* ربما كان مصطلح الانتظار السياسي جديداً ولذلك قد يسأل البعض هل يوجد انتظار سياسي ام لا يوجد؟ وهل ان الانتظار هو مقدار ما يقوم به الانسان من جهد فردي؟ ام ان الجهد الفردي هو صورة ربما تكون هي الاصغر في مشروع الانتظار في مقابل الانتظار الجماعي الذي يدخل ويتشعب في كل مفردات وضع المجتمع؟ ما من ريب ان قضية الامام صلوات الله وسلامه عليه ليست قضية فردية ولن تخوض بالأمر بعنوانه الفردي لان الامر لو كان يتعلق بالقضية الفردية لما وجدنا الامام ينتظر غيره لكي يستعد ويعد ولما حدثنا أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم بألفاظ متعددة بضرورة انتظار الفرج والخطاب موجه لكل شيعة اهل البيت، ولما حدثونا عن ضرورة الاعداد بكل ما يمكن اعداده ولو بنبلٍ او بسهمٍ في هذا المجال، هذا اولاً، الامر الاخر ان قضية الامام صلوات الله وسلامه عليه مع انها قضية عبادية ولكن ما من شك ان حجمها يتطور مع تطور الاحداث وتطور القاعدة وتطور الانصار وطبيعة الظروف التي تسمح والتي لا تسمح، بمعنى انه في لحظة من اللحظات الاجتماعية ربما لا يسمح المجتمع او الواقع السياسي بان يزار الحسين صلوات الله وسلامه عليه او ان زيارة الحسين عليه السلام تؤدي الى ضرائب في الامن الشخصي، واخرى يكون الوضع الاجتماعي هو الذي يضج بضرورة زيارة الحسين عليه السلام، لاشك ان التكليف في الحالة الاولى يختلف عن التكليف في الحالة الثانية لان كل ما يتعلق بإقامة المعروف وإماتة المنكر يتوقف على طبيعة الناصر وحجمه وامكاناته وطبيعة الخاذل وحجم الامكانات التي بين يديه، فان كان الناصر ذا قوة وذا عدة وعدد وما الى ذلك يكون التكليف مختلف تماماً عما لو ان الناصر كان ضعيف وان الخاذل كان له هذا النمط الكبير من القوة، لذلك التكليف ايام المجرم صدام ليس كما التكليف في يومنا هذا، ولربما التكليف في يومنا هذا لن يكون كالتكليف الذي سيأتينا لاحقاً، واشرنا اكثر من مرة الى ان قيمة حبيب بن مظاهر الاسدي رضوان الله تعالى عليه لا تتجلى في كونه كان محب للحسين عليه السلام او كان يبكي على الحسين عليه السلام بل قلنا بان حبيباً لو انه جلس في يوم عاشوراء يبكي على الحسين عليه السلام ولم يشرع سيفه ولم يرفع رايته ولم يحمل كنانته ولم يبارز برمح او بسيف وما الى ذلك، ما نفع بكاءه وما قيمة وجوده اذا كان باكياً، حبيب اكتسب قيمته من كونه لبى دعوة الامام صلوات الله وسلامه عليه احسن تلبية وادى دوره في الجهاد في سبيل الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر على اتم وجه، لذلك تحول الى نجم ساطع في سماء السائرين في درب الولاء لأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، بل تحول الى باب للحوائج والى قاضٍ للحاجات وما الى ذلك، لذلك نحن اليوم في طبيعة الاوضاع الاجتماعية وطبيعة ما تحول فيه التشيع الى القطار البارز في صعوده والى كل هذه الحملات التي تتعاقب على التشيع من اطراف متعددة لا يمكن ان نقول بان احكامنا وتكاليفنا اليوم هي عينها التي كانت في أيام صدام او عينها التي كانت في الستينات من القرن الماضي او ما الى ذلك لان الظرف اختلف والوعي الاجتماعي اختلف وامكانات وتوقعات وطموحات المنتظرين اختلفت، وبالنتيجة لا يمكن للتكليف ان يبقى كما هو، كذلك لا يوجد في تكاليفنا في سنة 2003 ان نخرج ونتحدى المفخخات والهاونات والأحزمة الناسفة من اجل الانتخابات لان فرصة الانتخابات كانت غير موجودة، لكن حينما اعطينا هذه الفرصة اعتبرنا خروجنا الى المركز الانتخابي وحملنا اللون البنفسجي وتحدينا كل شيء وكأن حديث متحدثنا بان تكليفنا الشرعي وارضاء امام زماننا صلوات الله وسلامه عليه عبر ارضاء مراجعنا تحديداً، وفي سنة 2004 لم يكن لدينا فتوى بالجهاد حتى نحمل اسلحتنا ونقول بان التكليف الشرعي هو حمل السلاح لكن في سنة 2014 من تخلف عن هذه القضية بلا عذر وبلا ما يمكن ان يخرجه من سقف الجهاد الكفائي يبقى مأثوم ويبقى متنصل عن تكليفه الشرعي في قبال امام الزمان صلوات الله وسلامه عليه وفي قبال المرجع المتصدي في هذه القضية، اذن اختلاف الزمان هو بحد ذاته سبب في تغير التكاليف الشرعية والمنتظر لكونه وضع نفسه في مقدمة الركب حينما يقول اني ملبي واني اريد ان اهيئ وامهد للإمام روحي وارواح العالمين له الفداء انما يضع نفسه في مقدمة العاملين بالتكاليف الشرعية.
* اذن نعود للتساؤل هل يوجد انتظار خارج إطار البناء الذاتي للنفس؟ وهل يوجد انتظار في شوارع وباحات وزوايا المجتمع؟ وهل يوجد انتظار في عالم السياسة وفي عالم الجهاد او لا يوجد؟ لا شك ولا ريب ان الانتظار يذهب الى سد الخلة دائماً ويضع المؤمن دوماً في اطار الاستعداد، فاذا كان النقص في الواقع الاجتماعي اذن لابد من انتظار يتعامل مع هذا الواقع من اجل رفع مستواه لكي يكون منسجماً مع اطروحة الامام صلوات الله وسلامه عليه، وفي الواقع الاقتصادي اذا كان ثمة خلل اذن يجب ان يكون لدينا ثمة انتظار اقتصادي يهدف لإدخال قضية الامام في هذا الجانب الحيوي من المجتمع وبالنتيجة الإفادة من هذا الجانب لخدمة قضية الامام صلوات الله وسلامه عليه، نفس الامر في الانتظار الاعلامي وفي الانتظار العلمي بالنسبة الى الشرائح التي صيغة وطبيعة عملها منصب في القضايا العلمية التطبيقية وما الى ذلك ولا شك ان لديهم انتظاراً خاصاً بهم، اما بالنسبة الى السياسة وهي موضوع اليوم ولربما في الاحاديث المقبلة نتوجه الى الحديث عن الانتظار في الساحات الأخرى، لكن ما نفهمه من الانتظار بشكل عام هو ايجاد قوة للمتدين وللمنتظر المخلص لإمام زمانه لكي يمهد في الواقع الاجتماعي ولكي يستطيع التأثير في الواقع الاجتماعي خشية ان يتضرر هذا الواقع بعناصر معادية لهذا المشروع، لأنه من جمله شروط النصرة ان تقف على سنة اني بريء ممن تبرئتم منه وهذه المسائل ليست مجرد مشاعر وانما ثمة مشروع يتقدم فاذا كان هذا المشروع فيه ضرر لشيعة الامام صلوات الله وسلامه عليه اذن لا يمكن للمتدين المنتظر ان يقف لا ابالي تجاه ما يجري للقاعدة الشعبية للإمام صلوات الله وسلامه عليه، وانما لابد من تحرك ما ولابد من ان يسد الفراغ لمنع عناصر الخطر من ان تزحف وتسد الفراغات بالعناصر المسيئة والشريرة وما الى ذلك من هذه الأمور.
* هنا نشير الى جملة من القضايا: القضية الاولى اننا نلاحظ بشكل جدي نزوع أطراف سياسية متعددة لإبعاد المتدين من الساحة السياسية والحديث عن الاسلام السياسي والحديث عن العِمَّة السياسية والحديث التعميمي عن تكريه الناس بسياسة التدين او بتدين السياسة أصبح من الواضح جداً انه ليس خطاً عادياً وانما ثمة خط يستفيد من الاخطاء ليوجِد اجندة ويخدم اجندة هي في ضر الواقع التديني العام، ومن الطبيعي بمكان ان يسأل الانسان لماذا لا يتكلم أحد عن الالحاد السياسي ومخاطر الالحاد السياسي؟ ولماذا يتكلمون عن مخاطر الاسلام السياسي وخطره على من؟ وهل يمكن تعميم بعض اخطاء من ينتسبون الى هذا الخط على الجميع؟ ولماذا لا يعمم النموذج الاخر على جميع الاخرين؟ لماذا يُرى نفس الذي يروج الى محظورية الاسلام السياسي يروج بنفسه الى الليبرالية السياسية ويروج الى كل الاتجاهات السياسية الاخرى من دون ان يخجل؟ اذن المطلوب هو إزاحة الإسلام او المشروع الممهد او إزاحة العناصر التي تقوي عملية التمهيد من الساحة السياسية لتخلو منهم وبالنتيجة لتملأ مِن قبل مَنْ؟ ومَنْ هو الذي سياتي ليملأ هذا الفراغ الذي يريدونه ان يحصل ويطردونه من الساحة السياسية؟ من يتذكر التاريخ يعرف تماماً ان هذا الامر كان يروج له في الخمسينات والستينات وفي السبعينات بشكل مكثف جداً يومها كانت السفارة البريطانية هي المتحكمة في غالبية القطاعات السياسية ووسائل الاعلام رغم ان وسائل الاعلام يوم ذاك لم تكن بتلك الصورة الموجودة في هذا اليوم، ولكن تنفير المتدين من السياسة تارة بعنوان ان المتدين صاحب ثوب ابيض وطاهر والسياسة خداع ونفاق والاعيب وما الى ذلك، لذلك ثوبه يجب ان لا يتنجس، والاخر ان هذا يستدعي ان يتخلى عن دينه وعن مبادئه، لان مبادئه لا تنسجم مع العملية السياسية الجارية، ومن هذا ومن ذاك تولدت قناعات لدى الكثيرين بان التدين يتعارض مع السياسة وعلينا اذن ان نبتعد عن الجانب السياسي، لا بل كثير من متديني ذلك الوقت كانوا يحاربون من يحاول ان يدخل بالسياسة بطريقة او بأخرى وهم لا شك على براءة ولا يمكن لنا ان نقول بان هؤلاء مدفوعين من قبل جهات أخرى لكن هذه النظرة سادت بشكل كبير جداً، اليوم القضية بطريقة اخرى اصبح بأيديهم نماذج من الأخطاء، وهذه الاخطاء كُبِّرت وعُظِّمت واعطيت حجماً اكبر بكثير من حجمها الواقعي وبالنتيجة قُدِّمت الى الناس بضرورة ان يبتعد من يسمي نفسه بالمتدين عن الساحة السياسية، هنا هل ان هذا الامر حقيقةً له وجود؟ هذه المسالة يجب ان تُناقش، وهل ان الواقع الديني لا يقبل الواقع السياسي؟ هذه المسألة ايضا يجب ان تناقش، وهل ان الطرف الاخر الذي ينشر مثل هذه القضية هو بريء في طرحه هذا ولا يريد شيئاً اخر من عملية ابعاد المتدينين من الساحة السياسية او لا؟ هذا ايضاً يحتاج الى تأمل ويحتاج الى توقف في هذه القضية.
* في البين وهي النقطة الثانية ان التشيع اليوم هو في الطريق وفي القطار الصاعد واصبحت لديه وجودات لا يمكن الخروج من معادلاتها بالنسبة للقوى الطاغوتية بسهولة، اليوم حينما نتحدث عن الحشد الشعبي لا نتحدث عن مفردة يمكن تجاوزها بمنتهى السهولة او الشطب عليها بقرار، اصبح ثمة واقع أُكمِل مع واقع سبق له ان وجِد اسمه المواكب الحسينية واسمه الحسينيات واسمه المرجعيات واسمه الوكلاء المعتمدين، هذه كلها في واقع الحال لها مصبات تنتهي في الواقع السياسي شئنا ام ابينا وباي منظور نظرنا اليها هي التي انتجت الحشد الشعبي، الحشد الشعبي انتجه هؤلاء السائرون الى الامام الحسين صلوات الله عليه وهؤلاء اللاطمون وهؤلاء المصلون في المساجد ، لكن في سابق الايام لم تكن ثمة فرصة وداعي، اما اليوم حينما اصبح الداعي متواجداً تهافت كل هؤلاء ونقضوا كل ما قيل عن الشعائر الحسينية بانها مسألة عاطفية او ما الى ذلك، لأنه تبين ان هذه العاطفة اختزنت غضباً شديداً واختزنت قابليات كبرى سرعان ما تبدت عبر عمل هائل جداً فشلت فيه الجيوش بما فيه جيش العراق، فشلوا حيثما نجح وتقدم هؤلاء، ولنا ان نتصور لولا الحشد الشعبي ما هي صورة العراق، الحشد الشعبي هنا نموذج والا يوجد حزب الله الى المقاومة الى الجمهورية الإسلامية الى عناصر كثيرة يمكن ان نضعها، قد لا نرضى على هذه الجزئية او تلك ولكن في المجموع الكلي اليوم هذه الارقام ارقام صعبة امام الاستكبار ولا يمكن تجاوزها بسهولة، لانهم جربوا حروبهم وضغوطهم على شتى الاصعدة وما وجدنا الا تقدماً في مسارات هؤلاء وليس تقدماً في ساحة خالية وانما تقدم في ساحة مملوءة بالصعاب والمشقات .
* المسألة الثالثة: مَنْ يُقصَد فيه بالإسلام السياسي الذي يجب ان يُبعَد؟ يجب ان لا يُغرر بنا بحيث نتصور ان المتهم هو الفاسد الفلاني، هؤلاء لا قيمة لهم لان من يأتي بالأصوات سيذهب بالأصوات وليس هم العناصر المؤثرة او الحاسمة في هذا الموضوع، لكن مَنْ هم اهل السياسة في الواقع الديني؟ بمعنى الذي قرر للشعب العراقي ان يقف امام الامريكيين ويقول لهم لا نرضى الا بالانتخابات ولا نرضى الا بالدستور المكتوب بالأيادي العراقية المنتخبة، ماذا كان يمارس هذا الرجل؟ هل كان يمارس سياسةً ام ديناً، في كل الاحوال هو يمارس الامرين معاً لأنه لا فرق لديه بين هذا الامر وما بين الامر الاخر، حينما نقول يجب ان تخرج السياسة من الدين والدين من السياسة، ماذا يعني؟ يعني ان الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه الذي طرح مشروع الا شرقية والا غربية واستقلالية المعركة الإسلامية وانها ليست نيابة عن الاخرين وانما خوض المعركة الإسلامية بل المعركة المذهبية لصالح اصحاب هذه المعركة، قبل ذلك يحارب الكثيرين لكن بدعم من الامريكان او بدعم من الروس حينها يأتي رجل في هذا البين ويقول نحارب من اجل اسلامنا لا من اجل هذا او ذاك، حينما يُطالَب بطرد هذا النموذج من الساحة يُراد منا ان نعود مرة اخرى الى ان نخوض معاركنا من اجل الاخرين، والنماذج على ذلك كثيرة جداً علمائنا لم يتخلوا لا في السابق ولا في اللاحق عن شيء اسمه سياسة، لكن حجم ما تدخلوا به يتوقف على مقدار ما يسمح به ظرف الوعي الاجتماعي، اليوم عندنا العديد من المراجع لا يظهر عليهم انهم من النمط الذي يؤيد هذه الامور ولكن حينما يُحَمَّل من قبل المجتمع مسؤولية ان ينقذهم او يجد في المجتمع من لا ينقذهم الا هو، عند ذلك يتقدم بلا اي مواربة وبلا اي تردد في الموضوع الذي قد يتراءى الى الاخرين انه بعيد جداً عنه، هذا الذي فعله سماحة السيد المفدى السيد السيستاني دام ظله الشريف حينما رأى الواقع النجفي يكاد ان يأكل كل الواقع في عام 2005 ويُذهِب بكل التضحيات التي حصلت، وجد على نفسه وجوباً في ان يُقدِم اقداماً ما من اجل وأد الفتنة ومن اجل القضاء عليها، لذلك تحرك بطريقة واضحة جداً كان الهدف منها انهاء الازمة التي عجزت عنها الحكومة والامريكان والاحزاب، في قصة الانتخابات القضية واضحة، وفي قصة الإصلاحات الاخيرة وفي قصة شخصيات الانتخابات وما الى ذلك، كل التدخل هذا ليس هو عمله الرئيسي لأنه لم ينصب نفسه ولياً فقيهاً يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، وما يُلحظ قد يكون يُلحظ على انه بعيد عن هذه القضية، لكن حينما وجد ان الوعي الاجتماعي تارةً يريد منه ذلك ومستعد لتحمل مسؤولية ذلك، اي ان المجتمع مستعد لتحمل مسؤولية ما يقوله هذا الرجل ووجد ان عدم تدخله قد يؤدي الى فساد كبير والى اضرار اكبر لذلك تدخل وتحمل كل مسؤولية ما يقال، ومع انه دفع الضريبة تلو الضريبة نتيجة ذلك ولكنه لا زال على نفس الطريق والمنهج، ونعتقد ان اي مرجع في موضع سماحة السيد سيتخذ نفس الاجراءات نعم قد تتفاوت الحكمة من واحد الى اخر، ولكن التكليف الشرعي والذي هو سد الفراغات ومنع الضرر ومحاولة تأمين مصالح الناس والوقوف ورعاية هذه المصالح ، هذه التكاليف لا تختلف بين المرجع وما بين غير المرجع، نعم لكلٍ دوره من ضمن موقعه.
* النقطة الرابعة هل ان اعدائنا بكل تفاصيلهم ساكتون عن قضية الامام سواء في معتقد القضية او في طبيعة الاعمال التي نشعر بانها ترضي الامام صلوات الله وسلامه عليه؟ وهل هم لا يثيرون الشبهات او لا يسعون من اجل احلال الفساد او اشاعة الفاحشة او ان يقتتل المؤمن مع المؤمن او ايجاد الخراب والفتن في ساحة المتدينين؟ لا شك كلنا متفقون ان العدو يتحرك صباحا ومساءً طوال السنة برمتها من اجل الإيقاع بالساحة المتدينة، لماذا يهمهم جدا ان تشيع الفاحشة؟ لماذا يهمهم جدا ان يكون الشعب غير متدين او إن كان متديناً فليبقى محصوراً في الزاوية الصوفية الفلانية او في البقعة الفلانية من الجامع الفلاني التي لا تتدخل بكل ما يوجد في الساحة، لان ما يوجد في الساحة مصالح واضرار ومن لا يمسك بها سيمسك غيره، اذن اخراج المتدين والاضرار به وبساحته انما يستهدف ايجاد وضع هذه القدرة بالأيدي المعادية، اما لماذا لا يريدون المتدين ويريدون غير متدين؟ السبب بسيط جدا وهو اذا كان المتدين متدين حقيقي عند ذلك سيكون لديه آلية عجزوا امامها ولم يستطيعوا ان يفككوها ابداً وهي آلية الحلال و الحرام، لذلك ازالة اصحاب القيم يؤدي الى ايجاد أناس من السهل اختراقهم اما بالوعيد واما بالإغراء، اما ان تأتي أمريكا تتوسل من اجل ان تصل الى سماحه السيد فلا تُعطى اي مجال فما بالك ان تدخل من اجل اقناع السيد بتهديد او وعيد او اغراء وما الى ذلك، لذلك ليس عبثاً العملية من أئمة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم ان يحثوا العلماء على ان يعيشوا زاهدين لان الزاهد ليس بحاجة الى غيره ومن لا يحتاج الى غيره لا يحتاج تهديده او اغراءه، فيكون اصحاب القيم حينما يتمتعون بهذه الامتيازات او بهذه الخصائص يكونون صلبين جداً امام اي ارادة مضادة لذلك لا يريدون هذا النمط بل يريدون الاخر لأنه من السهل اقناعه وبشكل طبيعي هؤلاء مفضلين عن غيرهم .
* نشرنا مقطع فيديو قبل أيام يشير الى ان السعوديين يبحثون عن شخص اسمه محمد بن عبد الله لديه شامة وهو من اليمن من قرية الكرعة، وسبب البحث عنه انه هو الامام المهدي حسب رواياتهم، وسؤالنا ما الذي حدا بهم ليتجهوا الى هذه القضية؟ لو كان اتجاههم الى رجل كبير السن لقلنا باحتمالية ان يهدد امنهم لكن حينما يذهبون يبحثون عن طفل ويبحثون في ظهره عن شامة معينة وما الى ذلك وان يكون من القرية الفلانية حسب رواية يرويها عبد الله بن عمرو بن العاص وبعض المصادر تشير الى عبد الله بن عمر بن الخطاب والاثنين من صنف اخر لا علاقة لهم باهل البيت بل هم مضادين لأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، يروي بان الامام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه يخرج من قرية في اليمن اسمها كرعا في مصادرهم وهم يروون ان الامام صلوات الله عليه من ولد الامام الحسن ويروون رواية اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي بذلك يكون اسمه محمد عبد الله ومن كرعه فاتجهوا الى ذلك الطفل، هنا السعودية قطعت الشك باليقين بالنسبة للكثيرين الذين هم مترددين في ان الدوائر الأمنية العالمية تبحث عن الامام مثلما يبحث المتدين، السعودية فضحت نفسها سواء كان مسعاهم هذا قبل حديث محمد بن سلمان او بعده وذلك غير مهم لان القصة انفضحت فهم يبحثون في مكة عن رجل ذُكر في الروايات بانه هو الامام المنتظر وايضاً تتحدث والدة الطفل تقول ان الامن السعودي كان يبحث عن المهدي المنتظر في شخصية هذا الطفل، فاذا كان العدو يعمل في كل الساحات ويعمل على هذه القضية بالتحديد، اذن قصة المتدين اوسع من ان يبقى منحصر في قصة دعاء او زيارة لان القضية ابعد بكثير من هذا الامر ولا يمكن لهذه القضية ان تبقى في الاطار الفردي او ان يبقى تكليف كل شخص بمعزل عن الاخرين، لاسيما وان اليوم في واقعنا الحالي نشاهد نفس ما يسمى بالأحزاب الإسلامية هي بدأت تبتعد عن التدين ولو مظهراً رغم كل معطياتنا الموجودة انه حتى محتوى التدين في طور الابتعاد ايضاً عن واقع هذه التوجهات، اليوم الهدف هو الانتخابات والفوز بالمناصب والحديث علني عن ذهابهم للحصول على الوزارات، فلو قُدِّر ان كل هذا حديث المرجعية عن الاصلاح وضرورة المجيئ بالأنزه والأخلص وما الى ذلك، لاشك ان كل هذه الامتيازات ليس بالضرورة للمتدين، لكن في رسم معالم السلطة يجب ان يتواجد المتدين، في قضية الإدارة والوزارة لا مشكلة فيها، لكن المشكلة السلطة بيد من تكون؟ لان عوامل الضغط ستدخل على السلطة وإن دخلت على الإدارة فهي تدخل من اجل الفساد في عقد او رشوة وما الى ذلك، لكن السلطة فيها قرار يمكن ان يؤثر على كل البلد، لاحظنا في قضية الموصل وشبابنا الذين ملأوا وادي السلام مَنْ الذي اوجد هذه الصورة؟ اوجد هذه الصورة غير المتدين حينما وضِعَت السلطة بيده، قبل ايام استشهد اخوين احدهما ايراني والاخر لبناني وهم بعيدين كل البعد عن الاعلام استشهدوا في الموصل مهمتهم كانت ان ينقلون خبرة القتال الى المجاهدين في العراق، ومع انه يمكن ان ينقلون تلك الخبرة داخل المعسكرات لكنهم يتواجدون في الخط الاول للمعركة وبعيداً عن الاعلام، نلاحظ انه ليس لهم غاية غير التكليف الشرعي، ما يهمنا جداً هنا ان الذي يهرج ضد التدين السياسي جالس في ملهى والذي ليس له علاقة بهذه الارض يأتي ليستشهد في الخط الأول للقتال، التدين هو من صنع هذا، وذاك صناعة الانحلال وحسبك هذا التفاوت بيننا، نقول اذا كان العدو يتجه بكل هذه الاتجاهات فلماذا المنتظر يترك العدو لوحده؟ فاذا كان المنتظر ضعيف فاليوم الحجة أُقيمت على ان المنتظر قوي جداً، والمرجع حينما أعلن حرب ضد الفساد ما هو دور المتدين؟ لا يمكن ان يكون دوره دور المتفرج، نعرف تماماً ان الاحزاب عملت على منع طاقات كبيرة خيرة لكن مشكلتها انها مستقلة وغير مستعدة ان تبيع ولاءها باي طريقة كانت فحُجِبَت، لماذا ينزوي هؤلاء؟، نحن نعتقد إن بقينا اسرى لهذه القضية فهذا خروج عن التكليف، كثير من اخواننا سألوني عن الانتخابات حينما تركت الاوضاع الحزبية المعروفة اقول ان المتدين هو الذي يجب ان يُنتَخَب لأنه هو عنصر الخير، اما من ثبت فساده يجب ان يستبعد ولا يمكن ان نعتبره متدين والتاريخ شاهد بكثير من الأمثلة، اولاد أئمة كانوا فاسدين وابن نبي عصى اباه وزوجة نبي عصت زوجها، نحن نؤكد على ان المتدين يجب الا يبتعد لأنه بعدم تقدمه غيره سوف يتقدم، الشهيد الصدر الاول رضوان الله تعالى عليه يقول عامة الناس من يسبق اليهم هو الذي يكسب المعركة، لذلك ترك الفراغ في الساحة سيؤدي الى ان الفاسد يملأ الفراغ، وتقرير راند يتحدث بصراحة عن ان الاسلام المقبول هو اسلام الزوايا واسلام الافراد المنزوين الذين عندهم العبادة تعني الصلاة والصوم فقط، نقول لو كانت العبادة بهذه الطريقة لما قُتِلَ ائمتنا ولما خرج الامام الحسين عليه السلام الى كربلاء ولو كانت القصة صلاة وصوم لما خرج امير المؤمنين الى صفين، نلاحظ ان معركة الباطل اليوم لا تتوقف حتى يتحول الانسان الى مسخ شخصية لتقبل به.
* وفق ذلك نعتقد ان ساحة الانتظار ليست في باحة خلية عن المجتمع بل الانتظار يجب ان يكون في عمق المجتمع، وانتظار اليوم غير انتظار الامس اليوم المجتمع فيه قدرات وهذه القدرات قابلة ان تكون بيد المنتظر، نحن نقرأ في الروايات ان الحكم يوم ذاك لمن يغلب على رأي غيره، فإن لم تكن هناك إمكانية لتحقيق انجاز هناك امكانية في صد الخطر او تخفيف الاضرار وهذه واجبات المتدين باي صورة كانت، اليوم لعبة الفساد أصبحت مكشوفة والا لماذا يُهاجَم المرجع؟ المرجع يُهاجَم بسبب تعرضه للأحداث السياسية وعدم سكوته عن نهب المال العام وعن كثير من القضايا ولو رجعنا الى تاريخ الفتاوى التي صدرت من قبل المرجعية خلال هذه الفترة نلاحظ تدخلها بشكل مباشر في كل الحياة العامة بما فيها السياسة والاقتصاد، وطبيعة فتوى المرجع تعم الجميع وفتوى الجهاد الكفائي لم تخاطب من يحمل السلاح فقط وانما خاطبت التاجر لينفق والاعلامي ليتحدث وينصر وما الى ذلك، بحيث من لم يجد لنفسه زاوية لخدمة هذه القضية ولو بالكلام يعتبر من الخاسرين، بالنسبة للعِمم السياسية وما يقال عنها بالطبع غرضهم واضح جداً هو ان تبتعد العمائم عن السياسة، وللأسف هذا ورد على لسان نفس المتدينين بحيث اخذهم الموج واخذوا يطبقون نظرتهم على كل العمائم، لكن واقع الحال يختلف لان العمائم الواقفة في جبهات القتال كلها عمائم سياسية ولولا قرار سياسي في داخلها لم تخرج للقتال، بالنسبة لنا كمتدينين لا يوجد لدينا قضية فصل الدين عن السياسة وتعبير علمائنا واضح جداً في ان ديننا سياستنا وسياستنا ديننا، نعم سياستنا سياسة متدين وليست سياسة منافق او متملق او وصولي او مدعي او متكبر وانما كل اخلاقيات التدين موجودة في سياسة المتدين واذا فارقها فارق التدين لان التدين منظومة سلوكية متكاملة، ومن يخرج من هذه المنظومة حينها نفضل عليه من لديه هذه المنظومة وإن لم تتضح صفات التدين لديه لأننا في السياسة نريد من يخدم الناس، نعم التدين مطلوب لان المتدين الحقيقي لا يمكن ان يُبتَز ولا يمكن ان يعتدي او يخون ومن يفعل ذلك ليس متديناً وهذا الامر لا يحتاج الى توضيح، نحن أصحاب تأريخ وتأريخنا يذكر ان الزبير الذي خرج وقاتل في حنين وكان من جملة اوائل الراجعين الى رسول الله صلى الله عليه و اله في قضية احد ومن جملة من قاتل في بدر ومن جملة من وقف مع امير المؤمنين في بيت فاطمة ومن جملة المحسوبين في المعادلة السياسية في شورى عثمان كان من المحسوبين على امير المؤمنين، لكن الزبير حينما غادر الساحة تمت التبرئة منه لأنه هو من تنصل عن هذه المبادئ، قصة انحراف المتدين وخروجه من المعادلة ليست بتلك الصعوبة التي لا يمكن تصورها ، كذلك بالنسبة للأحزاب غير الدينية مَنْ منهم لم ينحرف؟ الكلام ليس فيه دفاع عن احد ولكن ليس الإسلاميين فقط في الساحة، ونزعم ان كثير ممن يقال عنهم بانهم سرقوا في حين انهم لم يسرقوا وبالمقابل نحن ضد الكثيرين ممن اساءوا واسفوا، نحن نناشد الاخوة بان علينا ان نوجد عناصر الخير وان نخوض معاركنا من اجل انفسنا وليس من اجل الاخرين، لذلك من يجد في نفسه قدرة علي التصدي يجب ان يتصدى ويجب ان يتقدم ويكون مستعد لأنه تكليف شرعي، تكليفنا ان نتقدم ونبادر لإيجاد عناصر الخير وانا من جهتي اعتقد بتكليفي في ان ادعم أي توجه من هذا القبيل، واذا كان هناك من يخاف من سطوة الأحزاب فانا مستعد ان احمي من يريد ان يتقدم في هذه القضايا، لا نريد الحصول على مكاسب او وزارات هدفنا فقط هو انقاذ الساحة، والساحة انقاذها بالمتدينين وبالناس المخلصين وبالكفاءات الموجودة اما اذا انزوت هذه الكفاءات ستعطي المجال للفاسد ان يتقدم، لكن نقول من يريد ان يتقدم عليه ان يعد نفسه لان هذه الساحة فيها الكثير من الأعداء، نكتفي بهذا القدر و الحمد لله اولاً واخرا والصلاة والسلام على رسوله وآله ابدا.
https://telegram.me/buratha