الفكرية / وكالة أنباء براثا
عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري ويسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء ، يعتبره الشيعة يوم عزاء لاستشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ابن فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في واقعة كربلاء ، ويعتقد أهل السنة والجماعة أنه اليوم الذي نجّا الله فيه موسى وقومه من آل فرعون، ويعتقدون بأن نبي الله موسى صام ذلك اليوم للإعراب عن الامتنان لله لتحرير قومه من سيطرة فرعون وأتباعه. وبحسب المصادر الإسلامية السنية فان رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) قد صام ذلك اليوم وأمر الناس بصيامه، ويقارن ذلك بـ (يوم كيبور) في التراث اليهودي وسنتظرق تفصيلا عن هذا الموضوع في الأسطر القادمة من البحث .
يوم عاشوراء
كلمة عاشوراء تعني ببساطة العاشر في اللغة العربية ، ومن هنا تأتي التسمية ، وإذا ما تم ترجمة الكلمة ترجمة حرفية فهي تعني "في اليوم العاشر". أي اليوم الواقع في العاشر من هذا الشهر "محرم" ، وعلى الرغم من أن بعض علماء المسلمين لديهم عرض مختلف لسبب تسمية هذا اليوم بعاشوراء إلا أنهم يتفقون على أهمية هذا اليوم.
أهمية يوم عاشوراء عند المسلمين من أهل السنة والجماعة
وفقاً للحديث فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومُه. فلمّا قدِم المدينة صامَه، وأمرَ الناس بصيامِه فلمّا فُرِض رمضانُ قال "مَنْ شَاءَ صامَه ومَنْ شَاءَ تَرَكَه". وتنقل بعض كتب السنة أن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم صامه عندما علم يهود المدينة يصومونه فقال -عليه الصلاة والسلام- (فأنا أحق بموسى منكم) كما جاء في حديث ابن عباس قال: قدم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ( ما هذا ) ؟ قالوا: هذا يوم صالح ، هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال: (فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه) رواه البخاري (1900) ، ويروى أنّ صوم يوم عاشوراء بَقِيَ مندوبًا كسائر الأيام التي يُنْدَب فيها الصِّيام، ولم يكن يَأْبَهُ له أحدٌ من المسلمين بأكثرَ من أنّ الصِّيام فيه له فضله الذي وَرد فيه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما رواه مسلم "يُكَفِّر السَّنة الماضيةَ" وجرى الأمر على ذلك في عهد الخُلفاء الراشدين ، حتى كان يومُ الجمعة العاشِر من المحرّم سنة إحدى وستين من الهجرة، وهو اليوم الذي استُشهِد فيه الامام الحسينُ بن علي بن ابي طالب عليهما السلام في كَرْبِلاء، فدخل يوم عاشوراء التاريخَ مرّة أخرى من باب واسع . فرأى الرسول صلى الله عليه واله وسلم اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ( فأنا أحق منكم ، فصامه وأمر بصيامه ).
الاكتحال في يوم عاشوراء ؟
(من اكتحل يوم عاشوراء سلمت عيناه طول عمره) . يجب الانتباه كيف أن قتلة الحسين عليه السلام) وضعوا الأحاديث في الفرح بيوم عاشوراء : قال العجلوني في كشف الخفاء : 2 / 234 : ( 2410 - من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه . ويروى عيناه أبدا ، رواه الحاكم والبيهقي في شعبه ، والديلمي ، عن ابن عباس ، رفعه . وقال الحاكم : منكر ، وقال في المقاصد : بل موضوع . وقال في اللآلئ بعد أن رواه عن ابن عباس من طريق الحاكم : حديث منكر والإكتحال لا يصح فيه أثر فهو بدعة ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات . وقال الحاكم أيضا : الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر ، وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وقبحهم . نعم رواه في الجامع الصغير بلفظ : من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ، قال المناوي نقلا عن البيهقي : وهو ضعيف بالمرة . وقال ابن رجب في لطائف المعارف : كل ما روى في فضل الاكتحال والإختضاب والاغتسال فيه موضوع لم يصح).
وأصل الاكتحال وكل الفرح بعاشوراء وصومه شكرا بدعة من يزيد بن معاوية وابن زياد !
قال البكري الدمياطي في إعانة الطالبين : 2 / 301 : ( وأما أحاديث الاكتحال إلخ . . في النفحات النبوية في الفضائل العاشورية للشيخ العدوي ما نصه : قال العلامة الأجهوري : أما حديث الكحل ، فقال الحاكم : إنه منكر ، وقال ابن حجر إنه موضوع ، بل قال بعض الحنفية : إن الاكتحال يوم عاشوراء ، لما صار علامة لبغض آل البيت وجب تركه. قال : وقال العلامة صاحب جمع التعاليق : يكره الكحل يوم عاشوراء ، لأن يزيد وابن زياد اكتحلا بدم الحسين هذا اليوم ، وقيل بالإثمد ، لتقر عينهما بفعله ) !
أن الغرض من استشهادنا بالإكتحال أن نبين كيف كشف العجلوني وأمثاله ما وضعه أئمتهم ورواتهم ورحم الله الدمياطي الذي كشف فعل يزيد بن معاوية الذميم بالإكتحال من دم الحسين عليه السلام ، وفاتهما أن العديد من فقهائهم عمل بالإكتحال وما زالت فتاواهم في مصادركم الفقهية ( والإكتحال ما هو إلا مفردة من مفردات العيد الأموي الذي بقي منه في فقهكم استحباب صوم عاشوراء ، مع عنصر العيد ، ولبس الحلي ، والتوسعة على العيال ، والشكر على نجاة اليهود) . إلى هنا انتهى.
يوم عاشوراء عند المسلمين من المذهب الشيعي:
في يوم عاشوراء عام 61 للهجرة استُشهدَ الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الذي ضحّى بكل شيء عنده ، حتى بطفله الرضيع ، من اجل استقامة الدين الذي خرقه يزيد بن معاوية ابن ابي سفيان ومن اجل الدفاع عن الحرية والكرامة والحقوق التي يتمتع بها كل الناس بالتساوي، بغض النظر عن دينهم ومعتقدهم واتجاهاتهم الفكرية ، حيث نصب يزيد نفسه أميراً للمؤمنين ظلماً ، وكان معروفاً بتجاهره بشرب الخمر وفسوقه الواضح باتخاذ مجالس الطرب والغانيات واللعب مع القرود والفهود وبذخ الأموال الطائلة عليها ، فقال الإمام الحسين قولته الشهيرة (إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني).
وبذلك تحول الإمام الحسين عليه السلام باستشهاده إلى رمز لقيم الحرية والعدالة والكرامة والمساواة وحقوق الإنسان، ولذلك تاثرت به كل الطوائف والاديان وحتى الهندوس ، وتحولت عاشوراء إلى يوم تاريخي خالد يرمز إلى نضال الإنسان من اجل حريته وإرادته، وهو اليوم الذي شهد انتصار المقتول على قاتله، والمهزوم عسكريا إلى منتصر خالد ، وانتصار الدم على السيف.
فتجتمع حشود كبيرة من المسلمين من المذهب الشيعي ويقيموا مراسم العزاء تخليداً لهذا اليوم، حيث تبدأ بليلة الحادي عشر من المحرم والتي تعرف بليلة الغربة أو الوحشة كونها أول ليلة باتت عائلات الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه بدون رجالها وشبابها، حيث يتم إقامة المأتم على شهداء واقعة الطف بكربلاء. ويقوم المشاركون بإضاءة الشموع وقراءة المراثي واللطم تعبيراً عن ولائهم المطلق لصاحب المصيبة والسير على نهجه. ويقوم البعض بتمثيل الواقعة و ماجرى بها من أحداث أدت إلى مقتل الإمام الحسين عليه السلام. فيتم حمل السيوف و الدروع ويقوم شخص متبرع بتمثيل شخصية الإمام الحسين عليه السلام و يقوم شخص أخر بتمثيل شخصية القاتل الذي قام بقتله. حيث يتم تجديد البيعة لثار الله (ثأر الإمام الحسين) مؤكدين استمرار المواجهة بين الحق والباطل على مر التاريخ.
والسبب في إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السَّلام) يعود لأمور كثيرة نُشير إلى أهمها بإختصار كالتالي:
• إن الحسين (عليه السَّلام) ليس كغيره من الشهداء ، حيث أن منزلته أرفع بكثير عن منزلة سائر الشهداء ، فهو خامس أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً كما جاء في كتابه الكريم والسنة النبوية .(صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل الحسن والحسين ص 287 ج 5 ط دار الشعب).
• إن الهدف الذي استشهد من أجله الإمام الحسين (عليه السَّلام) هو نفس الهدف الذي سعى لتحقيقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضحَّى في سبيله ، فالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي غرس شجرة الإسلام و الحسين هو الذي سقى هذه الشجرة بدمه و دماء أنصاره ، فالإسلام محمدي الوجود و حسيني البقاء ـ كما قيل ـ و لولا تضحية الإمام الحسين (عليه السَّلام) لما بقي من الإسلام شيء ، وخير دليل على ذلك قول الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ((حسين مني و أنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً))، أي إن الحسين عليه السلام هو امتداد لدين الله وشريعته ورسالة الحسين هي امتداد لرسالة السماء رسالة نبي الرحمة وهذا الحديث موجود في كل كتب الصحاح إشارة إلى ما ذكرنا .
• إن إحياء ذكرى الامام الحسين (عليه السَّلام) إنما هو إحياء لقضية الإسلام والأمة ، و إحياء لذكرى كل شهيد ، و انتصار لقضية كل مظلوم .
ثم إن الأهم في هذا المجال هو أن قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وفعله حجة علينا ، و الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي علَّمنا إحياء هذه الذكرى الأليمة ، بل تولَّى إحياءها و حَثَّ عليها حتى قبل حدوثها نظراً لأهميتها.
فقد اتفقت كتب الحديث و الرواية سواء كانت من مؤلفات الشيعة أو من مصنفات إخواننا السنة على أن جبرئيل قد أوحى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بنبأ مقتل الإمام الشهيد الحسين (عليه السلام) ومكان استشهاده .
قال العلامة السيد محسن الأمين العاملي : ذكر الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي في كتابه " أعلام النبوة " صفحة : 83 طبع مصر ، قال :
ومن إنذاره (صلى الله عليه وآله وسلم) ما رواه عروة عن عائشة قالت : " دخل الحسين بن علي (عليه السَّلام) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و هو يوحى إليه ، فبرك عل ظهره و هو منكب و لعب على ظهره . فقال جبرئيل : يا محمد ، إن أمتك ستفتن بعدك و تقتل ابنك هذا من بعدك ، و مدَّ يده فأتاه بتربة بيضاء ، و قال : في هذه الأرض يقتل ابنك ـ اسمها الطف ـ . فلما ذهب جبرئيل خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أصحابه و التربة في يده ، وفيهم أبو بكر و عمر و علي و حذيفة و عمار و أبو ذر و هو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، و جاءني بهذه التربة ، فأخبرني أن فيها مضجعه ، وسلمها الى ام سلمة وقال : عندما تصبح حمراء فاعلموا ان الحسين قد قتل.
ثم يضيف السيد محسن العاملي على ذلك بقوله :
أقول: و لا بُدَّ أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكي لقتل ولده وتربته بيده ، وأخبرهم بما أخبره جبرئيل من قتله ، وأراهم تربته التي جاء بها جبرئيل ، قد أخذتهم الرقة الشديدة فبكوا لبكائه و واسوه في الحزن على ولده ، وذلك مما يبعث على أشد الحزن والبكاء والمواساة مع النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا أول مأتم أقيم على الإمام الحسين (عليه السلام) يشبه المأتم التي تقام عليه الان، و كان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمستمعون أصحابه .
وأما بالنسبة إلى اللطم و ضرب الصدور والتي سيتم ذكر تفسيراتها ومصادرها فيما ياتي فهي ممارسة تعبِّر عن شدة تأثر الموالين لأهل البيت (عليهم السلام ) بحادثة الطف الأليمة و نوع من أساليب الاستنكار المستمر للظلم الذي لحق بهذه الصفوة الطيبة من آل الرسول المصطفى (صلى الله عليه و آله وسلم) .
لمن يدعي أن يوم عاشوراء يوم فرح وسرور:
وجواب على من يدعي أن صيام يوم عاشوراء هو المستحب شكرا لله الذي نجّا نبي الله موسى عليه السلام من فرعون :
أولاً: القول بأن الله نجّا نبيه موسى من فرعون في يوم عاشوراء فهذا غير صحيح والسبب في ذلك أن نبي الله موسى عاش في عهد الفراعنة «الفرعون هو أمنحوتب الثالث من فراعنة الأسرة الثامنة عشر» والذي يعود إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، فمن أين عرف اليهود القادمون للرسول أن النجاة كانت يوم عاشوراء ؟ وهل كان الفراعنة أساساً يعرفون يوم عاشوراء؟
ليس هناك أي تاريخ مدون للفراعنة مذكور فيه كلمة «عاشوراء» إذا أن أسماء الأيام والأشهر الفرعونية ليست عربية في الأصل، وإنما أسماء فرعونية باللغة الهيروغليفية والأشهر مرتبة كالتالي: توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونه، أبيب، مسرى، وهي أسماء السنة القبطية المعروفة في مصر والتي استخدمها الفراعنة لضبط مواسم الزراعة، وهي أيضاً أسماء لآلهة عند قدماء المصريين. ثم أن التقويم لدى المصريين القدماء مرتبط بظهور نجم في الشمال في فجر أول أيام فيضان النيل يعرف بنجم الشعرى اليمنية أو sirius، بينما التقويم الهجري يعتمد أساساً على دورة القمر التي تقابل الدورة الشمسية، لذا فإن العام الهجري أقل من العام الميلادي بأحد عشر يوماً، فهل من المعقول أن يستمر التقويم على ما هو عليه من أيام الفراعنة إلى عهد الرسول دون أن يتقدم يوم أو يتأخر يوم، فضلاً إنه لم يكن هناك «عاشوراء» لدى الفراعنة ثم أن التقويم الهجري يعود إلى عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وهو أول من بدأ التأريخ للأشهر القمرية بهجرة من مكة إلى المدينة، إذ جعل هجرة الرسول أول التقويم الإسلامي، وكان ذلك عام 622 ميلادية، وقد كان ذلك يوم الأول من المحرم من العام الهجري يقابل السادس عشر من يوليو عام 622 من الميلاد، ولا يخفى أحد أن أسماء الأشهر العربية كانت معروفة لدى العرب وليس الفراعنة، وما سمي محرم بهذا الاسم إلا لأنه العرب حرموا فيه القتال، فلا يعقل أن يكون هناك يوم «عاشوراء» لدى الفراعنة يصادف زمنياً «عاشوراء» من شهر محرم لدى العرب. إضافة إلى أن التقويم اليهودي العصري والذي يرجع تصميمه إلى سنة 359 للميلاد في موسم الخريف في سبتمبر أو مطلع أكتوبر حسب التقويم الميلادي وتكون أسماء الأشهر وترتيبها كالتالي:
تشريه: 30 يوما
حشفان: أو حشوان، 29-30 يوما
كسليف: أو كسلو، 29-30 يوما
طيفيت: أو طيبت، 29 يوما
شفاط: أو شباط، 30 يوما
آدار: 29 يوما
نيسان: 30 يوما
إيار: 29 يوما
سيفان أو سيوان، 30 يوما
تموز:29 يوما
آب:30 يوما
إيلول: 29 يوماً
وصحيح أن رقم عشرة العربي يلفظ باللغة العبرية «عيسير» إلا أن هذا موضوع مختلف، فنحن نتكلم عن عهد النبي موسى الذي عاش في عهد الفراعنة كما أسلفنا، وكانت لغتهم هيروغليفية وليست عبرية. وعلى من يعتقد بأن الله نجّا النبي موسى أن يخبرنا في أي شهر فرعوني على الأقل نجّا الله النبي موسى من بطش فرعون؟ فلا يصح أن نذكر يوماً بالرقم ونقول «العاشر» وهو غير منسوب لشهر محدد. حيث أن عاشوراء سمي بذلك لأنه يوم العاشر من محرم، ألا يمكن أن يصادف عاشوراءنا العاشر من بابه أو أمشير أو أبيب من الأشهر الفرعونية؟ ويكون بذلك العاشر من صفر أو ربيع أو حتى رمضان المبارك. ولا تنس اختلاف التوقيت كل عام بين التقويم العربي والتقويم الغربي، والفرق بين التقويمين فقط 579، فهل من المعقول أن يتوافق التقويم الهجري مع الفرعوني الذي يفرقه بـ 4579 سنة تقريباً؟!
وللمعلومية أن التحول من التقويم الفرعوني المرتبط بحكم الفراعنة جاء مع اعتلاء الإمبراطور الرومانى دقلديانوس للعرش عام 284 ميلادية عندما قرر المسيحيون في مصر اعتبار هذا العام بداية لتقويم جديد يعرف بتقويم الشهداء، نظرا لأن عهد دقلديانوس شهد اضطهادا واسع النطاق للمسيحيين.
ثانياً: إذا كان الرسول قد وقف مع اليهود وقفة إنسانية نبيلة وواساهم في من نجا من بطش فرعون.، فجميل ، ولكن ألم ينجي الله نبينا محمد من كيد الكفار ليلة مبيت الإمام علي في فراش النبي؟ ألم ينجي الله النبي من كيد قريش يوم لجأ الرسول لغار " ثور" لينجو وصاحبه من مكر قريش؟ أليس أولى بالمسلمين أن يتخذوا هاتين المناسبتين ذكرى جميلة يحيونها بالشكر؟ فالأولى أن نفرح لنجاة نبينا أكثر من نجاة النبي موسى ، وما ولادة النبي إلا فرحة كبيرة للأرض والسماء، فلماذا يحرم علينا أن نفرح بمولده؟ ثم لماذا لم يصم النبي يوم نجّا الله نبيه إبراهيم «أبو الأنبياء» من نار النمرود، أو نبيه نوح من الطوفان، أو يوم رفع النبي عيسى للسماء، وباقي الأنبياء من المصائب الهالكة التي أصابت أقوامهم ؟ لماذا خص النبي محمد النبي موسى فقط بهذه المناسبة وهو ليس أفضل من غيره من الأنبياء ؟
وبما أن المذهب السني يعمل بالقياس عند بعض الفقهاء، فلماذا لا يقاس ما فعله الرسول من أنه صام عاشوراء كما فعلت اليهود «كما يقال»، لماذا لا يقاس بذلك أن نبارك على الأقل لليهود بأعيادهم وللنصارى بمولد المسيح ؟ وهاتان مناسبتان سعيدتان ، فلنفرح معهم ونشاركهم أعيادهم، والقول بأن الرسول نهى عن التشبه بالكفار يدحره ما قام به من صيام عاشوراء حسب الاعتقاد عندكم كما تصومه اليهود، فهو لم يبارك لهم فقط ، بل فعل كما فعلوا، ومعاذ الله أن يفعل ذلك وهو رسول الدين الكامل الذي لا ينقصه شيء ليكمله من ديانات أخرى ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾.
ولا أظن أن المعتقد بهذا الأمر يغفل أن الرسول نهى عن صيام يوم السبت مفرداً لأن اليهود تصومه وتعظمه ، فلماذا صام عاشوراء مفرداً وهو يوم تعظمه اليهود أيضاً ؟
ثم أن اليهود في العالم اليوم لا يصومون يوم عاشوراء، بل إنهم لا يعرفون ما هو عاشوراء أصلاً لأنهم معنيون بالتقويم الغربي وليس الهجري، فهل يستشهد بكتب اليهود بأنهم يصومون عاشوراء لإثبات صحة هذا المعتقد وهل أن الاستشهاد بكتبهم جائز؟
وروي الشيخ الصدوق عن جبلة المكية قولها : سمعت ميثم التمار (قدس الله روحه)(احد خلص أصحاب الإمام علي عليه السلام) يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره أعلم ذلك بعد عهده إلي مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولقد أخبرني انه يبكي عليه كل شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء، ويبكى عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنو الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات والارضين ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دما ورمادا. ثم قال:
وجبت لعنة الله على قتلة الحسين (عليه السلام) كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس. قالت جبلة: فقلت له يا ميثم فكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) يوم بركة؟ فبكى ميثم رضي الله عنه ثم قال:
يزعمون لحديث يضعونه انه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة ويزعمون انه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود وإنما قبل الله عز وجل توبته في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت وإنما أخرج الله عز وجل يونس من بطن الحوت في ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون انه اليوم الذي فلق الله تعالى فيه البحر لبنى إسرائيل وإنما كان ذلك في ربيع الأول ثم قال ميثم: يا جبلة، اعلمي إن الحسين بن علي (عليه السلام) سيد الشهداء يوم القيامة ولأصحابه على سائر الشهداء درجة، يا جبلة إذا نظرت السماء حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيد الشهداء الحسين قد قتل. قالت جبلة فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ وبكيت وقلت: قد والله قتل سيدنا الحسين عليه السلام.
ثالثاً: يقال أن البكاء على الشهيد الحسين منهي عنه في الشريعة الإسلامية وأن عمل ذلك يعتبر من البدع والخرافات. وادناه بعض الأحاديث الواردة في البكاء على الحسين قبل ويوم وبعد استشهاده:
• عن عبد الله بن نُجَي عن أبيه أنه سار مع عليٍّ وكان صاحب مِطْهَرَتِهِ، فلمَّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين، فنادى عليٌّ:اِصْبِر أبا عبد الله، اِصْبِر أبا عبد الله بشط الفرات. قالتُ: وما ذاك؟ قال: دخلتُ على النبي ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: "بل قام من عندي جبريل قبل، فحدَّثني أن الحسين يُقتل بشطِّ الفرات. قال: فقال: هل لك إلى أن أُشمَّك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمدَّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عَيْنَيَّ أن فاضتا.
• أمطرت السماء يوم شهادة الحسين دما، فأصبح الناس وكل شيء لهم مليء دماً، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت، وأن هذه الحمرة التي تُرى في السماء ظهرت يوم قتله ولم تُر قبله.
• لم تبكِ السماء إلا على اثنين: يحيى ابن زكريا، والحسين، وبكاء السماء: أن تحمر وتصير وردة كالدهان
• حدثنا أحمد بن إسرائيل قال رأيت في كتاب أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله بخط يده أن أسود بن عامر بن عبد الرحمن بن منذر عن أبيه قال: كان حسين بن علي يقول (من دمعتا عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة أثواه الله عز وجل الجنة).
والأحاديث الواردة في هذا الشأن كثيرة سنعرضها في الفقرات التالية ، فلماذا يحرم البكاء على الحسين والرسول بكى الحسين بدمع تفيض منه عيناه ، لقد أمطرت السماء دماً على الحسين، والبعض يحرم أن تذرف دمعة على الحسين الشهيد.
من هو الإمام الحسين ( عليه السَّلام )
فيما يلي نذكر بعض المعلومات الخاطفة حول الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) :
اسمه و نسبه : هو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) وهو ثالث الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و خامس أصحاب الكساء ، و كذلك خامس المعصومين الأربعة عشر .
ألقابه : سيد الشهداء ، ثار الله ، الوتر الموتور ، أبو الأحرار .
كنيته : أبو عبد الله ، سبط رسول الله .
أبوه : الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
أُمه:سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السَّلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولادته : كانت ولادته ( عليه السَّلام ) بعد عشية يوم الخميس ليلة الجمعة الخامس من شهر شعبان من السنة الرابعة الموافق لـ 9 / 1 / 626 م ، حسب ما توصل إليه البحَّاثة المُحقق آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي (حفظه الله) ، لكن المشهور هو أن ولادته كانت في الثالث من شهر شعبان من تلك السنة أو السنة الخامسة .
محل ولادته : المدينة المنوّرة .
مدّة عمره : 56 عاماً و خمسة أشهر و خمسة أيام تقريباً .
مدة إمامته : عشرة أعوام و عشرة أشهر و أياماً ، و ذلك من شهر صفر سنة ( 50 ) هجرية و حتى اليوم العشر من شهر محرم الحرام سنة ( 61 ) .
نقش خاتمه : إن الله بالغ أمره .
سبب شهادته :
قُتل الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) يوم عاشوراء (العاشر من محرم) لسنة 61 هجرية بأمر من يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله وامتدت هذه الأيادي إلى قتل حتى رضيع الإمام الحسين الذي كان عمره ستة أشهر ، و كذلك مقتل أهل بيته و أصحابه وسبي واسر نسائه وأطفاله بعد ملحمة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً ، ، فسجَّلوا بذلك واحدة من أنبل ملامح الشهادة و التضحية و الفداء . نعم لقد ضحى الإمام الحسين (عليه السَّلام) في حادثة الطف الخالدة بنفسه و أبنائه و خاصة أصحابه من أجل الحفاظ على الدين الإسلامي ، و قابل مخططات طاغية عصره يزيد بن معاوية الذي كان يريد قلع شجرة الدين الإسلامي من جذوره ، وقلب مفاهيمه و أصوله ، فوقف (عليه السَّلام ) بوجه هذا الخطر العظيم و أفشل تلك المُخططات الشيطانية الأثيمة ، و قدم نفسه و أبنائه و أصحابه فداءً للإسلام . وساترك السرد التاريخي للواقعة الى القاريء اللبيب لكي يبحث بنفسه ويكتشف التاريخ المزيف ويعرف من هو الامام الحسين عليه السلام.
مدفنه : كربلاء المقدسة / العراق .
مكانة الامام الحسين (عليه السَّلام) لدى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مصادر اهل السنة:
1. صحيح البخاري : كتاب الأدب ، في باب رحمة الولد و تقبيله و معانقته ، رَوى بسنده عن ابن أبي نعم ، قال : كنت شاهداً لإبن عمر و سأله رجلٌ عن دم البعوض . فقال : ممن أنت ؟ فقال : من أهل العراق . قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض و قد قتلوا ابن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، و سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : هما ريحانتاي من الدنيا .
2. سنن البيهقي : 2 / 263 ، رَوى بسنده عن زر بن حبيش . قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يصلي بالناس ، فأقبل الحسن و الحسين رضي الله عنهما وهما غلامان فجعلا يتوثبان على ظهره إذا سجد ، فأقبل الناس عليهما ينحونهما عن ذلك . قال : دعوهما بأبي و أمي ، من أحبني فليُحبَّ هذين.
3. صحيح ابن ماجه : في فضائل الحسن و الحسين رضي الله عنهما ، رَوى بسنده عن أبي هريرة ،قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب الحسن و الحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني . و رَواه أحمد بن حنبل في مسنده : 2 / 288 .
4. مستدرك الصحيحين : 3 / 166 : رَوى بسنده عن سلمان .قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الحسن و الحسين ابناي ، من أحبهما أحبَّني ، و من أحبني أحبه الله ، و من أحبه الله أدخله الجنة ، و من أبغضهما أبغضني، و من أبغضني أبغضه الله ، و من أبغضه الله أدخله النار . قال : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين.
5. صحيح البخاري : في كتاب بدء الخلق ، في باب مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام ، رَوى بسنده عن أنس بن مالك ، قال : أُتيَ عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن علي عليهما السلام فجعل في طست ، فجعل ينكت ، و قال في حسنه شيئاً . فقال أنس : كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم ، و كان مخضوباً بالوسمة .
6. صحيح الترمذي : 2 / 307 ، رَوى بسنده عن زر بن حبيش عن حذيفة قال : سألتني أمي متى عهدك ؟ تعني بالنبي صلى الله عليه ( و آله ) و سلم . فقلت : ما لي به عهد منذ كذا كذا ، فنالت مني . فقلت لها : دعيني آتي النبي صلى الله عليه ( و آله ) و سلم فاُصلي معه المغرب و أسأله أن يستغفر لي و لك ، فأتيت النبي صلى الله عليه ( و آله ) و سلم ، فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ، ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي . فقال : من هذا ، حذيفة ؟ قلت : نعم . قال : ما حاجتك غفرالله لك و لأمك ؟ قال : إن هذا مَلَكٌ لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علّي و يبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة و إن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة .
7. صحيح الترمذي : 2 / 307 ، في مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام ، روى بسنده عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسين مني و أنا من حسين ،أحب الله من أحب حسيناً حسين سبط من الأسباط .
8. مستدرك الصحيحين : 3 / 176 ، رَوى بسنده عن شداد ابن عبد الله عن ام الفضل بنت الحارث ، إنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة . قال : و ما هو ؟ قالت : إنه شديد . قال : و ما هو ؟ قالت : رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت خيراً ، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك . فولدت فاطمة سلام الله عليها الحسين عليه السلام فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت يوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تهريقان من الدموع . قالت : فقلت : يا نبي الله بأبي أنت و أمي ـ ما لك ؟ قال : أتاني جبريل فاخبرني إن أمتي ستقتل ابني هذا فقلت : هذا ؟ فقال : نعم ، و أتاني بتربة من تربته حمراء قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين .
https://telegram.me/buratha