المقالات

قمم السراب العربي والاتفاق على تجاهل دماء الشعب العراقي ؟!!

1622 01:50:00 2007-03-31

( بقلم : طالب الوحيلي )

قال السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد ورئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق لدى إلقائه خطابه وسط الجموع المليونية المحتشدة في الصحن الحسيني إثناء إحياء أربعينية الإمام الحسين عليه السلام(ندعو جميع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي الى ممارسة الدور الايجابي في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية من اجل مساعدة العراق على النهوض من جديد ،لأننا نعتقد ان نهوض العراق وتحقيق الامن فيه سينعكس ايجابيا على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي، وقد أثبتت السنوات الأربع الماضية ان عدم الاستقرار في المنطقة كان سببه اضطراب الوضع في العراق،وهذا الامر يدعو الجميع الى التفكير الجدي بتحمل المسؤولية التضامنية لتحقيق الامن في العراق، ونؤكد في هذا المجال على ضرورة قيام تعاون إقليمي في المنطقة من اجل مكافحة الإرهاب الذي يستهدف كل دول المنطقة وشعوبها وان كان العراق وشعبه اليوم هو الهدف الرئيس لهذا الإرهاب، وان الشعب العراقي يدفع الضريبة الكبرى لهذه المعركة، وما هذه التفجيرات التي تحدث كل يوم وتؤدي الى قتل وإصابة المئات الا دليل على ذلك ورأيتم العمليات الإجرامية الجبانة التي استهدفت زوار الإمام الحسين(ع)وهم في طريقهم الى كربلاء، وان هذا الإرهاب قد استهدف الشيعة والسنة والعرب والكورد والتركمان والمسلمين والمسيحيين وكل المكونات العراقية ، ولذلك لابد من تظافر جميع الجهود من اجل مكافحته وعدم الانجرار الى مخططاته الرامية الى إحداث الاقتتال الطائفي في العراق ، ومن المؤسف حقاً عدم وجود ادانة مناسبة من قوى المنطقة لمثل هذه العمليات,بل وللمزيد من الا سف تقوم بعض الفضائيات العربية والقوى السياسية وبعض الدول من دعم غير مبرر لهذا الإرهاب وأهدافه).

هذه الفقرة من خطابه هي استشراف للواقع العراقي والإقليمي ،ورسالة استباقية لما يمكن ان يجري تداوله والتباحث فية بالنسبة للشأن العراقي ،ومنعطفاته الإقليمية والدولية ،فاستقرار العراق الامني يعني بالأساس استقرار إقليمي يمكن ان يجنب دول الجوار خطر انتشار الإرهاب الذي أخذت بوادره بالظهور في عدة اماكن من الوطن العربي ،ولو اغفل البحث فيه لتحول الامر الى كوارث قد تحرج تلك الأنظمة ان لم نقل تسقطها ،لذا فانه لابد من تعاون إقليمي في المنطقة لمكافحة الإرهاب كما دعا الى ذلك السيد الحكيم ،آخذا بنظر الاعتبار المآسي التي يعيشها الشعب العراقي بكافة أطيافه من جراء النظرة الضيقة التي تؤطر العلاقات العربية في هذا الشأن الخطير وكأن الامر لا يعنيها من قريب او بعيد ،حيث بات من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان في كون العمق الاستراتيجي للإرهاب لا يتعدى حدود الوطن العربي ،فيما تعمل وسائل الإعلام العربية على التقاط ابسط الحوادث ذات الطابع الطائفي لتحيلها الى كوارث بقصد تشويه سمعة القوى الوطنية المتصدية للعملية السياسية وللتجربة الديمقراطية الفتية التي قامت على انقاض الخراب الذي خلفته منظومة القيم المتجذرة مع النمط السياسي الشائع في الوسط الإقليمي ،في الوقت الذي لا تعير أدنى أهمية لما يقع من مجازر وحشية يروح ضحيتها المئات من الشهداء بسبب الانتحاريين الذين يعبرون الحدود من وسط تلك الأنظمة وأمام أنظار عسسهم ومخافرهم الحدودية ،او يتعمدون عبر خطاباتهم الرسمية المسؤولة في محاولات لتصوير الصراع السياسي لبقايا النظام الصدامي البائد ،على انه صراع طائفي الغرض منه تهميش او الغاء طائفة معينة ،والتجني على أغلبية الشعب من عرب وكرد واثنيات اخرى فتحت أحضانها لبعضها في مجلس نواب لا نظير له في العالم العربي ،وتنازلت عن استحقاقات انتخابية من اجل اشراك الجميع في الحكومة الوطنية لكي تحمل على أكتافها اعباء تجربة مصيرية تؤسس لدولة القانون حيث لاحاكم فيها سوى الدستور العراقي الدائم الذي استفتي عليه اكثر من ثلثي الشعب العراقي ،ومع ذلك تشي مقررات مؤتمر القمة الجارية أعماله هذه الأيام في الرياض ،بمحاولات التدخل في الشأن العراقي بشأن تغيير بعض مبادئ الدستور ،الأمر الذي ينبغي الفات نظر تلك الدول باعتبار ذلك تدخل سافر بمقدرات هذا الشعب وحقوقه الديمقراطية ،ولعل التجربة التي يعيشها الشعب المصري اليوم هي الأنموذج السيئ للتعاطي الديمقراطي مع الشعوب ،فهل ستتناول القمة العربية الاستفتاء الذي لم يحظى بمشاركة أربعة ملايين مواطن مصري من أصل سبعين مليون ؟!

إذن ليس أمام الدول العربية سوى تفهم الواقع العراقي وطي صفحة الماضي بفتح صفحة جديدة على أساس التعاون مع الحكومة العراقية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب العراقي ودعمها بكافة الوسائل المادية والمعنوية ،ومن ذلك لجم وسائل إعلامها من التطاول على السيادة العراقية وتسعير الفتن الطائفية والسياسية والرقص على مصائر ودماء الأبرياء ،كما يجب عليها إحكام حدودها في وجه الزمر الضالة التي وجدت في الساحة العراقية ميادين لإرهابها وضلالها ،ناهيك عن إيقاف دعمها المتواصل لماكنة الخراب التي يستحيل ان تستمر لو لم تجد من يمولها وعلى مستويات رسمية وإمكانيات دول وليس افراد.العالم العربي مثقل بالهموم والمشاكل ولا شك ان كل دولة لديها ما يكفيها من سلبيات وإخفاقات على المستويات الشعبية والسياسية ،فهل لها ان تشغل نفسها بمصائبها وتترك العراق وشأنه اذا كانت غير قادرة على مساعدته ،فان كانوا لا يريدون مساعدته فيكفي ان لا يضرونه !!

وأخيرا ،يبدو ان القمة العربية قد (تفوقت) على نفسها وضمنت بيانها النهائي ،فقرة كانت تلك الدول قد أغفلتها على المستويات الإعلامية والشعبية والتربوية ،وكانت سمة الموجة المعادية للشعب العراقي بعد سقوط الطاغية ،وهذه الفقرة هي (نشر الثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل إشكال الإرهاب والغلو والتطرف وجميع التوجيهات العنصرية الاقصائية وحملات الكراهية والتشويه ومحاولات التشكيك في قيمنا الإنسانية او المساس بالمعتقدات والمقدسات الدينية والتحذير من توظيف التعددية المذهبية والطائفية لإغراض سياسة تستهدف تجزئة الأمة وتقسيم ولها وشعوبها وإشعال الفتن والصراعات الأهلية المدمرة فيها) ،لكنها لم تشجب او تستنكر او تدين الارهاب ومن وراء ثقافة الغلو والتطرف وحملات الكراهية والتشويه ومن يحتضن قياداتها ومن يقدم لهم كل أشكال الدعم ،وهي بكل يقين كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء !!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك