المقالات

سلفيون يشركون "الإخوان المسلمين" في تدمير مقدسات الشيعة

1769 00:27:00 2007-02-12

( بقلم : جميلة الستراوي )

نالت متفجرة سامراء من ضريحي الإمامين العسكريين (عليهما السلام) ودمرتهما تدميرا شبه كامل أمام مرأى أجهزة الإعلام ووكالات الدعاية السياسية والطائفية في العالم أجمع ، ليعبر المخططون والمنفذون من خلال هذا التدمير عن سيادة تحول جديد في مسار حرب المصالح السياسية والطائفية، وليعلنوا عن مرحلة توتر امني اقليمي ودولي بين سلفية مضطربة الفكر وشيعية أضحت اليوم اكثر رسوخا من ذي قبل في معالمها الثقافية وأصولها العقائدية وفروعها الفقهية .وبمناسبة قرب الذكرى السنوية الأولى لتدمير هذين الضريحين المقدسين التي تصادف الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام ، تطل علينا بعض الأقلام السلفية الطائفية المشبوهة لتحرف الحقائق وتزور الوقائع . فمن صرح وقال بأن "السلفية" التي دمرت الضريحين المقدسين اختارت طريقها التدميري ضد الأماكن المقدسة وضد اتباع أهل البيت(عليهم السلام) بإرادة سلفية سياسة حرة مستقلة برغم استنادها إلى فكر الجمود والتزمت والاضطراب في السياقات التاريخية ، فقد أصاب نصف الحقيقة!ومن بات يعبئ الشارع العربي تعبئة طائفية خالصة ودعا اليوم إلى بناء تحالف جديد بين السلفية الطائفية التدميرية و"الإخوان المسلمين" في الضد من اتباع أهل البيت(عليهم السلام) وفي اعتقاده أنه يسدي بذلك خدمة وحدوية للمذاهب الاربعة واتباعها على طريق الإنقاذ من بعد التحولات السياسية المستجدة في العراق؛ لم يجهل واقع الحال بل أخذته العزة بالإثم ، وساهم من حيث يدري أو لا يدري في التحريض على التداخل مع مرحلة تآمرية جديدة متقدمة لم يبدأ اطرافها السلفيين ومن خلفهم حلفائهم الأمريكيين بتنفيذها بعد ، وتستهدف فيما تستهدف جر تيار "الأخوان المسلمين" إلى الاصطفاف الطائفي إلى جانب السلفية المقيتة !ولنتعرف على واقع الحال ، لا بد من قراءة السياقات الصحيحة للاحداث منذ مستجداتها في كابل والى توابعها في بغداد ، وسنكتشف بأن الأنظمة العربية ومن خلفها واشنطن وجدتا أن مسار الأحداث يجري على غير هدى وخارج إطار التوجيه السياسي والأمني . فهناك معركة جديدة لم تكن في الحسبان بدأت ولمّا تكتمل الاستعدادات السياسية والعسكرية والمخابراتية بعد على طريق استيعاب سلفية كابل العربية أو مقاومتها أو الحد من تمدد تيارها بين مواطني دول المنطقة ودول شمال أفريقيا . وجاء ذلك بعد تطور العمل التدميري للسلفية الطائفية العربية من بعد انطلاقتها الأولى في أفغانستان وتمددها حتى خروجها عن دائرة كابل وإنجازها لمتفجرة السفارات الأمريكية وبعض مؤسسات الانظمة العربية في منطقة الخليج وبعض دول شمال افريقيا؛ وقد رصدت هذه الحال بالتزامن مع خلوص واشنطن إلى إنجاز تدريباتها اللازمة واستكمالها لبرنامج إعداد منظمات الكادر السلفي المتطرف إعدادا عسكريا قبل إتمام بناء الهيكل التنظيمي الأمني التابع للـ(سي آي اي) على مستوى كادرها الخاص المتقدم . وتكمن العلة في ذلك إلى اتساع نطاق الخلافات الفكرية الداخلية بين أقطاب هذه المنظمات وتطورها إلى مستوى التصفيات الجسدية التي طالت بعض قادتها في بعض أودية أفغانستان.وبعد أن وضعت حرب كابل وجبال (تورا بورا) أوزارها واستشرت مظاهر الهزيمة بين اتباع حركة طالبان واتباع بن لادن الذي مثل السلفية المنظمة الاقوى بين المنظمات السلفية العربية وشاركت حركة طالبان بفاعلية كبيرة في إدارة معركة ولاية مزار شريف المضادة لأتباع أهل البيت(عليهم السلام) ومارست فيهم ابشع ألوان القتل والتنكيل والاغتصاب ؛ انقلبت الموازين بين سلفية منظمات كابل العربية بأجمعها. فضعفت شوكة منظمة بن لادن وبقيت رمزيتها السلفية بين أتباع المذهب الحنبلي في مناطق خارج أفغانستان بينما نمت المنظمات السلفية الاخرى التي تمكنت المخابرات الامريكية من استجماع قواها بكادر قيادي أمني ذي كفاءة عالية نالها من خلال التدريب الأمني الذي وفرته ألـ(سي آي اي) في واشنطن . فكانت معركة مزار شريف السلفية ضد شيعة أهل البيت(عليهم السلام) آخر عمل مشترك بين منظمات السلفية العربية كافة إلى جانب طالبان، ثم حل الفراق بين هذه المنظمات وكان حاكما عليها حتى انتهاء مرحلة الاجتياح الأمريكي لكابل.واذا ما امعنا الفكر في وقائع احداث العراق ومتابعة اول ظهور لسلفيتها الطائفية المتطرفة في المناطق الغربية ، سنجد أن هذه الظهور كان متزامنا مع انتشار الوجود الامريكي في هذه المناطق التي كانت في مرحلة سابقة موالية لصدام وشكلت عماد حكمه وسلطته ، واليوم انقلبت المنطقة الغربية إلى سلفية طائفية متطرفة قادتها نفس المنظمات السلفية التابعة لأجنحة المخابرات الأمريكية فشكلت وريثا مناهضا أو بديلا خاصا عن منظمة بن لادن المتهاوية والمحاصرة في بعض مناطق القبائل الباكستانية والافغانية. وكانت المنظمات السلفية الطائفية العربية هذه قد رفضت في بداية أنشطتها العسكرية والأمنية في غرب العراق الخضوع لخلافة بن لادن وخالفته برغم توافد العديد من الرسائل الموجهة من بن لادن والمطالبة بإصلاح الخلافات البينية والعودة عن الانفراد بالقرار القيادي السلفي في العراق. وربما أراد بن لادن من خلال هذه الرسائل والمطالب الإشارة إلى مريديه بحصر تمثيله في أفغانستان وباكستان وخروج هذه المنظمات على خلافته ومناهضتها له وميولها لمصالح المخابرات الأمريكية . وفي خطوة مفاجئة انتحلت هذه المنظمات اسم تنظيم "القاعدة" لتشكل بديلا أمريكيا خالصا عن منظمة بن لادن ، وساهمت بالتعاون مع بعض دول الخليج في تنفيذ أولى خطوات استيعاب الاتجاه السلفي العام الممجد لابن لادن ومنظمته المنحلة ومن ثم تسخيره لتنفيذ مآرب سياسية مناهضة لمصالح النظام السياسي الراهن في العراق الذي تقوده أحزاب ومنظمات الأغلبية الشيعية.وفي هذا السياق يمكننا ان نستكشف مساق الأحداث ونتعرف على أهم الأسباب الكامنة وراء قوة تيار السلف الطائفي الجديد في العراق وحجم إمكانياته المادية وقدراته على اختراق اكثر المناطق تحصنا ومنعة ، فضلا عن حجم نفوذه في دول الخليج خاصة وفي بقية الدول العربية عامة ، وكذلك تفوقه الإعلامي الهادف إلى تجنيد عناصر تيار السلفية المحتقن وكسبهم وتجاوز حدود دول الجوار بهم وتوظيفهم في عمليات انتحارية في سرعة قياسية ، إضافة إلى التنسيق التام بين هذا التيار السلفي الطائفي مع المخابرات الأمريكية في تنفيذ متفجرة الضريحين المقدسين لغرض تحويل ساحة العراق إلى ساحة حرب طائفية يراد منها تفريغ المنطقة من سلفية بن لادن وخلق توازن سياسي مرضي للسعودية يكون لأقلية غرب العراق فيه حق مساوي لحق الأغلبية الشيعة العراقية . وبذلك تنمو الحاجة العراقية للوجود الأمريكي الدائم ، وتخبو جذوة الحماس السلفي المضاد للأنظمة الخليجية ، وتتحول كل الطاقات لمناهضة التشيع ومحاربة نفوذه وامتداده .إن العمليات الانتحارية التي تجري في العراق لتصفية الشيعة بلا تمييز ، فضلا عن تدمير المساجد والعتبات المقدسة ، هي عمليات مشتركة خاضعة لإدارة ومعونة واشنطن وبعض نظم دول الخليج بالتحالف مع السلفية الطائفية، وتصب في مصالح إسرائيلية في الدرجة الأولى ، ويدفع ثمنها الوجود السياسي الجديد للشيعة الذي أريد له أن يمثل ساحة حرب تستفرغ فيها شحنات السلفية الطائفية المتطرفة وتوجيه طاقات شبابها الناتجة عن التدمير الكبير لمباني نيويورك ورمزية بن لادن لمحاربة هذا الوجود الشيعي. فهل يستجيب "الإخوان المسلمين" لنداء هذا التحالف البغيض؟!أعتقد بأن"الإخوان المسلمين" يدركون هذه المسعى العربي جديد الهادف إلى الجمع بين تيارهم وتيار السلفية الطائفية المتطرفة ليكوّنا كتلة حربية واحدة متورطة في سفك دماء اتباع أهل البيت(عليهم السلام) وتدمير مراقدهم المقدسة في العراق أولا ، حتى يأتي الدور على بقية الدول العربية ثانيا. كما أن "الإخوان المسلمين" يدركون أيضا أن هذا المسعى قد عبرت عنه أولا بعض وسائل الإعلام العربي في أوروبا بتحريض من بعض أجهزة المخابرات الغربية، واتخذ هذا الجانب من بعدها عدد من وسائل الإعلام في دول شمال أفريقيا التي قل فيها الوجود السلفي الطائفي وساد فيها تيار "الأخوان المسلمين" .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك