حيدر التكرلي
خلفت سنوات المحنة ركام من الحرمان، وقلوب جريحة تنزف ألماً بما لاقته من جفاء القائمين على المؤسسة التعليمية سابقاً، وتحملوا طلبة العراق آنذاك أعباء المعيشة في أحلك الظروف، وعانوا الكثير من الويلات في زمن ألنظام البائد والحصار الاقتصادي المشئوم،، فألقت تلك الحقبة السوداء بظلالها عليهم بشكل عام، وعلى مستوى تحصيلهم الدراسي بشكل خاص، وبالتالي هُمِش عطائهم نتيجة غلق أبواب الرحمة بوجوههم، فكسروا بذلك كل أحلامهم وأمنياتهم وتطلعاتهم إلى المستقبل المشرق, وأخص بالذكر منهم خريجي الاعداديات المهنية.. لطالما حلموا وتمنوا الحصول على شهادات عليا في تخصصهم، وعلى وجه التحديد (الزراعي والصناعي) لكي ينهضوا بواقع هذين القطاعين، إلا ان الإجراءات التعسفية بحقهم حالت دون ذلك. ولشديد الأسف لا زالوا يعانون من نفس المشكلة حتى اليوم، بسبب عدم استقبالهم في الكليات الحكومية لاسيما المسائية منها. علماً أنهم دأبوا على ارتياد الوزارة والجهات ذات العلاقة، عند بداية كل عام دراسي جديد، منذ التغيير عام (2003) والى حد كتابة هذه الأسطر, إلا انه دون جدوى فالجواب دائماً وأبداً ما من شيء جديد، بمعنى انه لحد ألان يعمل بقانون هدام المقبور، أي العشرة الأوائل فقط هم من يسمح لهم بإكمال الدراسة فقط . ان الإجراءات الأخيرة التي أجرتها وزارة التعليم الموقرة لهذا العام, والانفتاح الواسع في خطة القبول، وورود بنود عديدة في دليل الطالب (2013-2014)، والتي من شأنها ان تتيح المجال للكثيرين ممن يرومون إكمال دراستهم، دعتنا إلى ان نستبشر خيراً في بادئ الأمر، خصوصاً بعد شمول المهنيين وحسب إحدى فقراته التي جاء فيها: "يحق لخريجي الدراسة الإعدادية المهنية الصباحية والمسائية للفروع (الصناعي والزراعي والفنون التطبيقية) التقديم للدراسة المسائية حسب التخصصات المناظرة على ان لا تزيد نسبتهم عن(10%) من خطة قبول الكلية"، أقول أليس بالإمكان ان يكون هذا القرار بمثابة أنجاز كبير لمن يسعى لتحقيقه، وبنفس الوقت حدث تأريخي مهم جداً للأطراف المستفيدة منه كافة؟ لكن ما ان تقدم هؤلاء المنسيين إلى مراكز التسجيل، حتى أصيبوا بخيبة أمل كبيرة لعدم تطبيق ما جاء بشأنهم بحجج واهية! فنتمنى ان لا يحكم الجالسين خلف التعليم العالي مرة أخرى بالإعدام على أي شريحة طلابية! وان ينظرون من أوسع الأبواب لمسيرة العلم والبناء التي من المفروض ان لا تتوقف، وان يعملوا جاهدين وبنية صادقة، من اجل رفع اليأس الذي اخذ يدب في عروق تلك الشريحة الواسعة والمهمة، نتيجة هذه الممارسات التي لا تمت للإنصاف بصلة،، فأمنياتهم بين يديكم فان هيأتم الأرضية الخصبة لها والرعاية الأبوية الحقيقية،، لكان لها ان تتحقق رغم انف الصعاب، وإذا كانت بالأمس أحلامهم حبيسة قيود الجلاد الأعمى.. فاليوم الأجدر بكم ان تقروا عيونهم وتحتضنوهم لأنهم المخلصين من أبناء تراب هذا الوطن الطاهر والسلام.
https://telegram.me/buratha