المقالات

ثلاجة جثث الشيعة ومسيرة الأربعين والدكتور عمر موسى

2055 22:30:00 2007-03-07

( بقلم : طالب الوحيلي )

قبل سقوط الطاغية كان الحقد الطائفي والفصل العنصري يقوم على اسس نمطية ادارة النظام وقوانينه وقراراته الصادرة ،وهي تشي بالكثير من الدلالات ذات الصبغة العنصرية الطائفية ،وقد وصل الأمر باحتساب ابسط تصرف ينم عن مدلولات دينية تعكس إحياء تقاليد أتباع مذهب اهل البيت ،احتسابها جرائم تصل عقوبتها الى الإعدام مع امتداد العقوبة طبعا الى أفراد أسرة المتهم او قبيلته وتلك صفة شاذة في جميع النظم القانونية المعروفة في عالمنا المتحضر ،ولاسيما إحياء ذكريات واقعة الطف وأربعينية الإمام الحسين عليه السلام التي اعتاد أبناء شعبنا ان يواظبوا عليها سيرا على الأقدام،فمسيرة الأربعين تعني فيما تعنيه من الجوانب السياسية في المراحل البائدة ،مظاهرة احتجاج صامت تمتد من أطراف مدن العراق حتى صعيد كربلاء ،حيث قيادة الثورة الإنسانية المتمثلة بسيد الشهداء ورعيله المقدس ،فكانت في عهد الطاغية اشد ثورة تمر عليه كل عام مما يدعو الى رصد واستنفار كل قيادات جيشه وزمره ومؤسساته الأمنية والقمعية للحيلولة دون وصول الحفاة المدماة أقدامهم والمبحوحة أصواتهم الى ذلك الالق المنبعث من رياض كربلاء ، لذا لابد للمسيرة ان تتجنب فلول ذلك النظام حتى تصل الى مبتغاها وهدفها الروحي ،مما يضطر الجميع الى اقتحام الطرق الوعرة والضواحي البعيدة عن أعين عسس ذلك الطاغية .

هور رجب وناحية الرشيد وطرق النفط مرورا باللطيفية والاسكندرية والمسيب ،والمقامات الدينية التي كانت تفتح أبوابها ليستظل بها المشاة او يحملون عبق تلك ألاماكن حتى الوصول الى كربلاء عبر تلك الطرق الملتوية والتي تتضاعف طولا ،ووقتا وجهدا ،ومع ذلك يشعر الزائر بزهو كبير ومشاعر لا تفارقه مدة طويلة ،وكان امرا طبيعيا ان يستقبلك ابناء تلك ألاماكن استقبال المضيفين ولا تجد منهم أي إحراج او غضاضة،او ادنى هاجس خوف من أي خبيئة او طارئ ، مع علمك بأنهم من أتباع مذاهب أخرى ، لكن العجب ان تتحول هذه ألاماكن الى ميادين للقتل الجماعي لإتباع مذهب اهل البيت ،وتهدم تلك المزارات بأيدي التكفيريين ، وتهجر الاسر القاطنة منذ اجيال لانها من طائفة اخرى ، وقد اشتهرت تلك المناطق بمثلث الموت لما عجت به من أحداث ومجازر ومقابر جماعية كان آخرها ما يسمونه (بثلاجة الشيعة) وقد خبئت فيها العديد من جثث القتلى بين مذبوح او ممثل به ،العجب كيف تحولت تلك القرى من عرب كرام الى جزارين وقتلة وسعالي ، لا يرعون ذمة ولا حرمة ولا ما يسمونه بدخيل ؟!

انه الحقد السياسي وليس المذهبي ،وتلك هي كارثة عملية غسل أدمغة هذه الجماعات من قبل ملقني الحقد وأرباب الفتاوى الكافرة من مشايخ تخرجوا من مدرسة البعث او من تحت إبط صدام ،أولئك هم وعاظ السلاطين الذين احلوا لصدام ونظامه ما حرم الله وبرروا له كل أنواع الطغيان .

وانه الحقد العروبي الذي غذته الأنظمة العربية من خلف الحدود ، وغضت الطرف عن تلك الكوارث التي لحقت بإتباع أهل البيت ، بالرغم من أنهم الذين ظلموا طيلة العهود الماضية ، وبالرغم من أنهم الأغلبية العظمى للشعب العراقي سواء كان ذلك مذهبيا او عرقيا ،وقد تأكد هذا الحقد في كل مجزرة تلحق هذا الشعب ولم تطرف لتلك الأنظمة عين او تسيل دمعة او تنم عنهم إشارة استنكار او مواساة ،عدا التعريض بشعبنا والانتقاص من ولائه لوطنه ،والاستمرار بدعم قيادات الإرهاب المقيمة في ظل عروشهم والراتعة في فضلات موائدهم ،وسوى إباحة الحدود للزمر التكفيرية الزاحفة لتقتل أطفال ونساء هذه الشعب بدم بارد او تفجر أجسادها النتنة وسط الجموع الفقيرة ،لتقف منظماتهم البليدة بالضد للحكومة التي انتخبها هؤلاء الفقراء كأعظم تجربة عرفتها الأمة العربية بطغاتها وملوكها الذين وطنّوا أنفسهم على البقاء مدى الحياة في تلك العروش برغم انوف رعاياهم المأسورين بطغيانهم ،ولعل تصريحات عمر موسى الأخيرة وخطابات بعض وزراء الخارجية العرب خير دليل على ان انتصار الشعب العراقي وتحقق الديمقراطية والاستفتاء على الدستور هو ما أغاض أولئك الطغاة واقضّ مضاجعهم .

ولنعود الى مسيرة الأربعين والعالم كله يتابعها ويترقب ما سيصادفها من استهداف حاقد من قبل زمر الإرهاب الصدامي العربي،وقد استشهد وجرح منهم المئات ،بطرق تؤكد على سقوط اخلاقي بريء منه إسلامنا المحمدي ، او عرقنا العربي الصحيح وليس المهجن من أجناس الانكشارية والإخشيدية والمماليكية والبربرية ، فهذه المسيرة تعني تأكيد الاستفتاء الشعبي على العملية السياسية والإحصاء الحقيقي للأكثرية حيث الملايين الملتحمة صوب ارض الطفوف ، وحيث فرض التعطيل الكامل للحياة الاعتيادية لأغلب مدن العراق وحلول حياة اخرى هي استذكار لمسيرة سبايا الحسين (ع) من الشام الى المدينة المنورة مروراً بكربلاء حيث لواعج الأسى والأحزان وحيث إحياء ذكرى فاجعة الطف..

السنين الخوالي شهدت اعتى حالات الإرهاب والتصفية الجسدية لإتباع اهل البيت من قبل منظومة سياسية اتخذت شكل ومظهر طائفي تكفيري أسس له النظام البائد وأيتامه ،مما يذكرنا بعهود الماضي وما عانى منه اتباع اهل البيت في حلهم وترحالهم ولاسيما في زياراتهم العتبات المقدسة وكيف وصل الأمر الى القتل ،وفي هذا الوقت وعلى عادتهم الأزلية لم يجد أتباع مذهب اهل البيت سوى مقابلة الحقد الطائفي بالصبر على الظلم وتحمل المشاق، لا خوفاً او ضعفاً، وانما احتواءً لمضامين هذا المذهب واسترجاعاً لصبر آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، آملين في الوقت ذاته استطاعة وتمكن أولي الأمر في السير بهم الى ضفاف الأمان، دون تردد او ذهول أمام سياسات المؤامرات التي تحاك من قبل بعض اطراف العملية السياسية وقد عطنت روائحها .

ولعل اهم مصداق لانتصار شعبنا على قوى الكفر والظلام ، المسيرة المليونية لأربعينية سيد الشهداء بما تعنيه من معانٍ لا حصر لها، أهمها انها تعكس التحدي الجهادي ضد قوى الارهاب والتكفير بما يقطعه الملايين من سكان بغداد والمحافظات سيراً على الاقدام قاطعين طرقاً موبوءة بالمتربصين بهم شراً وعدواناً، حيث شاءت الأقدار والحسابات الاستعمارية القديمة ان تحاصر مدينة بغداد بمناطق اختير لها ان تكون ذات نفس طائفي ووضعت بقصد صريح للحيلولة دون انفراج الأفق حولهم، لذا نجد مكامن الخطر في التاجي والطارمية وابي غريب واليوسفية والمحمودية والحصوة واللطيفية والنهروان وغيرها . واخيرا فان احياء مسيرة اربعينية الامام الحسين هي تجديد للولاء والعهد على البقاء على خط هذه الثورة حتى قيام الساعة ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك