عمار جبار لعيبي
بادئ ذي بدء الإدارة هي طريقة عمل وفن ولا تقتصر على مؤسسة معينة دون غيرها فكل مؤسسة أو شركة أو عمل بسيط لا يمكن إن ينجح أو ينمو من دون إدارة حكيمة هدفها النجاح في مهمتها لان عمل كل مؤسسة ونموها وتطورها متوقف على إدارتها بشكل جيد والتخطيط في كل خطوة وعمل عن طريق التخطيط البعيد المدى والمتوسط والقصير فهل هذا موجود في إدارة دولتنا ؟ أم أنها مجرد شعارات وضحك على الذقون ؟والملاحظ على إدارة مؤسساتنا وبشكل خاص إدارة الحكومة حيث أنها تفتقد إلى أول شرط من شروط نجاح الإدارات وهو غياب التخصص في جميع الوظائف فالمتخصص في عمل ما يعطى عملا ً أخر وكذلك جميع المتخصصين في الاختصاصات الأخرى فنرى وزيرا ً ابعد ما يكون اختصاصه عن الوزارة التي تسلم إدارتها وهذا يدعونا إلى إن لا ننتظر منه النجاح في هذه الوزارة لأنه سيقضي نصف دورته محاولا ً التعرف على طريقة عمل هذه الوزارة وسيحاول العمل في ما تبقى له من وقت إن كان قد تبقى له شيء والذي أوصله إلى هذا المنصب هي المحاصصة فعدة وزارات قد اعطيت إلى حزب أو تكتل معين على أنها حصته من الحكومة بغض النظر عن امتلاك هذا الحزب لمتخصصين بهذه الوزارات وجل ما يفعله الوزير الجديد هو ملئ وظائف هذه الوزارة بمناصريه وأعضاء حزبه مع علمه بعدم كفاءتهم في هذه الوظائف فبدل إن يعتمد مبدأ الكفاءة في إدارة هذه الوظائف نراه يعتمد على مبدأ جديد يمكن إن نطلق عليه (حزب قراط) بدل اعتماده مبدأ (التكنو قراط) وهذا سيجعلنا ندور في دائرة مفرغة لن نخرج منها ما دمنا نعتمد المحسوبية والمنسوبية في إدارة الوظائف وإبعاد العقول النيرة خوفا ً من إن تبرز وتأخذ المكان المناسب والمفترض لها على حساب الجهلة بهذه الاختصاصات فيتم إبعاد الكفوئين وتهميشهم وجعلهم يعيشون حالة من الاغتراب في وطنهم مما يدفعهم نحو الهجرة إلى خارج الوطن بحثا ً عن من يقدر ويستفيد من مهاراتهم وتخصصاتهم ويبقى نزيف العقول مستمرا ً في العراق إلى اجل غير معلوم ونحن بأمس الحاجة لمثل هذه العقول التي لن نجتاز محنتنا إلا بها وبالمحافظة عليها .نحن بحاجة إلى ثورة إدارية على جميع المستويات نحقق بها النمو المفقود لدينا من خلال اعتماد التخصص والاستفادة من الأخطاء السابقة وتجارب الدول الأخرى التي مرت بمثل ما نمر به ِ وتجاوزته بطريقة أو بأخرى لبناء وطن يُسكن ويعاش فيه بكرامة لا أن يصبح وطنا ً للثكنات العسكرية ومضربا ً للأمثال بالفشل والتراجع بعد إن تقدمنا أشواطا ً ومراحل في جميع الاتجاهات والممارسات الديمقراطية .فليس ما نطمح إليه هو شكل الحكم بحد ذاته وإنما هو جوهره وما يقدمه إلى المواطن.
https://telegram.me/buratha