( بقلم : علاء هادي الحطاب )
لايختلف اثنان على اصالة الماضي العراقي الناتج عن ثقافة يمتد عمرها الى قرون من الزمن ..ويكفي فخرا الثقافة العراقية انها اول من علم الانسان القراءة والكتابة ... وسن القوانين ...ونظم امور الحياة ... كما لايختلف اثنان على عراقية الجواهري والرصافي والزهاوي ويوسف العاني وجواد سليم وحزمة كبيرة من الابداع الثقافي في كل المجالات ...
كان ومازال العراق يمثل (بلا غلو)اشراقة الثقافة العربية ومحور ارتكازها ويكفي العراقيين فخرا انهم بلد (الضاد) دون سواهم ...ولااعتقد ان بامكان (مثلي ) وغيري تقييم الثقافة العراقية او الحديث عنها بشكل مفصل فهذا (قطرة في بحر )..
مرت الثقافة العراقية بمراحل عدة كما مرت بعدة ازمات وحروب ليس اولها تحويل دجلة الخير الى بحر من الكلمات والحبر الازرق وحرق مكاتبها على يد هولاكو ...وليس اخرها سحب الجنسية العراقية من جواهري الكلمات والشعر والادب (الجواهري الكبير )...
بعد مرحلة التغيير وخروج الضابط... والشرطي ...من حكم الثقافة في البلاد ..استبشر المثقفون خيرا ...بأن الاديب.. والدكتور.. والشاعر.. والقاص ..والناقد.. والمثقف ..هو من سيُعنى بثقافة بلدٍ لا يمكن لوزير واحد ادارة دفتها .. اضطهدت الثقافة العراقية مرة اخرى ...وليس اخيرة ... عندما دخل مشروع المحاصصة الطائفية بحور القافية والادب والمسارح والغناء من خلال شبابيك وزارة الثقافة العراقية .
اكبر انتكاسة حصلت لثقافة العراق بعد مرحلة التغيير ..هي جرّ الثقافة العراقية (اداريا ) الى مشروع المحاصصة ...وما انتجته تلك المحاصصة كان وما زال وبالاً على الثقافة والمثقف ...فبعد ان سحب البساط من المثقف العراقي (كما اراه) الاستاذ مفيد الجزائري لتُسلم الى (عقيد شرطة ) ...هنا ...حصلت الانتكاسة الثقافية ورجعت عقارب الزمن الى قبل سقوط الصنم في ساحة الفردوس .
واستمر اضطهاد الثقافة العراقية بشكل صارخ عندما استلم امام المسجد والخطيب السيد اسعد الهاشمي ...المرشح عن جبهة التوافق العراقية... كونترول ادارة الثقافة والمثقف العراقي ..وهو الذي لايعرف كيف يلبس البنطال الرجالي ..(كما يقول النائب مثال الالوسي ) كما لم يتغن يوما برائعة من روائع النواب او يسمع (الريل وحمد) او يشاهد مشهدا من مسرحية (المحطة ) ...
الهاشمي رفض المنصب بداية الامر لانه لايفقه من الثقافة العراقية (اداريا ) شيئا ..صحيح لربما يفقه بشكل جيد الحلال والحرام ...الواجب والمستحب ... الاحتلال والمقاومة...السني من الشيعي ...لكن لايعرف (احمد مطر )ولم يحفظ جزءً من( شناشيل السياب) مثلا.. همش بل دمر الهاشمي الثقافة العراقية ..لأنه فهم وفقه استئزار الوزارة ...ان يقيل ويطرد المئات من الموظفين (الشيعة)ويصدر اوامر تعيين المئات من الموظفين(السنة) بأمر اداري طائفي (حد النخاع ).. فكم كان جميلا لو عيّن الاف المواطنين(السنة) دون ان يطرد الاخرين ..
فهم ادارة الثقافة العراقية ...ان يستحرم الخروج على الشاشة او اجراء اي مقابلة تلفزيونية سواء كان المحاور (زلمة او حرمة) فهم ادارة الثقافة ...اقصاء المثقفين العراقيين المستشارين في الوزارة وابدالهم بأصحاب (البدل الزيتونية) ...من يدخل الوزارة يرى بوضوح (صدامية )الجو العام ...و(طالبانية)الرائحة الفواحة ...من خلال رنات الهواتف النقالة التي مازالت تهتف (بالروح ..بالدم..نفديك يا صدام ..) مع ان (فضيلة الشيخ ) السيدالوزير يستحرم استخدام الموبايل ...فضلا عن البايل ...قلما يجد الزائر الان لوزارة الثقافة ..مثقفين ..ادباء ...شعراء مطربين ..فنانين ومن كان عنده معاملة رسمية في الوزارة فعليه ان يجد من يعقبها له ...طبعا فهو نقل الوزارة الى منطقة ساخنة جدا ..شارع حيفا ..واجبر الموظفين على الدوام امام مرأى من الارهاب (الحيفوي) ومن يخاف على نفسه من ان يدخل الشارع ..يطرد فورا من الوزارة دون سابق انذار ...الهاشمي عاث في وزارة الثقافة العراقية خرابا ...ويكفيه بعداً عن المثقف والثقافة عدم زيارته ...لاقبل ولابعد... احتراق شارع المتنبي (وهو الان المعني بالثقافة العراقية) كيف لوزير ثقافة لايخرج على شاشات التلفاز او يحضر جلسة لاتحاد الادباء او الفنانين وا الشعراء ؟؟كيف لوزير الثقافة لايحضر ندوات او مؤتمرات ثقافية داخل او خارج البلاد ؟؟؟
يجب ان يدرك جيدا البرلمان العراقي ..والحكومة العراقية ..ورئاسة الجمهورية ..واغلبهم (ما شاء الله)..(اساتذة ودكاترة) ان الثقافة العراقية تعيش اليوم ازمة من اشد ما تكون ....ولم يبق لنا سوى ثقافتنا نتغنى بها ..فيجب انقاذها وتسليمها الى اياد (اولا واخيرا)مثقفة تفقه معنى الثقافة العراقية ...والا (لاقيم الركاع من ديرة عفج)...انقذو ثقافتنا يرحمكم الله ويذكركم التاريخ. .............................................كاتب واعلامي عراقي
https://telegram.me/buratha
