سعد الفكيكي
كوردستان العراق، منطقة معروفة بجمالها الطبيعي، وجبالها الشماء التي عانقت السماء، يكسوها الثلج في الشتاء وخضار الأرض في الصيف، وامتزجت معها الفاظ (الكاكا وبه خير بي وسرجاو) وغيرها من كلمات الترحيب الكردية. الأقليم يتكون من ثلاث محافظات، هي أربيل العاصمة ولؤلؤة الشمال (السليمانية) ودهوك، تم أنشاء الحكم الذاتي عام (1970) على أساس الأتفاق بين الحكومة العراقية والمعارضة الكُردية، اِلا أنه لم يفعل بسبب هيمنة النظام السابق وممارساتهُ القمعية لأبادة الشعب الكُردي. بعد حرب الخليج وصدور قرارات مجلس الأمن الدولي وضعت المنطقة تحت الوصاية الدولية، وتم انشاء منطقة حظر للطيران وانسحبت القوات الحكومية من كوردستان مما وفر غطاء لعودة الأكراد وممارسة دورهم الطبيعي في الحياة الأجتماعيةِ والسياسية . في الواقع السياسي هناك حزبين رئيسيين هما الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود البرزاني، وحزب الاتحاد الوطني بقيادة جلال الطلباني، ويوجد برلمان للأقليم يتكون من (111) نائب ولحد أنتخابات عام 2009 كان الحزبين المذكورين شاغلين لأغلب المقاعد، اِلا أن الانتخابات الأخيرة التي جرت في 21/9/2013 كان لها رأي مختلف، تراجع حزب الاتحاد المركز الثالث وتقدمت حركة كوران الى المركز الثاني بعد الديمقراطي، كوران كلمة كردية تعني (التغيير) في العربية ويتزعمها نوشيروان مصطفى ومقرها في السليمانية، وتأكد للسياسيين الأكراد بأن هذه الحركه هي القوى الصاعدة ولا بد من الاتفاق معها في اتخاذ القرار، فلماذا تقدمت كوران وتراجع الاتحاد ؟ برزت هذه الحركة في السليمانية معقل حزب الاتحاد، بسبب ثقافة وانفتاح الشعب الكردي في هذه المدينة، وأحساس الفرد في التعبير بحرية وقد ساهمت سياسة الحزب في ذلك مما سمح لهذه المعارضة بالنشاط والتكوين في العملية السياسية، وعلى ما يبدو أن الاتحاد لم يلبي طموحات الأكراد، ودخوله في قائمه منفرده في الأنتخابات لم تكن موفقة مثل السابق، وربما لم يعد يشكل الأغلبية مع حليفه الرئيسي في البرلمان القادم .بعد مام جلال هناك ثلاث شخصيات بارزه في الحزب :- هيرو أحمد أبراهيم ، وهي زوجة مام جلال وقيادية بارزة وعضو المكتب السياسي، الا أن تصريحها الأخير بالأنسحاب والتخلي عن مركزها قد فتح باب المنافسة وترك المجال للقياديين الأخرين، والثاني كوسرت رسول علي النائب الاول لسكرتير الاتحاد الوطني الكردستاني ويبدو أنه الاوفر حظا في خلافة مام جلال، والشخصية الثالثه، الدكتور برهم احمد صالح، وقد شغل عدة مناصب في الحكومة المركزية، ورئاسة الأقليم لمرتين وقد يتحمل العبئ الاكبر من تراجع حزبه . للأكراد دور مهم في تثبيت العملية السياسية في العراق ومصادقة الدستور، لأنهم جزء من النظام السياسي في العراق وما يحصل من تغييرات في الشمال يكون لها تأثير في الجنوب، وكوران تعطي درساً للساسة في بغداد للمعارضة الصحيحة ودورها الكبير في أجراء هذه الغييرات، وأن المواطن هو من يمتلك الأداة القادرة على التغيير فلا بد من خدمته وأن تكون رفاهيته غاية وليست وسيلة، فعدم وجود المعارضة الصحيحة في العملية السياسية تعني وجود الدكتاتورية، ومن جهة اخرى درس لأجراء المراجعة وأعادة النظر بقيادات وسياسات الحزب، وأعطاء الفرصة للوجوه الجديدة التي يمكن لها أن تقدم الأفضل، والأنفتاح على الأفكار بأتجاه جميع الفئات والمكونات، حتى لا يكون الحزب محصورفي زاوية ضيقة تحكمه رؤى محددة لا تسمح له بالتحرك في مساحة أكبر .
https://telegram.me/buratha