتخذ هذا العنف أنماطا مختلفة كالضرب أو التوبيخ بألفاظ جارحة وتوجيه الاهانة والتحقير والتخويف .

ما سمعته من التلاميذ الذين تعرضوا لسوء المعاملة إنهم أصبحوا يكرهون المدرسة بسبب القسوة والعصبية التي يتعامل بها بعض الأساتذة معهم . أما أولياء الأمور ، واغلبهم لا يتقدم بشكوى رسمية لاحترامهم الشديد للعملية التربوية وخشيتهم من أن تأخذ المشكلة حجما اكبر ، سمعت منهم حالات الإحباط والقلق التي يشاركون بها أبنائهم جراء سوء المعاملة من قبل بعض المعلمين كالتجاهل أو الضغوط التي يمارسونها من خلال تكثيف الدروس والامتحانات بشكل غير ملائم القصد منه توجيه عقوبة للطلبة ، أو التنفيس عن مشاعر غير ودية تجاههم .

احد أولياء الأمور اخبرني عن حالة احد المعلمين الذي ضرب ابنه الطالب في السادس الابتدائي ضربا عنيفا مبرحا للغاية ، ولسبب تافه لا يستحق كل هذه القسوة .

أما رأي اغلب الأساتذة ، وللغرابة ! دافعوا أحيانا عن استخدام العنف الموجه للطلبة بالحدود البسيطة ! مبررين سبب ذلك بان كثير من الطلبة أصبحوا مشاغبين ومتعبين ، وإذا تساهلوا معهم يسببون الفوضى .

النتائج والمخاطر السلبية لسوء معاملة الطلبة :

لقد عد كثير من الباحثين والدارسين أن العنف الموجه للتلاميذ والطلبة في المدارس له تداعيات غير ايجابية تربوية ونفسية واجتماعية واقتصادية بالنسبة للفرد أو المجتمع ، مؤكدين أن كثير من حالات التسرب من مقاعد الدراسة وما تجلبه من مخاطر هو بسبب العنف الموجه ضدهم وسوء المعاملة من قبل الأساتذة .

كما أن مشاكلا وآثارا نفسية سيئة على شخصية الطفل قد ترافقه إلى فترات قادمه من حياته بسبب تعرضه للإساءة ، ويفقد التوافق مع بيئته ، وربما يكون إنسانا ضعيف الشخصية مترددا غير قادر على اتخاذ قرارات مهمة في حياته ومستقبل عمله ، أو يكون شخصا عدوانيا متطرفا .

ويسبب العنف الموجه ضد الأطفال ، وهم أعظم ثروة لمستقبل الأمة ، ضمور مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية ، وبالتالي يؤثر على مستقبل البلد الذي هو بأمس الحاجة إلى إعادة بناء يقوم بها رجال متعلمون أقوياء ناضجون ومبدعون ، نشاوا في مدارسه نشأة سليمة .

أسباب المشكلة ومعالجتها :

إن الثغرات الموجودة في المنظومة الثقافية والقيمية بشكل عام في مجتمعنا التي سببتها الأحداث المأساوية التي مر بها العراق على مدى عقود من الزمن وما ألقته بظلالها الكريهة على شخصية ومزاج الفرد العراقي وميله للعصبية والعنف ، قد أنتجت مستوى ثقافيا غير جيد ، ونظاما تربويا هشا . أضف إلى ذلك أن هناك مبررات اجتماعية تجيز استخدام الضرب بحجة تربية التلاميذ وتعليمهم والحفاظ على حسن أخلاقهم .

تتطلب معالجة هذه المشكلة الشعور الجاد بمخاطرها التي تجعل من الأطفال الأبرياء ضحية لها لا بد من الإصرار على إنقاذهم من خلال تضافر جهود المؤسسات الإعلامية و التربوية والمعنية بالأطفال والطلبة ، الرسمية وغير الرسمية ، وكذلك الأسرة والمجتمع ، وإعادة تفكيك بعض المفاهيم والقيم الخاطئة السائدة التي تبرر استخدام القسوة ضد الأطفال ، وإعادة إشاعة وتركيز ثقافة حقوق الطفل ، ومفاهيم جديدة مبنية على أسس تربوية علمية وموضوعية ، ومتابعة ورصد حالات انتهاك القوانين التي تمنع ضرب الطلبة وسوء معاملتهم ، ومعالجة هذه الحالات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبدالله المياحي
2010-10-08
نطالب ببناء مدارس خاصة للمعلمين لكي يتم فيها اعادة سنواتهم الدراسية في المعاهد والكليات..تصور أخي العزيز علي عبد الخضر . ان ما يسمون بالمرشدين التربويين هم بحاجة الى تربية..ثم ان المعلم او المدرس هو ابن هذا المجتمع المعقد المزدوج في افكاره والذي هو نتاج الحضارة الصدامية والتراث البعثي بل هو ابن المتدينين أهل العمائم المزيفة ..يا أخي المسألة ليست قضية سلوك المعلم انما القضية قضية مجتمعنا المنهار بكل مؤسساته وعناصر تكوينه..انا لست متشائم انما اتحدث من شدة الألم على شعب مجنون لم يستدل على طريقه بعد
ابو احمد
2009-12-08
اعتقد ان اساءة معاملة الطلاب ناتج عن عقد نفسية لدى من يسمون الاساتذة لانه شرعا لايجوز ضرب الطالب الا للتاديب على ان يكون الضرب غير مبرح ولكن على مستوى الواقع نجد ان الاساتذة بل وحتى الاباء لا يلتزمون بالشريعة بل من منا لايعرف كم من الطلاب تركوا مقاعد الدراسة بسبب سوء المعاملة وبالتالي لابد من وضع ضوابط تاديبية سواء للطالب او الاستاذ لمن يسىء التصرف
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك