الحاج طارق السعدي.
يحتل الوضع السياسي في كل مرحلة من مراحل التاريخ ابرز ظاهرة من ظواهر الحياة الاجتماعية التي يحيها المجتمع الإنساني,ذلك لان الأوضاع السياسية وعلامة الحاكم والمحكوم,وطبيعة السلطة,ونوعية سلوكها,ترتبط بصورة مباشرة بأمن الناس ومستوى معيشتهم ومعتقدهم وطراز حياتهم ووضعهم العلمي والأدبي واستقرارهم النفسي, وتعظم أهمية الأوضاع السياسية ويتعمق دورها في حياة المجتمع كلما كان لدى المجتمع رسالة حضارية ومبادئ وقيم سياسية يؤمن بها, ويعاني من ضياعها.والذي يدرس تاريخ الأمة الإسلامية عبر القرون الستة الأولى ـ في مرحلتيها الأموية والعباسية ـ ويدرس عوامل الحركة والاندفاع في عمق الحضارة الإسلامية وما رافقها من صراع ونشاط وثورات وتجديد يكتشف بوضوح تام ثلاثة عناصر أساسية هي:1 ـ قدرة الإسلام على التجديد والإبداع والعطاء, سواء في المجال العلمي والثقافي, أو في مجال الأصالة والقوة العقائدية, أو في مجال الكفاح السياسي وحماية حرية الإنسان وكرامته من الظلم والطغيان.2 ـ انحراف الحكام, وحدوث هوة سحيقة بين المبادئ الإسلامية, وبين السلطة الحاكمة, وأسلوب تعاملها مع الأمة, خلال فترة وجيزة حاول فيها عمر بن عبد العزيز, احد خلفاء بني أمية, معالجة الأوضاع وأسباب الانحلال والمأساة التي حلت بالأمة الإسلامية,فلم يفلح.3 ـ وفي هاتين الفترتين نكتشف حيوية الأمة الإسلامية وقدرتها على التحرك ضد الحكام المنحرفين عن الإسلام,كما نشاهد في هذه المقاومة دور إل البيت الكريم كظاهرة حقيقة في تاريخ الصراع,والتشريد والتقتيل والتعذيب يلاحق إل البيت النبوي على يد الحكام الأمويين والعباسيين.ولقد عاش الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)هذه الحقائق الثلاث كأشد ما يمكن ان تكون ظهورا وتجسيدا, فقد عايش الحكم الأموي مدة تقارب إل(40 سنة)وشاهد الظلم والإرهاب والقسوة يسلطها الحكام الأمويون ضد أبناء الأمة بصورة عامة والعلويين ـ ممن ينتسبون الى الإمام علي (ع)وفاطمة الزهراء(ع)بنت رسول الله(ص) ـ بصورة خاصة.
https://telegram.me/buratha