د.فراس الكناني
في عصر العولمة , وعولمة العصر, كثيرة هي النظريات والتجارب انتهجها الساسة عند تولي زمام الأمور , بها ارتسمت أساليبهم الخاصة والعامة , المعلنة والسرية , على أساسها اتخذت قراراتهم البناءة والهدامة, النافعة والسامة, في أضوائها ارتقت أمم , واندحرت دول عبر تاريخ طويل بمعترك مؤلم ودامي في أحيان كثر..احتوت الخارطة السياسية بلدان من عالم أول تتصدى للقرار, تتحكم بمصائر الشعوب, ودول عالم ثاني متطورة صناعية, قادرة ماديا تساند الدول الأولى, فدول عالم ثالث أما تمتلك ثروات ولكنها لا تمتلك قدرة توظيفها او معوزة متأخرة..على هذا السياق يكون القرار, وتستغل الثروات فتنتقل الأيدي العاملة وتعمل الشركات المتعددة الجنسية, بأجندات مسبقة لتحقيق غايات مبيتة , بلا عدالة , بتعسف وجور, وفق مبادي رنانة, أحلام لا تتحقق ..الأمر الواقع , العالم قرية صغيرة, لا تخفى فيه كل صغيرة وكبيرة , وسائل الاتصال مُشاعة للفرق وكل فرقة تعزف ما تشاء من لحن, تبث ما يتوافق مع مصالحها متناسية إن الإنسان أسمى أهداف الوجود, سخر الله له ما في السموات والأرض, ومن اجله بعث الأنبياء والمرسلين, وكرم العلماء والعاملين في آيات وكتب, كان أخرها القران الكريم الكتاب المعجز الذي انزله على سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه واله وسلم ), ومنه رسم نبينا الكريم نظام الحكم المدني,الذي استقطب القبائل تحت ظل واحد هو ظل ( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) بعد أن كانت متناحرة يغزو بعضها بعضا كقوله تعالى "...وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ..." (سورة ال عمران الآية 103),فكانوا طرائق قدد , ليؤسس منهم الدولة المدنية وليجعلهم امة..وبتأييد من الله أوصى نبينا الكريم الأمر من بعده لأمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي( 13 رجب 23 ق.هـ/17 مارس 599م - 21 رمضان 40 هـ/ 28 فبراير 661 م) إماماً وخليفةً للمسلمين، في خطبة الغدير, فعن الإمام جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه ؟ ... فيقوم أمير المؤمنين ( عليه الصلاة والسلام ) ، فيأتي النداء صريحا من قبل الله عز وجل : يا معشر الخلائق ! هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه وحجته على عباده ..." ليستمر في نهج الحق حاكما بالعدل لم يعرف تاريخ الإنسانية أحدا بعدالته, هو مثال في عالم البشر بثوب أنساني تطبيقي, فكل مجتمع أو جماعة أو قائد مناد بالعدالة يريد الحرية ، يأمل في تكوين مجتمع يقوم على أساس القسط والعدل ، يضع عدل علي وفضائله ( عليه السلام ) نصب عينه ، ويتخذه قدوة في برنامجه الذي يسعى إلى تطبيقه..فالتبحر في شخصيات عظيمة كعلي بن أبي طالب ( عليه الصلاة و السلام ) أثبتت الدراسات فاعليتها في توحيد الصفوف والخروج من الصعاب حاجة ملحة ... إن أخطاء النظريات السياسية كالشيوعية والرأسمالية والتقدمية والقومية, وما نتج عن اقتباساتنا الغير مدروسة لتجارب الآخرين من تبعية, وظلم, ومشاكل اقتصادية ... تدفعنا للبحث من جديد عن حلول ناجعة من تجارب سابقة, للنهوض بالواقع الإنساني, من حضيض المادية, تفرد الوجودية, والخوف من الأخر, وضع إمامنا علي بن أبي طالب ( عليه الصلاة و السلام ) سياسة شاملة في جوانب الحياة المختلفة, هو برغم اهتمامه بالتنمية الإنسانية, وعملية نشر التعاليم الربانية, من طريق تأكيد العلم وإبراز دور التعلم في الارتقاء بالإنسان, عنى بالجانب الاقتصادي, شجع التجارة و الزراعة, ووزع الثروات بالقسط وأجزل العطاء, رعى الأيتام وكبار السن , وعوض النساء الثكالى في مؤسسته الاجتماعية فقضى على الفقر في جو من التكافل وحفظ الحقوق, فمن حكم مثله بعد رسول الله ؟ إن الإفادة من حكم الدولة في عهد الإمام علي مشروع ريادي للعودة للطريق القويم الذي من شانه السمو بمنزلة الإنسان من جديد, انه تجربة فريدة ونظرية أصيلة لا يختلف عليها الأعداء والأصدقاء يمكن توظيفها وبناء البرامج الشاملة في المجالات الحياتية المختلفة, فمنه تعلمت الأمم العدل واقتبست الفضائل , وهو الذي قال : " سلوني قبل ان تفقدوني " , علي مع الحق والحق معه إن قام وان قعد هو نور وهدى لمن أراد إن يهتدي .
https://telegram.me/buratha