الصحفي كاظم جابر الموسوي
تعج الساحة العراقية بالأحداث المؤلمة التي يندى لها الجبين وتدمع منها العين وتقشعر منها الأبدان وتتبرأ منها الأديان والبشرية التي لازال فيها ضمير وشيء من الإنسانية التي خلق الله الناس فيها..الإنسانية التي يجب أن تكون حاضرة في كل زمان ومكان تغلفنا وتظللنا وتحملنا وتسايرنا وتكون رادعاً وحاجزاً بيننا وبين أفعالنا التي تنافي الإنسانية وتخالف الشرع وتتعدى حدود الدين وتغضب الله سبحانه وتعالى في السماء والإنسان في الأرض..لأن الإنسانية هي مقياس لأفعالنا وهي من تحدد شخصية الصحفي العراقي من حيث نزاهته وأخلاقه ومخافته من الله..والإنسانية هنا ليست هي محور مقالتي وإنما أحببت أن تكون الإنسانية هي فاتحة لمقالتي لأن الإنسانية يجب أن ترتبط بكل شيء في الحياة وتتصل اتصالاً وثيقاً بمخرجات الحياة والبشرية,فالعمل يجب أن تكون فيه إنسانية,والتعامل يجب أن تكون فيه إنسانية والتخاطب يجب أن تكون فيه إنسانية,وكل شيء يجب أن تكون الإنسانية هي المحرك والقلب النابض له وإذا فُقدت الإنسانية وتخلى عنها الإنسان فلن تتسم الحياة بالصدق والشفافية والأمانة,وما جعلني أخط عن الإنسانية وأهمية وجودها وكيف أنها اختفت في زماننا هذا هو الإعلام االعراقي الذي غاب فيه عنصر الإنسانية والضمير ومصداقية المهنة والذي تحدثنا عنه سابقاً وقلنا إنه يجب أن يراعي المهنة في عمله والإنسانية في نقله والحيادية في تغطيته والصدق في مجرياته وأن يبتعد عن الكيدية وتسخير وقته وجهده وطاقاته في التخريب وترصد الأخطاء واستغلال الفرص وإثارة الفتن وإشعال فتيل الأزمات والانحياز لشخصية أو جهة أو مؤسسة والوقوف بجانبها وتلميعها رغم أخطائها وعيوبها ..قلنا يجب أن يسير في خط سوي ومستقيم ليس فيه اعوجاج أو انحناء أو متاهات وأن يقف بجانب الحق والحقيقة ويحارب الفساد والمفسدين مهما كانت مكانتهم ومواقعهم وسلطتهم لا أن يرفعهم ويخفي أخطائهم ويواري حقائقهم ويظهر صورة تنافي شخصيتهم وأفعالهم بغية إرضائهم واستجداء عطفهم واستدرار محبتهم من أجل عرض من الدنيا قليل..وبعض وسائل إعلامنا المأجورة والفاقدة للضمير وللمهنية وللنزاهة تتبع سلوك اعطني أكثر تكون من الراسخون في العلم والاستفزاز ناهيك عن المراوغة والمداهنة والكذب والنفاق واللف والدوران ومسايرة التيار ومجاراة رياح التغيير والتلون كالحرباء والوقوف مع القوي والفاسد والمتنفذ حتى وإن تهاوى وسقط في مستنقع الرذيلة واللاخلاقية واللإنسانية وانجر خلف رغبات الفاسدين الذين فقدوا ضمائرهم وباتت تسيره تلك القوى وتستغله لمآربها وغاياتها وأهدافها الممقوتة واللعينة التي تهدف لزعزعة أمن البلاد وخلخلة صفه وبث سياسة الكره والحقد وتأجيج النزاع فيما بين المواطنين والقوى المتناحرة التي مزقت البلاد وأنهكت العباد ولم يعتبر الإعلام من هذا ويخلص للأمانة الملقاة على عاتقة ويقوم بواجباته تجاه عراقه وشعبه المثخن بالجراح ويبرئ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى وأن يبتعد عن تلك السياسات الهوجاء التي يتبعها الآن ويعتقد أنها مهنية وإنسانية وأخلاقية، بينما هي في الأصل لا تمت للإنسانية والمهنية في شيء وتعتبر مجرد تلبية لرغبات هؤلاء الفاسدين في الأرض..ولو عدنا بذاكرتنا قليلاً للوراء وتذكرنا سياسة إعلامنا في الحقبة المظلمة قبل التغيير وكيف يتعامل مع الوقائع والحقائق ويتجاهلها كلياً ولا يعيرها أدنى اهتمام وهذا دليل على أن الإعلام كان يهدف لقلب الحقائق وتمويه الصورة وتلميع الأخطاء، لأن المتنفذين كانوا يريدون ذلك كي تظل حقائقهم وجرائمهم وسياساتهم الاستبدادية طي الغموض وخلف الأسوار وفعلاً شاركهم الإعلام جرمهم ووارى حقائقهم ورضخ لرغباتهم الدموية وظل على تلك الحال إلى إن قامت عملية التغيير التي قلبت الموازين وكانت لها كلمة الفصل،وظننا أنه بقيامها سيعود الإعلام لجادة الصواب وسيقف بجانب الشعب الذي حرره من براثن المفسدين والمتنفذين وسيسعى لكشف الحقائق وإفشال المؤامرات وردع وصد المتجبرين وأنه سيغير سياسته وسيؤازر الحق الذي أبطله المبطلون وتعدى عليه النافذون,ولكن للأسف تجاهل كل ذلك واتخذ من ساحة العراق وشعبه وسيلة لإشعال الفتن وتأجيج النزاعات,وما من شاردة أو واردة في عصرنا الحالي إلا ويقوم بتحجيمها وإثارة الناس ضدها ليس حرصاً منه على هذا الشيء وإنما كي يقول للعالم وللشعب العراقي في زمن رب نعمتنا كان كل شيء" عال العال" والآن بعد أن ولى تكدرت الأحوال وسادت الفوضى والدمار,وظهرت أسرار الدولة العظيمة التي لم يكن يعلمها إلا المقربون الذين قُطعت ألسنتهم وغالطوا أنفسهم وقالوا أن كل ما يسمعه الشعب والأعلام الخارجي هو محض أفتراء وفبركة يريدون من خلالها زعزعة أمن الدولة العظيمة,إذن لماذا يسعى هذا الأعلام المأجور الآن للنزول لسفاسف الأمور وجعلها قضية رأى ومطالبة الجهات المعنية بحلها ورمي اللوم والشتائم والسب واللعان علي أصحابها؟ لماذا لم تكن تلك سياسته في السابق تجاه قضايا بحجم العراق وليس تفاهات كالتي يحاول الآن تحجيمها؟ألم يكن الشعب في الأمس القريب يئن ويحتضر ويعاني شتى صنوف العذاب؟ ألم يكن يصرخ وينادي ولكن لا حياة لمن تنادي؟ فأين كنتم أنتم ولما لم تقفوا بجانبه؟ لماذا في هذه اللحظات التي يعيشها العراق أحلك اللحظات ظهرتم؟ اتقوا الله ولا تذروا الرماد في العيون, ولا تصبوا الزيت على النار, وتجردوا من عبودية الغير واللهث خلف المصالح التي من أجلها أصبحتم بلا أخلاق وبلا مهنة وبلا ضمير.. فرفقا بالصحفي العراقي يانقابة الصحفيين
https://telegram.me/buratha