بقلم: الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
dr-albayati50@hotmail.co.uk
توطئة:
شكل الصراع على الدوام جزءا اصيلا من طبيعة الوجود الانساني على الارض، إذ لا يمكن فصل اختلاف الاراء وتباين الرؤى وتعدد الغايات والاهداف عن سايكولوجية الانسان ومستوياته الادراكية الطبيعية والتي تعرفها الشريعة الاسلامية (بالرشد)، ومن هنا فان اسس الصراع وغاياته تبقى خاضعة للقواعد الايجابية والسلبية منها، وما قتل قابيل لاخيه هابيل (ع) في بداية الوجود الانساني على الارض إلا دليلا على الفهم السلبي للصراع في حين كان رفض هابيل (ع) لبسط ليد لقتال اخيه شكلا سلميا من اشكال المقاومة وهي صورة للعقل الرشيد في ادارة عملية الصراع بما يتناسب وظروف الحدث التاريخي، باعتبار ان العقل الرشيد هو الاقدر على تحقيق معيارية الصراع وطبيعة المقاومة، كما في قوله تعالى: " اليس منكم رجل رشيد". لكن القيمة الحقيقة لقواعد الصراع وفق المفهوم الاسلامي تخضع للمعيارية الالهية ذاتها في تحديد النفسية الفكرية والاجتماعية للافراد والمجتمعات. كما في قوله تعالى: (إن اكرمكم عند الله اتقاكم) فالتقوى كميعارية الهية تتجاوز القيم الانية للوجود الانساني، كما انها لا تخضع للرغبات والاهواء، باعتبار انها ستمثل محاولة لاستنهاض الوعي الجمعي بقيمة التقوى حتى في حالة الصراع والمقاومة، أما عدم ادراك قيمة هذه المعيارية فانه يمثل الجانب السلبي في حركة الوجود قبال التقوى.
إشكاليات مفهوم المقاومة:
يدرك فلاسفة التاريخ معنى المقاومة بانه تفاعل يمثل نتاجا طبيعيا لتراكم حالة الظلم مما يستدعي فكرة ملحة للاصلاح ولتغيير الواقع الاجتماعي والفكري المنحرف عن المسارات الطبيعية للحياة. وهي بالتالي لاتتخذ مسارا واحدا لكنها تندفع نحو تحقيقة غائية تاريخية، وهي بذلك تمتلك حتميتها من وجود الحاجة المستمرة للتغيير.
قد يفهم البعض مقاومة هابيل (ع) السلمية فهما سلبيا، كما فهم البعض الاخر صلح الامام الحسن بن الامام علي (عليهما السلام) فهما سلبيا، متناسين بذلك كل الظروف المحيطة بتجربة المقاومة لكل منهما في قبال الظروف المؤسسة لقيام النهضة الحسينية التي جمعت بين استنهاض الوعي السلمي والوعي بقيمة التغيير حد المواجهة والوعي القتالي العسكري حتى تكرست المقاومة في شهادته على ارض كربلاء (61 هـ). او في ثورة زيد بن الامام علي بن الحسين (ع) وايضا ثورة صاحب موقعة (فخ) الحسين بن علي بن الحسن المثلث (ت 8/ ذو الحجة/ 169، 11/ حزيران/ 786م).
لا شك ان مقاومة هابيل السلمية ومقاومة الامام الحسين عليه السلام بشقيها السلمي والعسكري سعت الى تحقيق ذات الهدف وهو مقارعة الظلم والانتصار للحق الالهي، ولو لم تكن هناك حاجة فعلية للتغيير لما نادى الامام الحسين عليه السلام قائلا: " انما اردت الخروج للاصلاح في امة جدي"، حيث قدم هذا الشعار تعبيرا اصيلا عن هدف المقاومة واسبابها ومنهجها في التغيير.
عناصر المقاومة:
من هنا فان المقاومة كفعل إصلاحي تنطلق من الحاجة الفعلية للتغيير الذي بدونه سيفقد المجتمع قدرته على الاستمرار، غير ان الوعي بحقيقة المقاومة كفعل اصلاحي يحتاج الى تفسير عقلاني لحركة المقاومة من النواحي التاريخية والعقائدية والسوسيولجية، للتاسيس لعقيدة تأصيلية تنبثق من مدارك الحكم الشرعي لفعل المقاومة من جانب، ولتاثيراتها في تحقيق النصر من جانب آخر، وهنا يظهر دور علماء الدين والشباب المتدين في تحقيق هذه العلاقة ولتقديم تفسير عقلاني لها. وفي هذا الجانب من التفكير يقول العلامة الشيخ علي الكوراني: " إن علماء الدين والشباب هم العقبة الاساسية التي تقف في وجه الانظمة غير الاسلامية، وان هذه الانظمة والكفار الذين يساندونها من وراء البحار والجبال لايقض مضاجعهم شيء مثل وجود العلماء والشباب المتدين في الامة، ومن خلفهم بحر جماهيرها المستضعفة " .(1)
لا شك ان التفاعل والترابط التكاملي بين العقل العلمي الرسالي ممثلا برجال الدين والعلماء الفقهاء العاملين وبين حركة المجتمع ممثلة بعنصر الشباب، قد اوجد تناغما انسانيا وفكريا استطاع أن يستنهض الوعي الجماهيري للامة كما حدث في الثورة الاسلامية في ايران 1979م.
هذا التناغم مثل اساسا لتطوير العمل المقاوم في حزب الله، حيث العلاقة الترابطية والتثقيفية تؤكد على تنامي الوعي الشبابي بالمقاومه تناميا مطردا، انعكس على كل العمل المقاوم فقد استطاع حزب الله ان يخرج من اشكاليات التنظيم الحزبي الكلاسيكي والذي لايتفق مع العمل الاسلامي بل انه غير كل القواعد الحزبية التي تبنى عليها الاحزاب المعتادة ليقدم منهجا يعتبر مدرسة واسلوب يستحق ان يتم تدريسه في الاكاديميات العسكرية، فان النمط الحزبي لحزب الله يتجاوز كل الانماط السياسية والعسكرية المعروفة وبالتالي هو يقف على قمة العمل المقاوم في التاريخ الحديث والمعاصر بل ان تجربته العملية لم تظهر امثالها حتى في حرب المقاومة الفرنسية خلال الاحتلال الالماني ولا في مقاومة الحروب الامريكية في فيتنام وكوريا.
إن الاستعداد والتحضير فكريا وماديا ومعنويا والتفاعل الاجتماعي، من اهم اسباب نجاح المقاومة في عملها وقد وضع القرآن الكريم منهجا الهيا في الاستعداد والتحضير هو نهاية الامر في الدقة والوضوح فقال عزوجل:
" وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وانتم لا تظلمون ". (2)
ووفقا لمنهج هذه الاية فعناصر الاستعداد:
أولا: القوة: فمن التبعيضية (من قوة) وقبلها ما الامكانية (ما استطعتم) تدل على اقصى حدود الامكان في الاستعداد، والقوة هنا مفهوم شمولي يدخل في معناه القوة الفكرية، القوة الجسدية، القوة العددية، القوة المالية، القوة السياسية، القوة العلمية والصناعية وغيرها.
ثانيا: رباط الخيل: وهو في كل ما يتعلق بالجانب العسكري من اقامة المعسكرات والقواعد وتجهيزها بالسلاح والعتاد، وخطط استراتيجية و معلومات استخبابراتية وعلمية وصناعات عسكرية والبقاء في حالة استعداد دائم.
ثالثا: الغاية من هذا الاستعداد لأرهاب العدو وإشعاره بأن المسلمين في تحضير واستعداد دائم ولا يمكن للعدو مباغتتهم.
وفي تطبيق فعلي لهذه الاية في المجتمع الاسلامي المعاصر نجد ايران هي الاكثر استعدادا من بين كل الدول الاسلامية التي تتخذ موقفا من الولايات المتحدة وإسرائيل واوربا، وأما حزب الله فهو احد اكبر الامثلة على الاستعداد بل انه يمثل المنهج التطبيقي لهذه الاية.
ومن هنا فان إشاعة فكرة التخلي عن المقاومة والتي روجت لها السياسة الامريكية والاسرائيلية وتبنتها الدول العربية وخاصة ما اسماه الغرب (بدول الاعتدال)، بل حتى أن منظمة التحرير الفلسطينية قد تخلت عن منهجها المقاوم تحت حجة (السلام) واقامة دولة محدودة لاتتمتع بابسط معايير الدولة، ولم تكتفي بذلك بل حاربت كل اطراف المقاومة مثل حزب الله وحماس وعملت مع مصر وبقية الاطراف على تحجيم المقاومة ومنعها من التفاعل وحصر امداداتها بإغلاق المعابر وتدمير الانفاق وغيرها، اما فيما يخص حزب الله فالتحريض الدولي المستمر عبر القرارات الدولية الجائرة.
حزب الله ومفهوم الانتصار:
ادرك حزب الله منذ ان تولى السيد حسن نصر الله قيادته ان الانتصار في اية معركة عملية تراكمية لاتحدث وفق ميكانيكية الفعل الاني ولكن عبر تراكم الخبرة والفعل، ومن هنا ندرك طبيعة الانتصارات التي حققها حزب الله من خلال العمل العسكري او التفاوض المرحلي، فبين هروب العدو من جنوب الارض اللبنانية سنة 2000، الى هزيمته العسكرية والمخابراتية في حرب تموز 2006، الى كشف حزب الله لشبكاته التجسسية هناك انتصارات تتوالى وبمعيارية مرتفعة في كل مرحلة مما يعني استفادة حزب الله من الخبرات المتراكمة وتقوية عناصر المقاومة وتطوير مناهجها بشكل مستمر وقد اشار الكثير من القادة الاسرائيليين الى امكانات حزب الله وقدراته العسكرية المتطورة. مثل قائد سلاح المدرعات (أغاي يحزقيل) وقائد سلاح المظليين (يوسي بخار) وقائد سلاح المشاة (آفي مزراحي). (3)
إن أدراك العدو لقدرات حزب الله وكشف ضعف الداخل الاسرائيلي ساعد على تطوير العمليات العسكرية للحزب وبالتالي منح مقاتليه ثقة اكبر في تحقيق اهدافهم. في المقابل فان تقارير امريكية (4) اشارت الى ان اسرائيل ستحتل قطاع غزة واجزاء مهمة من لبنان في اي حرب قادمة اضافة لخططها لضرب سوريا باعتبارها الممول الاول لسلاح حزب الله. (4)
حزب الله والتحضير لعصر الظهور المبارك:
أن نعيش تاريخيا مراحل عصر ما قبل الظهور المبارك للامام المهدي عجل الله فرجه فهي قضية تستحق ان تحتل مساحة واسعة في تفكير العقل المسلم خاصة اتباع أهل البيت عليهم السلام، أما ان نصبح جزءأ اصيلا أو تفاعليا مع حركة عصر الظهور فهذا بالتأكيد يؤكد قيمة التغيير الكبير الذي سعت المقاومة الى احداثة وهي عملية لاتخرج عن الامداد المهدوي للفعل امدادا مباشرا مرة وغير مباشر مرة اخرى.
كنت قد ذكرت في بحوثي السابقة في فلسفة نهاية التاريخ ان الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بمعارك الحرب العراقية الايرانية (1980-1988م)، فالحرب العالمية الثالثة لا تشبه بقية الحروب ولن تشبهها، وهي عدد كبير من المعارك تحتل مساحة زمنية وجغرافية كبيرة، وما يقوم به حزب الله في هذه المرحلة ما هو إلا جزءا من ذاك التفاعل التحولي في حركة التاريخ. من جانب آخر فان القاريء العقلاني لجهاد حزب الله والتزامه العقائدي وتنظيمه الاجتماعي والعسكري والفكري والاقتصادي يدرك ان ما يقوم به حزب الله إنما يشكل منظومة متكاملة لا تنفصل عن الامداد المعصوم لها سوار ادركنا طبيعة هذا الامداد أو لم ندرك، بل ان انتصارات حزب الله العسكرية والسياسية تضع الموقف في الترتيب المنطقي لطبيعة الامداد الالهي والمهدوي، فلا يمكن لمجرد جماعة صغير مثل حزب الله ان تكتسب تلك القوة المادية والمعنوية وان تحدث تغييرا عميقا في حركة التاريخ المعاصر في مواجهتها مع اسرائيل ومن ورائها السياسة والقوة العسكرية الامريكية بكل ما تعنيه من نظم تعبوية واستعباراتية ومعلوماتية وخطط استراتيجية واسعة. فما حققه حزب الله من انتصارات في مواجهته المستمرة لم تستطع الحروب العربية الثلاث (1948، 1967، 1973م) من تحقيقه ففي تلك الحروب خسرت البلاد العربية مساحات جغرافية كبيرة من فلسطين وسوريا ومصر والاردن ولبنان اضافة للعراق، في حين استطاع حزب الله ان يستعيد الكثير مما خسره العرب ولو على مستوى المقاومة والصمود بوجه التوسع الصهيوني، ولو لقي حزب الله تعاونا وتعاطفا من كل الدول العربية لكان التغيير سيكون عميقا ولكانت اسرائيل ستواجه نهاية دراماتيكية مبكرة.
لكن ماذا يفعل قادة الحزب اذا كانت دولا عربية واسلامية مثل السعودية وبقية دول الخليج ودول شمال افريقيا وخاصة مصر ولا ننسى الدور التأمري للاردن حيث كلها كانت تقف في الجانب المضاد من حركة الفعل التحرري لحزب الله حتى وصل الامر بفقهاء السلطة في السعودية بتحريم حتى الدعاء لحزب الله فما بالك بالمساعدات العسكرية؟ والحقيقة انه لولا سوريا وبعض قادة لبنان وايران لتم القضاء على حركة المقاومة الاسلامية (حزب الله) و حتى حماس.
إن ارتباط حزب الله بحركة الظهور المبارك للامام الحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه) قضية يفرضها العقل العلمي وطبيعة تطورات الحدث التاريخي الذي يتجاوز هنا إشكاليات الزمان والمكان ليفرض وجوده من خلال مجمل العلاقات التاريخية، ومن هنا قلنا سابقا ان الدرسات الابستمولوجية لفلسفة التاريخ اجدى نفعا في فهم ترتيبات الحدث التاريخي، إذ لم يحدث ان اثارت مجموعة او حزب او دولة قلقا وتوجسا لدى القادة الاسرائيليين مثل ما يثيره حزب الله في تفاعل وتطور منهجه ومن وراءه ايران وسوريا والمؤمنين بقضية الظهور المبارك للامام المهدي عليه السلام.
إسرائيل وإشكاليات البقاء:
كنا قد ذكرنا في العديد من دراساتنا السابقة في فلسفة نهاية التاريخ قضية نهاية اسرائيل والتي صارت بحد ذاتها عبئا على الواقع الاسرائيلي ذاته، من هنا فان الحديث عن نهاية اسرائيل اصبح الشغل الشاغل لمراكز بحوث الدراسات الاستراتيجية في كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا واسرائيل نفسها، وقد اشارت تقارير لمراكز البحوث والدراسات في واشنطن بعد حرب تموز (2006) وانكشاف عدم قدرة اسرائيل على مواجهة حزب الله قائلة: " انها تشك في امكانية استمرار اسرائيل خلال العشرين سنة القادمة خاصة وان لن يكون هناك حل دائم بدون عودة لاجئي (1947/1948) ولاجئي (1967) حيث بدون عودة هؤلاء لايمكن ان يتحقق سلام شامل ".
غير ان المساعدات الامريكية لم تنقطع، وقد ذكرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الامريكية ان اسرائيل كلفت الولايات المتحدة الامريكية ماليا منذ عام (1973م) مبلغا تجاوز (1.6) ترليون دولار امريكي اي (1600) بليون دولار (5). مما يعني ان كل مواطن امريكي تحمل (5700) دولار دفعت لاسرائيل، وقد اثار هذا التقرير غضب الساسة الاسرائيليين خوفا من ان يمثل ضغطا على الرأي الاجتماعي الامريكي والذي قد يجبر الحكومات ان توقف مساعداتها لاسرائيل. (6)
لاشك ان حزب الله بإمكانياته المتطورة باستمرار وبعقيدتة والتزام مجاهديه وصبرهم اصبح أساسا لرعب اسرائيل، بل ان كلمات أمينه العام السيد حسن نصرالله اصبحت من المسلمات في المجتمع الاسرائيلي بسبب مصداقيتها وهي تؤثر بشكل كبير في الواقع الاسرائيلي اليومي، وأما اشاراته بارتباط جهاد الحزب بقضية الظهور المبارك وتطلع مقاتليه للحرب باعتبارها تمثل تحضيرا للظهور المبارك فانما يلقي ضوءا على طبيعة الحزب ومنهجيته العملية ورؤاه المستقبلية وهو ما اصبح مدار قلق للمجتمع الاسرائيلي.
أما قرب حزب الله من الحدود الاسرائيلية فقد شغل حيزا كبيرا في تفكير ساكني المستوطنات الشمالية:
قال عمير ملتسر ، مستوطن من المطلة" أرى من منزلي اعلام حزب الله، ويافطات ورسوم كاريكاتورية ضخمة واعلام فلسطين ولبنان، وهذا يولد شعورا يتجاوز ما كان سائدا. لقد كنا بالأمس نرى مقاتلين نظاميين واليوم لا نرى هؤلاء المقاتلين، إنما أشخاص وأعلام ورسوم كاتكاتورية. واشعر انهم يطعنوننا في عقر دارنا . لقد تعودنا على الخوف لكنه يتراكم, أنت لا تعلم ما الذي سيحصل فاذا كنت ترى سابقا مقاتلين مع بنادقهم فانت ترى الان مدنيين ولا تعلم بالضبط من هم! فالمجهول مخيف اكثر من المعلوم.
أما وسائل الإعلام الإسرائيلية التي هلل بعضها عندما أزالت قوات اليونفيل، إحدى الرايات من قبالة مستوطنة برعام، فقد فوجئت بأن الاعلام اصبحت اكثر قربا من الحدود في ذات المكان. وما يثير حنق هذه الوسائل ان هذه الرايات تمثل رمزا يشير الى ان حزب الله ما زال على الحدود رغم القرار 1701 الذي حاولت القيادة الاسرائيلية الترويج له كانجاز ابعد حزب الله عن الحدود.
وقال تسفيكا يحزكالي " العلم هو الرمز والرمز يشير الى ان حزب الله موجود على الحدود، على الرغم من القرار 1701 وهم كما قال الشيخ نعيم قاسم يخفون السلاح، وبشكل عام فإن حزب الله المنتصر عاد الى قوته بوتيرة اسرع واكثر وقاحة، وعاد كمنتصر والفرق ان سلاحه غير مرئي".
يعكس هذا النوع من التفكير حجم الرعب الذي يعيشه سكان المستوطنات الشمالية المحاددة للجنوب اللبناني ومدى تأثير وجود حزب الله على الحياة العامة هناك، هذا غير انعكاس ذلك التأثير على الجوانب الاعلامية والسياسية، إذ اصبح كل شيء يرتبط بانتصارات حزب الله موضع قلق للمجتمع الاسرائيلي وهو يدرك ان طبيعة الصراع مع حزب الله صارت تؤثر في قضية استمرار اسرائيل وقدرتها على الوجود.
الحتمية التاريخية:
في ضوء تفاعل عملية الصراع وتنامي المنهج المقاوم صار القادة الاسرائيليون من جانب والمجتمع الاسرائيلي من جانب آخر اكثر ادراكا لاقترابهم من النهاية، فان ادراك العقل الاسرائيلي لقضية الفناء كحتمية تاريخية قد ساعد على ظهور فكرة المسير نحو الفناء لدى بعض المفكرين والقادة الاسرائليين مما أسس لتنامي نزعة الخروج من اسرائيل لدى البعض ومحاولة الاسراع في الاقتراب من النهاية لدى البعض الاخر،، كل ذلك شكل عبئا اضافيا على عقلية المجتمع المنهزم نفسيا، والمدرك لامكانية فشل اي حرب قادمة مع حزب الله حتى وإن حاول بعض القادة العسكريين القاء تصريحات مطمئنة عن كفاءة القوات العسكرية الاسرائيلية وقدراتها القتالية.
.............................
1- انظر الكوراني، الشيخ علي، طريقة حزب الله في العمل الاسلامي، ط/1/45. مكتب الاعلام الرسمي/ 1406.
2- الانفال/60.
3- فقد قال قائد سلاح المدرعات العميد ( اغاي يحزقيل) أنه في أي حرب مستقبلية مع حزب الله، هناك ضرورة بالغة الأهمية لاستخدام الدبابات وجميع الآليات العسكرية الثقيلة، داخل الأراضي اللبنانية إلا أن أقوال يحزقيل أثارت معارضة قائد سلاح المظليين العميد ( يوسي بخار) الذي قال إنه "إن حاول الجيش الإسرائيلي إدخال الدبابات في إطار عملية عسكرية خاطفة في لبنان، فإنه سيتلقى ضربة قاتلة"، أما قائد سلاح المشاة العميد( افي مزراحي) فقال إنه يجب إشراك سلاح المدرعات في أي حرب قادمة مع لبنان، وأن هذا أمر لا مفر منه، على الرغم من أن هناك أصواتا في صفوف الجيش لا تؤيد الدخول البري، فحزب الله يعتبر عدو متشتت ويمكنه مهاجمة سلاح المدرعات الإسرائيلي دون ان يجري مناورات مسبقة وأن يلحق خسائر كبيرة في سلاح المدرعات الإسرائيلي.
4- تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط لسنة (2010م)، وقد نشرت صحيفة (وورلد تربيون) اجزاء منه قبل ان تظهر بعض تفاصيله من خلال موقع (ويكيليكس).
5- وعن ذات الموضوع يقول الخبير الاقتصادي (توماس ستوفار) ان هذه التكلفة تعتبر ضعف تكلفة الحرب الامريكية في فيتنام.
6- تشير التقارير الامريكية ان النفقات المعلنة لمساعدة اسرائيل تتجاوز (ثلاثة بليونات) دولار سنويا.
1/5/13908/ تحرير : علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha