المقالات

تحالفات الأضداد ودعوة الدكتور علاوي لتهميش والغاء الشيعة

2098 00:50:00 2007-03-18

(مشروع علاوي على ما يبدو لم يقنع أهم حزب مكون لكتلته ،فضلا عن الوزراء المنسوبين لها ، وابسط ما يمكن ان يتلمسه المواطن العراقي منه هو دعوته لتتشكل حكومة دكتاتورية تلغي حق اتباع اهل البيت في المشاركة بالانتخابات ،وقصرها على الإخوة السنة والبعثيين لكي لا تكون هناك اصطفافات طائفية او (طغيان طائفي او جهوي ) على رأي الإخوان في الجبهة الوطنية !!!) .........................( بقلم : طالب الوحيلي )

لعل إحدى اهم مشاكل الحياة السياسية في العراق في عصره الحديث هي مشكلة التحالفات او الائتلافات ،وقد عرفت تلك التحالفات اما عفويا ابان ثورة العشرين ،حيث شهدت البلاد نوع من تلك التحالفات بين القبائل العراقية والمرجعيات الدينية ،كان نتيجتها انتصار هذه الثورة على الاحتلال البريطاني ،فيما استمرت المحاولات الاخرى ارتجالية ودون أي برامج استراتيجية ،كجبهة الاتحاد الوطني التي عاصرت قيام ثورة 14 تموز 1958 ،ومن ثم الجبهة الوطنية عام 1973 ،وقد اجتمعت هذه التحالفات على عوامل متشابهة وانتهت بنتائج متشابهة ايضا ،فهي تحالفات تكتيكية لتيارات او احزاب لا تلتقي باي خط ايديلوجي ،بل انها تحالفات أضداد على اقل تقدير ،فكانت نتائج ثورة العشرين مع كونها تمكنت من هزيمة بريطانيا واقرارها بضرورة قيام الدولة العراقية ،كان التأسيس لنظام الاستبدادي الطائفي تماشيا مع النمط الرجعي السائد في العالم العربي والمنطقة ،مما ادى الى تهميش الأغلبية العظمى المكونة للمجتمع العراقي .

فيما كانت جبهة الاتحاد الوطني تحمل بذور فشلها منذ تأسيسها وقبل الاطلاقة الأولى لثورة 14 تموز ،فهي خليط غير متجانس من احزاب وتكتلات سياسية ،متباينة الرؤى والايديلوجيات ،وقد شاءت الظروف ان يتكرر تكوين هذه الجبهة لتجمع في طياتها بعض خصوم الماضي والذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي ،أي بين حزب البعث الفاشي وما قامت به عصاباته ايام انقلاب شباط الدامي وبين الحزب الشيوعي العراقي ،وما لقيه من مجازر وحشية قام بها صدام ورفاقه البعثيين ،حتى كاد ان يمحي ذلك الحزب عن الوجود ،فكانت الجبهة الوطنية عام 1973 وكيف تحول الجزار الى تقدمي والأضداد صاروا رفاقا ، والحق ان العراق شهد بضع سنوات من الاستقرار السياسي وبعض مناخات الديمقراطية المستفزة بطغيان لا يكاد يغفو حتى يتحول الى أشده ،لينكث بتلك الجبهة وتلك المواثيق ،بعد ان تمكن نظام البعث من كشف قواعد تلك الاحزاب والتسلط امنيا على قياداتها ،حيث شهد العراق مرحلة التصفية الجسدية للمئات الالاف من الأبرياء بتهم لا نص عليها في القانون ،وتداخل الأمر مع القوى الإسلامية التي بدأت طلائع ثورتها تظهر للوجود من خلال مرجعية الشهيد الصدر ،حيث نالت القسط الاكبر من التنكيل والإعدامات لاسيما بعد إصدار قرار تعديل المادة 156 من قانون العقوبات العراقي وبأثر رجعي لكي تشمل أحكامها بإعدام جميع من أوقفوا واعتقلوا دون سند قانوني !!خلاصة القول بالنسبة الى تلك التحالفات انها كانت تجاوز منطق الواقع لكونها كانت مجرد تحالفات تكتيكية لأحزاب متضادة في كل شيء ،ومتباينة العمق والحجم الشعبي ،ومتناقضة المصالح والنوايا ،سرعان ما انتهت الى خراب مريع امتدت آثاره الى المراحل التالية من تاريخ العراق السياسي .

الواقع العراقي بعد سقوط الطاغية شهد أكثر من تحالف ،بل ان القوى العراقية لمتصدية لمعرضة ذلك النظام ومن ثم وجودها كلاعب رئيسي في العملية السياسية ،قد بنيت فعلا على نمط من التحالف الاستراتيجي أسست له مؤتمرات المعارضة العراقية في لندن وفي صلاح الدين وفي دمشق وغيرها ،وقد دخلت العراق وهي الى حد ما على توافق في الرؤى والمواقف اسفر عنها تشكيل مجلس الحكم وفتح المجال امام قوى اخرى من الداخل والخارج في تبني التجربة السياسية الصعبة التي ابتدأت بواكيرها في البلاد ،لكن المشكلة هي ذاتها في بعض الاحزاب وتطلعاتها المستمدة اصلا من تراث ايديلوجي تقليدي قريب الصلة بقايا الانظمة البائدة كحزب البعث و النزعات الطائفية القومية ،لاسيما بعد ان انكشفت طبيعة العلاقة الشعبية مع تلك الاحزاب والحركات ،حيث لايمكن لاحد مغالطة الواقع واستحقاقاته ،وبكل تأكيد فالغلبة لمن يلتف حوله الشعب ،ومن كان له تراث وميراث كبير من ضحايا الأنظمة البائدة (أصحاب المقابر الجماعية ) .

التحالفات السياسية لابد منها اذن مادامت هناك معركة سلمية تتمثل بالانتخابات العامة والحركة بين الجماهير ،وقد اسس نظام الانتخابات وتشكيل الكتل على هذا النمط بسبب انفاح الاحزاب على الساحة كظاهرة جديدة ذات وجهين احدهما يبرر بتجاوز عهد الحزب الواحد والتشجيع على التعددية ،والوجه الآخر وهو محاولة قوات الاحتلال إيجاد أحزاب منافسة للقوى الشعبية وتشتيت قواعدها ،لذا راينا كثرة الأحزاب المتشابهة بالأسماء والمختلفة الأهداف او المتشابهة في الأهداف والمختلفة في الأسماء !!ولا باس مادامت صناديق الاقتراع هي الحكم والفيصل .الكتل التي فازت بالانتخابات وهي اليوم من يمثل الحكومة والبرلمان ،هي عبارة عن تحالفات ،ويعيش معظمها ذات الانطباع الذي اشرنا اليه ،وهو عدم الاستقرار في التكوينات او في النهج او في القرار البرلماني ،اذ تضطلع بعض كيانات اوشخصيات بعض هذه الكتل بدور المعارض لمشاريع اومقررات قد تبنتها كتلهم ،او لا تكاد تستطيع التكهن بما سيدلي به احدهم لو اتيح له المجال في التصريح للاعلام ،فيما ينبغي على هذه الكتل مادامت قد اشركت بحكومة الوحدة الوطنية ان ينصرف ولاؤها للبرنامج السياسي الذي يفترض ان تسير عليه بعيدا عن الرغبات الطائفية الضيقة التي حدت بكتلة التوافق مثلا تبني خط معارض لهذه الحكومة جملة وتفصيلا ،لتلقي مع كتلة العراقية بمشروع اشد غرابة من كل إرهاصات التحالفات الماضية وهو تشكيل جبهة وطنية ادعت فيها الخروج عن الاصطفافات الطائفية في مجلس النواب ،وهو موقف صريح ومعلن للتخندق ضد كتلة الائتلاف العراقي الموحد التي جاهدت كثيرا من اجل معالجة كل تخندق طائفي او قومي بتنازلها عن جزء مهم وخطير من استحقاقها الانتخابي الذي يخولها الانفراد بالحكومة دون الحاجة لاشراك تيارات لم تتورع في اعلان صفتها الطائفية وفي كافة المستويات ،ناهيك عن احتضانها للزمر الإرهابية ومغازلتها للحركات الانفصالية المتمثلة بما يسمى بإمارة العراق الإسلامية او عدم إعلانها لموقف صريح بإزاء ما يجري من قتل يومي يعاني منه المواطن العراقي ،لتطلع علينا عبر إعلامها ورجالاتها بابخس التهم كقضية المدعوة صابرين الجنابي !! إضافة إلى ان بعض أعضاء هذه الكتلة متهمون رسميا بجرائم إرهابية ،الأمر الذي يثير الغرابة ان الكتلة الأخرى (العراقية ) تضم أحزابا وشخصيات اشتهرت بتاريخها النضالي المليء بالتضحيات والتجارب المريرة مع مثل هذه التحالفات ،وهي لا يمكن ان تضحي بتاريخها وتطلع الشعب اليها وعدم المراهنة على وطنيتها والتصاقها بتراثنا العراقي الروحي والسياسي ،وهي قطعا لا ترحب باي موقف سياسي يتقاطع مع التجربة العراقية ومع دستوره ،كما انها قد أعلنت مواقفها الايجابية من الحكومة وخططها الأمنية وإجراءاتها الأخرى من اجل استقرار الأوضاع وإتمام عملية البناء ،دون ان تخفي امتعاضها من بعض السلبيات التي تصاحب هكذا واقع ،ولكن ذلك لا يعني بالنسبة لها (كما هو واضح من تثقيفها لقواعدها) انها سوف تتبنى مواقف الدكتور اياد علاوي ومن يسير على هواه في الدعوة الى الخروج من العملية السياسية وتكوين جبهة (غير طائفية ) مع كتل اشتهرت بطائفيتها الدموية ،ولا ندري كيف له او لبعض اقرانه (الشيعة الصفويين الروافض)ان يسوغ لهؤلاء الطائفيين العنصريين وجوده وسطهم ؟!!! يتحدثون عن إلغاء العملية السياسية وما يجري فيها من تطورات والمباشرة بتكوين حكومة جديدة يحل فيها البرلمان ويجمد خلالها الدستور لمدة سنتين ،هذا قفز على الواقع وعدم ادراك لحقائق ميزان القوى على الأرض .هكذا سياسة لا يمكن الاطمئنان اليها ،ولا يمكن التكهن بنتائجها ،وفيها قدر كبير من المغامرة ،وهي تفتح الأبواب وتبقيها مشرعة على كل الاحتمالات بما فيها الحرب الأهلية ..تريد الناس الآن حلولا ملموسة وواقعية ،تريد من يأت لمساندتها ومساعدتها بمعالجات واقعية لا بمن يتلاعب بمشاعرها ،فالوضع الأمني ما زال الهاجس الاول لها ،وفي هذا الوقت بالذات وحيث تسير الامور بما يؤشر الى مساع جدية لتحسن الوضع الأمني ،يأتي من يؤذي ويشاكس ،فبعض عناصر هذه الكتل يراهن بشكل رئيسي على تدخل خارجي وهم من اشد المساندين لمؤتمر دولي تعوم وتدول فيه القضية العراقية وترجع الى الربع الاول ،والمعتقد من خلال أحاديث جانبية مع قواعد (الحزب الشيوعي) احد أحزاب العراقية ،بان ليس كل ما يجري التصريح به من هذه الكتلة هو يمثل وجهة نظر لجميع ،وبالأكيد اذا ما تواصل هذا النهج سيؤدي الى حدوث شرخ في هذه الكتلة يتحمل مسؤوليته الذين يتبنون هذا النهج ،فمثل هؤلاء لا يرى في الوضع أية إمكانية للتحسن مادامت القيادة ليست بيده !!!

قال علاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أجرته معه خلال زيارته للكويت وبرفقته وفد من القائمة العراقية، إن «هذه الحكومة لا تمثلني كشيعي، ولا تمثل الشيعة في العراق بقدر ما تمثل الشيعة المسيسين، وقد حذرنا من قبل ولا نزال نحذر من أن الطائفية السياسية ستعرقل وتعيق عمل الحكومة، كما أنها ستعيق وتعرقل وحدة المجتمع العراقي»، مؤكداً أن «أخطر ما يواجهه العراق هو التوزيع الكردي ـ السني ـ الشيعي الذي فيه مقتل للعراق». وطرح علاوي البديل من خلال «التوجه الوطني العراقي الذي يؤمن بالتعددية وتنوع المجتمع العراقي ويعطي الحقوق طواعية لكل مكونات الشعب من دون طغيان في الجانب الطائفي أو الجهوي».مشروع علاوي على ما يبدو لم يقنع أهم حزب مكون لكتلته ،فضلا عن الوزراء المنسوبين لها ، وابسط ما يمكن ان يتلمسه المواطن العراقي منه هو دعوته لتتشكل حكومة دكتاتورية تلغي حق اتباع اهل البيت في المشاركة بالانتخابات ،وقصرها على الإخوة السنة والبعثيين لكي لا تكون هناك اصطفافات طائفية او (طغيان طائفي او جهوي ) على رأي الإخوان في الجبهة الوطنية !!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك