المقالات

توريث الدول

402 15:34:00 2013-10-30

مالك المالكي

تبنى الدولة من خلال رؤية إستراتيجية تجيب على تساؤلات من قبيل، ماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟، وتوضع خطط خمسيه وعشرية وربما أكثر تتضمن الإجابة على الاستفهامات أعلاه، وهذا هو سر تقدم دول وتأخر أخرى، والأكيد أن هكذا نهج يحتاج لحكومة تعي دورها جيدا، وتضع لنفسها برنامج تفصيلي واضح، تنفذه كلا أو جزء خلال فترة ولايتها، وتترك لمن يليها برنامج هو الأخر واضح المعالم قد تقوم الحكومة ألاحقة بإجراء تعديلات أو إضافات عليه، وهكذا تدور عجلة بناء الدولة حتى تصل لدرجة الحاجة للتجديد، بعد أن تصل إلى مرحلة اكتمال الأسس.في العراق عانت الدولة ربما منذ تأسيسها من الحاجة لهكذا عمل مبرمج، لا بل كانت تخسر في كل مرحلة أو حكم جديد تفقد جزء كبير من الرؤية الإستراتيجية، فكل من تولى الحكم كان يخطط للبقاء أطول فترة ممكنة في سدة الحكم، حتى وصل الحال إلى التفكير بتوريث الحكم للأبناء كما شهدنا في مرحلة حكم البعث ألصدامي وتظهر اليوم بوادر ذلك في ظل نظام الحكم الجديد، وان كان الشعب يعذر رأس النظام ألبعثي لا لشيء إلا لكونه أعلن عن العراق كملك له ولأسرته، لكن من الصعب على الشعب أن يتقبل ذلك في ظل نظام ديمقراطي، يؤمن بفصل السلطات والتبادل السلمي للسلطة، لذا فحديث رأس الحكومة عن ولده وبطولاته كانت طعنة نجلاء في خاصرة العراق الجديد، الذي دفع الشعب تضحيات جسام ليصل الى هكذا نظام وطريقة حكم، وكان هذا الحديث بمثابة تزكية لكل الديكتاتوريات سواء في العراق أو الدول العربية الأخرى، لكون رأس السلطة اليوم يدعي انه من ضحايا الديكتاتورية وعقلية التوريث التي سادت العراق والمنطقة في الفترة التي تلت ما سمي بالربيع العربي، وكما يقال (لا تنه عن خلق..)، وكان يفترض أن يكون النظام الجديد تعبير عن حاجات الشعب التي افتقدها على يد النظام السابق. وإذا بالأمور تجري بنفس الطريقة السابقة وأقسى في بعض الأحيان، خاصة مع عدم وجود أي انجاز يعتد به قدمته الحكومة كحكومة مكلفة ببناء الدولة وتقديم الخدمات للشعب، فلا مؤسسة رصينة ولا مستشفى ولا مدرسة ولا شارع انشأ طيلة العشر سنوات السابقة، نعم ازداد الفساد الإداري والمالي، وتم تقويض سلطة القانون وتسييس المؤسسات القضائية، وكان العمل مستمر على قدم وساق لتثبيت أركان مملكات مالية لأشخاص معينين ومقربين من الحاكم، وأصبح الحكم ملك عضوض لشخص الرئيس وحزبه وعائلته، وهذا ما شكل كما أسلفنا صدمة كبيرة للشعب العراقي، الذي كان يمني النفس بحكومة تكرس كل ما لديها لبناء دولة عصرية قادرة على مواكبة التغيرات التي تجري في العالم، وتتعامل على أساس حضاري مع المواطن، بعد أن ذاق الويل والثبور من حكومة التوريث، والاستئثار والتهميش. وعلى هذا فان الانتخابات القادمة أكيد ستعبر عن رفض الشعب لمنطق التوريث، ومنطق الاستئثار، والفساد والإفساد الذي ساد المؤسسة الحكومية وعطل بناء الدولة وفق الحلم الشعبي العراقي، وستشكل نتائجها درس بليغ لمن لم يستوعب ما جرى لمن سبقه من الحكام، من أن الشعب العراقي لن يرضى إلا بنموذج يحفظ حرمة الدماء الزكية التي سالت لبناء الدولة الحلم...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك