المقالات

صراع الإرادات

585 08:07:00 2013-10-27

 

   لكي تتخذ الديمقراطية شكلها المثالي فلابد من تحقيق آليات تنفيذها بشكل يتفق مع متطلبات الواقع الاجتماعي، فمسألة الديمقراطية المباشرة التي تعني حكم الشعب لنفسه بطريقة مباشرة يمكن تنفيذها في المجتمعات الصغيرة التي لا يتجاوز فيها عدد المواطنين المؤهلين اكثر من الحد الذي يسمح بمعرفة رغباتهم الشخصية وتطلعاتهم وأرائهم وهم مجتمعين في مكان واحد ويسمع بعضهم الاخر ، كأن يجتمعون في ملعب يتسع لألفي مواطن/ة لكي يقرروا ويتفقوا على حل لمسألة معينة او لتشريع قانون معين او لأتخاذ قرار معين يخص مجتمعهم الصغير، وحتى قواعد هذه العملية توضع بالاتفاق بينهم فيستفتى رأي أبناء الشعب المؤهلين مباشرة في شأن المسألة المعروضة ، وايضاً فأن الشعب قد قرر مسبقاً القواعد والطريقة الواجب اتباعها في التصويت  فلكل نوع من المسائل المطروحة اغلبية معينة من التصويت  فمثلاً قرار الحرب يستدعي موافقة 3/4 اصوات المواطنين المؤهلين وقرار المصادقة على اعدام قاتل 2/3 المواطنين المؤهلين وقرار من نوع اخر يستدعي تصويت الاغلبية المطلقة او الاغلبية البسيطة وهكذا. هذه هي الديمقراطية المباشرة كما هو معلوم. والمبدأ المستنبط من هذه العملية ان الشعب يقرر بالاغلبية من اصوات المواطنين المؤهلين وعلى الاقلية من المواطنين المؤهلين ان ينصاعوا لحكم او قرار الاغلبية شريطة عدم التعسف بقرار او حكم الاغلبية وإلا ادى الى انفصال الاقلية المعارضة من ابناء الشعب والذي قد يؤدي الى تكوين دويلتين او مجتمعين مستقلين او قد يؤدي الى الصدام والاقتتال. وهذا ما يدفع الى اتخاذ قرارات تتصف بالحكمة والعقلانية.

   الآن في ظل المجتمعات المليونية والمليارية السكان لا يمكن تطبيق الديمقراطية المباشرة فاستعيض عنها بالديمقراطية التمثيلية او النيابية والتي تعني ان الشعب ينتخب من يمثله في مجلس اصطلح على تسميته الجمعية الوطنية او مجلس نواب الشعب اوممثلي الشعب او مجلس العموم وغيرها من المسميات التي بالنتيجة تعني ان هذه المجلس يمثل ابناء الدولة سكانياً وجغرافيا لكي يقوم هذا المجلس بسن التشريعات واتخاذ القرارات لتسيير امور الدولة نيابة عن الشعب ولكن ما هي الشروط التي يجب ان تتوفر في المرشح ليكون نائباً وممثلاً لمجموعة المواطنين الذين يمثلهم في المجلي النيابي ؟  فاضافةً الى شروط الاهلية هناك شرط مهم، هو ان يحصل على تأييد الاغلبية في الدائرة التي يرشح فيها فأذا كانت الدائرة الانتخابية تمثل مقعد واحد في المجلس النيابي فيجب ان يحصل على 50% + 1 على الاقل ليفوز بمقعده التمثيلي واذا كانت الدائرة تمثل عدد معين من المقاعد فيجب الحصول على القاسم الانتخابي ليفوز بمقعده (القاسم الانتخابي هو عدد الاصوات الصحيحة للناخبين مقسم على عدد المقاعد) وايضاً هنا قد يسأل سائل، لماذا يجب الحصول على هذه النسب من الاصوات لكي يفوز المرشح بمقعده؟ والجواب ايضا بسهولة هو لكي يكون النائب حاصل على الدعم والقوة الشعبية والمشروعية التي تؤهله للتحدث او اتخاذ القرارات او التصويت عليها  نيابة عن ناخبيه والشعب الذي يمثله ولا يلام عن افعاله إلا اذا كانت على شكل تصرفات شخصية يحاسب عليها القانون .

 

   إلا انه يمكن للديمقراطية المباشرة ان تُطبّق وتُنفّذ في الدول المليونية في اضيق نطاق وفي حالات محددة  وتكون عملية تنفيذها مكلفة مادياً ومع هذا يجب ان تطبق وتنفذ في مثل هذه الحالات، وتسمى هذه العملية بالأستفتاء، ومن هذه الحالات الأستفتاء على الدستور وتعديلاته او الأستفتاء على قرار يمس وضع الدولة في حالات انفصال جزء من اراضيها ليستقل بنفسه كدولة جديد او لينضم الى دولة اخرى او الاستفتاء على اندماج دولتين في دولة واحدة او لتكوين اقليم جديد داخل الدولة او الاستفتاء لتشريع قانون يتعلق بطريقة ادارة عملية الانابة الشعبية لممثلي الشعب او الحاكمين مثل قانون الانتخابات او الاستفتاء على قانون يحدد من يحق له ممارسة العمل السياسي وتكوين الجماعات السياسية وشروطها كقانون الاحزاب، كذلك يحصل الاستفتاء على تشريع قانون  لتغيير هوية الدولة اذا لم تحدد في الدستور سواء كانت هوية اقتصادية او سياسية مثل الرغبة في ان تتحول الدولة من الاقتصاد الليبرالي الى الاشتراكي او العكس. والسؤال، لماذا هذه الامور ينبغي فيها للشعب ان يقررها مباشرة وليس من خلال ممثليه؟ الجواب وبكل بساطة لكي لا ننتج حاكم او مجموعة اشخاص اوحزب او مجموعة احزاب تستأثر وحدها بمقاليد امور الدولة وامتيازاتها ونصبح اما حالة من حالات الدكتاتورية وتكريس السلطات وتهميش فئات الشعب الاخرى او الجماعات السياسية الاخرى .

   ما اريد ان اورده في هذا المقال ان صوت الشعب وارادته هي التي يجب ان تُغَلّب على ارادة اقلية لاتمثله بشكل حقيقي في تشريع قوانين ستراتيجية مثل قانون الانتخابات او قانون الاحزاب ولكون الدستور قد سكت عن التطرق لشكل النظام الانتخابي للدولة فيجب ان يتم الاستفتاء عليه لكي يكتسب شرعيته لان (قانون الانتخابات هو الاداة التي يستخدمها الشعب لاختيار ممثليه وليس الاداة التي يستخدمها ممثليه لاعادة أختيار انفسهم) خصوصاً ان اكثر من 90% من ممثلي الشعب (اعضاء مجلس النواب العراقي) لم يحصلوا على النسبة الكافية لاصوات الاغلبية في دوائرهم الانتخابية بل هم فازوا باصوات الخاسرين واصوات قادة قوائمهم. وهم يحاولون تكرار نفس الشيء الآن بل ولمصلحتهم أكثر من السابق.

24/5/131027

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك