ظاهر صالح الخرسان
عندما توفرت الأمور وحسب التخطيط الإلهي جاء النبي محمد المنتمي إلى الدائرة الابراهمية مبشرا ونذيرا يعلن على رؤوس الأشهاد بأن البشرية جنس واحد ذات اله واحد ومبدأ مساواة واحد ...فقد بنى مجتمعا إنسانيا جدليا على ضوء عقيدة وطيدة ونهج اقتصادي واجتماعي متين فالمجتمع ليس لديه استغرابا ان يرى بلال شريفا محترما بعد ان كان هذا العبد مسحوقا ذليلا من طبقة مستضعفة أور يى سالم مولى حذيفة يؤم المسلمين في مسجد قُبــاء ،تلك المدرسة الإبراهيمية الثائرة ضد القيم المتوارثة والأفكار العفنة والنفوس المريضة قادها آخر راعي من الأنبياء وآخر رسول في سلسلة أولئك الرجال الذين كانوا ينتفضون على حين غرّة في الصحراء الصامتة ذات المصير المجهول ومن بين أوساط المحرومين ليقارعوا مدارس القوة والنفوذ والهيمنة والمال وليهتكوا أقنعة الزيف والدجل وعند إتمام المهمة ينبري لهم صارخا بالقرب من غدير وسط صحراء الحجاز القاحلة حيث أعلن يوم التنصيب للوزير الأعظم بعد صدور الأمر الإلهي لرئيس الأمة الإسلامية جمعاء محمد النبي "ص" لم يكن آنذاك المسلمون طوائف ومذاهب إلا بعض الحالات الشاذة من هنا وهناك وقد عمل الرسول على تحجيمها والوقوف ضدها من خلال منظومة فكرية وأوامر ونواهي صارمة محذرا بعدم تجاوزها ومحذرا التشتت والتفرقة فان الأنياب مكشرة ومستعدة لنهش هذه الدويلة الحديثة العهد لكن النفوس بعد لم تتروض ولم تعي ما يحيط بها فقد أزاحت النص الإلهي وفق مشروع مدروس ومنهجية خبيثة من شأنها رد الجميل لرجالات لم تزل مواقفهم مشرفة ضد الحركة الإسلامية وند سياسي واجتماعي للرئيس الحاكم في المستقبل فانتعشت الطبقية من جديد وغيب المحرومون مرة أخرى واضطربت الإحكام حيث تحولت السلطات المدنية والدينية إلى الخلفاء على التوالي، بالصورة والكيفية المعروفة، ورغم ما صاحبها من اجتهادات وتأويلات وتصرفات وتجاوزات في بعض مفاصلها على ما كان عليه صاحب الدعوة، فكان ينظر إلى الأمة وقد نكثت بيعتها وأخذت تتخبط في تيه لم يستوعبه احد ..فقد توقف نهج السماء واعتزل داره معتكفا ورافضا للحال الذي وصلوا اليه ...فلولا الخطر ولولا الوصية لثار مرة أخرى وليقاتل من اجل إرجاع المسيرة المحمدية بعد انحرفت لكن أنى له ذلك والأنصار مشتتين والعدو متربص من الخارج فسلم الأمر لله لا اعلم هل كان في داره يستذكر البيعة مع أصحابه في غدير خم أم قد طواها تأريخ الانقلاب .. يخرج في نتصف الليل متوغلا غابات النخيل يفتش في أحشاء الليل البهيم لكي لا يراه احد او يحس بوجوده ويدفع برأسه في البئر يبكي ويناجي في هذا المكان الذي ألفه ..لأنه لمخ تتحمله البشرية ينفث ما في صدره في جوف الأرض فلا يُسمع أنينه ولا نشيجه تلك الأذهان البالية ولا تلوثه نظرات العيون الملوثة ..الأرض التي احتضنت ذلك الصوت وتلك الآهات اليوم انبتت كل نبتة وكل عطاء هو من ذلك الأنين وذلك النشيج فمأساة علي هي مأساة الأرض وخسارة الإنسانية جمعاء ..وها هي اليوم ارض كوفان تحتضن الإنسانية وتحتضن الغدير بعد ان شح في ارض الحجاز لينبع بالقرب من مرقده الطاهر وقرب محرابه وقرب معراج روحه..هؤلاء أتباع علي اليوم يعيدون التاريخ بوجه مشرق ليبينوا للعالم ان الغدير وحادثته هو لكل الإنسانية جمعاء وسيأتي اليوم الذي يبايع العالم علي في غديره وعلى أيدي المخلصين والمحبين لنهجه العالمي فالأمة اليوم بحاجة تجديد بيعته ولا ينكثوا عقد الولاء مرة أخرى ...لكن نتساءل من يبقى على البيعة ومن ينكث ؟إن المحرومين هم الذين يبقون على بيعته وكل من ينتمي الى هذه المدرسة الإبراهيمية المحمدية أما من كان الطبقات الأخرى البرجوازية وطبقة النفوذ والمصالح والشبهات وأصحاب الو لاءات المتعددة فلا يلتزمون ببيعته ربما يحيطونه متى ما درّت معايشهم لأن هؤلاء قد تربوا وذابوا في مدرسة على النقيض من مدرسة أيتام وأتباع علي ،يرون ان الناس عبيد وهم الأسياد ولهم أسوة بأجدادهم الذين نكثوا البيعة وصادروا حقوق المظلومين والمحرومين حتى وان كانوا ممن ينتسبون الى التشيع !
https://telegram.me/buratha