المقالات

الشعب بين ذبح الارهاب و صمت الجلاد

586 11:41:00 2013-11-01

محمد حسن الساعدي

بعد اكثر من عشره أعوام على سقوط النظام البعثي ، وتشكيل لثلاث حكومات متعاقبه بعد التغيير ، وبعد الدستور الجديد ، والانتخابات تلو الانتخابات ، والتأسيس لمشروع وطني ،لم نشعر بشيء من الاستقرار لا السياسي ولا الاجتماعي ، فنزلق بلدنا نحو الاقتتال الطائفي ، وتمزقه أواصر الارتباط الاجتماعي بين مكوناته ،وأصبح أداه سهله بيد الاجندات الخارجيه ،والتي نجحت في اختراق هذه الأواصر وتمزيقها . ظاهره الإرهاب ،الذي ينفذ ويبرر باسم الإسلام. هذه هي المشكلة الكبرى التي ارتفع صوتها، ويتساقط ضحاياها ليس فقط من غير المسلمين، بل ومن المسلمين أيضا، وبأعداد كبيرة، ويوميا. تفجيرات البشر والأسواق والمساجد والحسينيات في العراق، وتفجيرات الكنائس ، فما من يوم يمر على العراق إلا و يصحو فيه مواطنوه على دوي التفجيرات و مشاهد الدماء و الدمار فيموت الأبرياء بالعشرات، ناهيك عن آلاف الجرحى ممن يحتاجون للعلاج في بلدٍ مستشفياتُه أصلا مكتظة و مهترئة جرّاء سنوات الحرب و الحصار و نقص الوسائل الطبية فيبقى الجرحى ممدين على الأرض ينتظرون دوْرَهم لتلقي الإسعافات، هذا إن قدر لهم أن يبقوا على قيد الحياة.

و إذا أخذنا فقط الشهور الخمسة الماضية، نجد أن عدد الضحايا يفوق ال٨٠٠ شهريا بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، ما يذكّرنا بسنوات الجمر و النار التي تلت عام 2006 حين تمّ تفجيرُ مرقد الإمامين العسكريين و فُتِحتْ بعدها أبواب الجحيم الطائفي فبلغت حصيلة القتلى 3000 شخص كل شهر.

كلّ شيء مباح في هذه التفجيرات و لا توجد خطوطٌ حُمْر أو حرْمَةٌ لمكان أو مناسبة.

فكل الأماكن مستهدَفة، من طرق و أسواق و مبان حكومية. حتى بيوتُ الله من حسينيات و مساجد لم تسْلَمْ.

و إذا كان الفرح قد هجر بيوت العراقيين فإنه لا وقت للحزن أيضا. فلا يُسمح لأهالي الضحايا بِبُكَاءِ قتْلاهم حيث يأتي الانتحاري ليُفجّر نفسه في مأتم لِتُصبحَ الجنازة جنازات. 

أما المستهدفون فالكلّ أمام التفجير سواء. شيعة و سنّة و مسيحيون و أكراد و رجال أمن. 

و إذا استثنينا الاحصاءات التي تقدمها الأمم المتحدة من حين لآخر بعدد الضحايا، فإن كل هذه الفظائع تجري في ظل صمت و تجاهل عربي و دولي فاضح. و كأنّ الضحايا ليسوا بشرا بل أنهم لم يرْقَوا إلى مرتبة كالتي يحظى بها الحيوانات في الغرب. و لا نكاد نسمع استعمال لفظ "إرهاب" لتعريف ما يجري في العراق، لأنه إرهاب بكل المقاييس.الارهاب تفنن كثيراً في قتله اليومي ، حتى صار كل يوم دائم له لونه وطريقه استهدافه الابرياء ، ويمتاز بطريقه اختياره للمكان والزمان ، وضربات نوعيه جداً توقع العشرات من الضحايا بين شهيد وجريح ، والهدف هو احداث فتنه طائفية بين ابناء الشعب الواحد ، ليكون حطب لحرب مشتعلة تأتي بالأخضر واليابس ، وتكون حطب لشعب أرهقته سنين حكم جائر ، أخذت منه الكثير ، فلم تبقى منه الا بشر لا يعرف ماذا يريد والى اين يسير ، كما ان العداء للمشروع الوطني والعملية السياسيه هو الذي يُغذّي التدهور الأمني في العراق كي يظهر المشروع الوطني بمظهر المسؤول الفاشل العاجز عن حماية شعبه و صيانته امن مواطنيه . لكن، و بالرغم سوداويه المشهد ، إلا ان ما يشهده العراق اليوم ليس إلا ظرْفا سيمضي، حاملا معه دموعه و مآسيه تماما مثلما ما مضت حقبات أخرى و أخذت معها الغُزَاة و المستبدّين. فقد ذهب المغول و بقي العراق، لكن العراق العريق بحضارته و تاريخه أنجب بعد ذلك علماء و مفكرين ومثقفين له لمساتهم على التاريخ . كما أن تكون التفجيرات اليوميه برغم فظاعتها وقسوتها الا انها يجب ان عاملا في توحيد الشعب كما توحّد في المعاناة، لأن هذا الإرهاب لم يستثن طائفة أو عِرْقاً بل استهدف الجميع بدون تمييز . كما يجب علىنا أن نعي تماماً أن العدوّ هو نفسه سواء آستهدف أحياء الكاظمية أو الأعظمية أو الدورة أو حتى أربيل. لأن هناك من يريدُهم أن يسدِّدُوا فاتورة الحقد الطائفي الأعمى .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2013-11-02
اين الشعب بضرب القتلة
كريم البغدادي
2013-11-01
سؤالي الى سنة العراق كل نظريه اوايديولوجيه في العالم فكرة البعث ونظريته لم تطبق الا على جماجم واشلاء الشيعه افلت فكرتهم وماتت بعد الاحتلال جاءوا بنظرية الجهاد وعلى مَـن تركوا الامريكان والهدف الحقيقي الشيعه والحجه تبعية للفرس والمجوس ليس الجهاد هو الغايه الامريكان رحلوا همهم الاكبر من اسم الجهاد قتل العدد الاكبر من الشيعه وليس لهم علاقه بالدين اين حكومة الشيعه من العين بالعين والسن بالسن وقتل الارهابي في مكان الحدث وضع المجرم في فنادق وليس سجون يعني مشاركه المجرم في جرمه وهي جرئته على القتل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك