المقالات

باقـر الصدر الظاهرة اليتيمة

1644 14:21:00 2007-04-10

( بقلم : سلمان الشامي )

لعل المفكروالفيلسوف الاسلامي الكبير ومرجع الدين الفريد السيد محمد باقر الصدر من اكثر المفكرين الاسلاميين الذين حظوا بالدراسة والبحث، لكنه ظل سرا مغلقا على الباحثيين على كثرتهم، فقد منحت شخصية الصدر الشهيد الزاهدة بكل ما في الحياة من متع ابعاداً اخرى لم يألفها الباحثون والدارسون فقلما يصل المرء الى هذا المستوى من التمكن العلمي وعيا وتأليفاً، لكنه فضل رغم ذلك التضحية بنفسه وبعطائه العلمي في قمة نضوجه، وكأنه يمتحن نفسه وهو يردد امام طلابه "من منا عرضت عليه دنيا هارون الرشيد ورفضها؟" لكن حدسه المستقبلي قد صدق، اذ عرضت عليه الدنيا بكاملها فرضها، مفضلا ان يضيف اسمه الى سجل الشهداء لا الى سجل الاموات الاحياء ( العراق بحاجة الى دمي وليس الى ترجمتي)...

واذا كان لابد من الحديث عن اشكالية العلاقة بين ظاهرة باقر الصدر المرجع الزاهد والمجاهد المنظر والمفكر والفيلسوف الشاب الكبير الذي ولد عام 1935م وظاهرة الحوزة المستقرة عبر التاريخ بعلمائها المنظوين تحت رؤية الاجتهاد في العبادات والتحفظ في المعاملات لاسيما الابتلاءات السياسية، فإننا في الوقت الذي نحترم فيه ما قد قدمته الحوزة من نتاج علمي عبر علمائها المعمريين فإننا ندرك ان الصدرالفريد قد اختصر الحوزة كلها تأليفا واضافة وابداعا وزعامة و استشهادا.

وهنا تجدر الاشارة الى عدة اضافات قدمها هذا الخالد العظيم لمسيرة الحوزة ولشخصية العالم الديني المسلم، ففي جانب الفكر السياسي الاسلامي خطا باقر الصدر خطوات هامة وخاصةً في الجانب العملي منها فكان تأسيسه لحزب الدعوة الاسلامية في عام (1957) واشرافه على ) جماعة العلماء( التي تأسست عام 1959 اضافة جديدة لم يدركها المجتهدون من قبله، اولائك المجتهدون الكبار الذين ظلوا يعيشون على امل ان يكتفي جمهور المسلمين بهم ولا يتطلعوا الى علماء الدين التنويريين ودورهم في المجتمع.

ولم يكتف الصدر الشهيد بتأسيس حزب الدعوة الاسلامية والتنظير له، بل مضى الى ما هو ابعد من ذلك فقد حرم الانتماء الى حزب البعث يوم كان البعث هرم السلطة الذي لم يتجرأ احد على نقده فما بالك بتحريم الانتماء اليه! ولذلك كان رد فعل السلطة عليه خارج السياقات الطبيعية لعلاقة اي سلطة مع مفكر بحجم باقر الصدر اذ رأت فيه البديل القادر على تقويضها فسارعت الى تغيبه عن المشهد كله، ذلك التغييب الذي وجد صداه الكبير لدى رواد الوعي في العراق وغيره.

انه لمن المؤسف ان بيئة الصدر الاساسية وهي الحوزة العلمية وزعامتها قد تعاملت مع تغييبه بشكل مرتبك منهزم خائف وقيل شامت،هذا اذا ما استثينا تلامذة الظاهرة باقر الصدر وموقف الامام السبزواري. لقد تعامل باقر الصدر مع المشهد العراقي بصفة الاب لكل ابنائه وعلى الرغم من انه يعد على الاغلبية العربية الشيعية في العراق الا ان النظرة الابوية الجامعة قد طغت على فكره وعمله مما ضاعف من خطورته على السلطة انذاك وفي الذكرى السابعة والعشرين لرحيله 9/4/1980م والرابعة لسقوط قاتليه  9/4/2003م، يعاد اليوم اكتشاف باقر الصدر الرمز ويشار اليه بصفته رمز العراق وتلك مفارقة كبيرة اذ ان باقر الصدر كان ذاكرة عقيدة كاملة بنيت على علم محمد ودم علي وابنائه الاطهار واذا كانت هذه الذاكرة تومض لسماء العالم الاسلامي كله فانها تتركز افقا ناصعا في سماء العراق ويكون باقر الصدر الظاهرة قد اعاد العراق الى هويته البكر بمؤلفاته وبدمه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك