أعلنت مهلكة آل سعود بالأمس تخليها عن مقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي ، وعزت هذا ” التخلي ” – وفق بيان وزارة خارجية آل سعود حرفيّاً – للأسباب التالية :( إن بقاء القضية الفلسطينية بدون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاماً والتي نجم عنها عدة حروب هددت الأمن والسلم العالميين لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته .وإن فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية ليعد دليلاً ساطعاً وبرهاناً دامغاً على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته .كما أن السماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبدون مواجهة أي عقوبات رادعة لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته) .ومن أجل نقاش موضوعي لهذا البيان أطرح التالية :1 – إستغرقت مهلكة آل سعود لعامين كاملين في جهود مضنية ، وشراء للمواقف والذمم ، والضغوطات المباشرة وعبر آخرين ، وتبويس اللحى … من أجل الحصول على هذا المقعد ، فما هو الجديد الذي ” أجبرهم ” على التنازل عن هذا الجهد ؟! .2 – القضية الفلسطينية عمرها خمسة وستون عاماً ، أي سابق بعقود جهد المهلكة للحصول على هذا المقعد ، فلماذا اليوم تصبح هذه القضية سباباً في تخليها عن هذا المقعد ؟! .3 – العالم بكليته يعرف بأن هناك دولة إستخدمت حق النقض ” فيتو ” لأكثر من أربعين مرة لإدامة معاناة شعب فلسطين وترسيخ إحتلالها ، دولة إسمها أمريكا . من هو النظام الأكثر إلتحاقاً وعمالة لأمريكا في هذه المنطقة ؟ من هو منفذ سياساتها وراعي مصالحها ؟ من هو بئرها النفطية وعميل بنوكها المالي الأضخم ؟ من هو الزبون الأكثر سخائاً وشراءاً لأسلحتها ؟ من وقّع بالأمس – وفي ذات وقت الإعلان عن موقفكم العنتري – عقد معها لشراء أسلحة بمليارات الدولارات ؟ … إنه أنتم يا مهلكة آل سعود ! أليس من الأجدى إذاً إتخاذ موقف من أمريكا إن كنتم عرباً أو مسلمين أو حتى بشراً ؟ .4 – يمتلك الكيان الصهيوني أسلحة دمار شامل منذ خمسينيات القرن الماضي ، وفي مقدمتها الأسلحة النووية ، وأول مفاعل حصل عليه هذا الكيان جاء من فرنسا . أين كان وزير خارجيتكم الهمام وقت قراركم المهيب ؟! ألم يكن في ضيافة فرنسا ؟! يال وقاحتكم !!! إمعانا في السخرية منكم وإزدرائكم ؛ لقد تفهمت فرنسا موقفكم من هذه العضوية ، وهي واحد من بيوت الداء والسمّ .5 – قبل أشهر سقط في خان العسل عشرات الشهداء بفعل أسلحة كيمائيّة أطلقتها مجموعة إرهابيّة بشهادة من لجنة تقصي الحقائق الأمميّة ، ماذا فعلتم حينها ؟ ولماذا لم يكن لكم موقف يُرصد ، أو صوت يُسمع ؟ أم أن هناك خلف الستار أسباب توجب الخرس هناك ، ورفع الصوت هنا ؟ وبخصوص استخدام السلاح الكيماوي في غوطة دمشق أحيلكم إلى ما قالته صحف حلفائكم الغربيين ، إنهم يتهمون مدير إستخباراتكم بندر بتوريد هذا السلاح ، وإعطاء الأوامر بإستخدامه !!! . ثم إن ملاحظات مراقبي الامم المتحدة أثبتت أن لا أثر لسلاح كيماوي في الغوطة ، وآثار السلاح موجودة فقط في أجساد الضحايا فهل حقنهم الجيش العربي السوري بالمواد الكيمائيّة وسلمهم لأدواتكم ؟ أم أن أدواتكم هم فعل ذلك وعرض صورهم وأفلامهم فوقعوا ووقعتم في شرّ أعمالهم وأعمالكم ؟! .
أعتقد بأن هذه الوقائع تثبت بأن ” تنازلكم ” عن عضوية غير دائمة في مجلس الأمن سببها في مكان آخر تماماً ، ودوافعها – بالمطلق – غير هذه الدوافع . كلّ الدنيا باتت تعرف أي حقد يعتمل في قلوبكم على كلّ عروبي ، وأي ضغينة تحرقكم عند التعامل مع كلّ شريف ، وأي إحراج يمثله لكم كلّ مقاوم . شعوركم بالتهميش ، وفقدان القيمة ، وتراجع المكانة ، وإحساسكم بدنو أجلكم السياسي والتاريخي ، وإقتراب موعد إنهيار هيكلكم المشؤم ، وإقتراب ساعة إنهيار ممالك النفط والرمل ، ولملمة سيدكم لأغراضه بهدف الرحيل … كلّ هذا يرعبكم ، ويهزكم من الأعماق ، ويجعلكم تتصرفان كبندول الساعة . نعم هُزمتم ، وسقطتم ، وأنتصرت سوريا ، وما هذا البيان إلا بيان الهزيمة . جهزوا حقائبكم ، إن جزيرة العرب مقبلة على فصل من ربيع دائم ، لن يكون كربيعكم الدامي ، بل ربيع موشح باللوتس والياسمين . لقد إنتهى زمن الهزائم ، والنعاج ، وأشباه الرجال ، وجاء زمن الإنتصارات ، وبزوغ الفجر .
https://telegram.me/buratha