المقالات

المباهلة والقوة الناعمة


جواد العطار

تمر على الامة الاسلامية في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى مباهلة الرسول الكريم (ص) لنصارى نجران حينما طلبوا منه المباهلة (المباهلة: من البهل ، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى ) ، فخرج صلى الله عليه وآله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم افضل السلام .. فلما رآهم العاقب والسيد وهما من كبار شخصيات النصارى - قالوا هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ولم يباهلوه وصالحوه على بعض الامور التي فيها خدمة للاسلام والمسلمين .وفي هذه الحادثة نزلت آية المباهلة في قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) صدق الله العلي العظيم .الدروس المستنبطة من الواقعة المباركة بعيدا عن ما ثبتته ورسخته من اركان الاسلام في امامة علي (ع) وتقديم آل بيت النبوة الاطهار ، فإنها انتجت ورسخت قيم ومبادئ يجب ان لا نظل عنها تحت اقسى الظروف .. ولو قرأنا الحادثة بصورة مغايرة وبشكل اعمق لوجدناها تقدم القوة الناعمة القائمة على الكلمة الطيبة والحوار على ما سواها من القوى الخشنة (العنيفة) في تعزيز صفوف المعتدلين وتحقيق انتصارهم على المتطرفين ، وفي جانبين:الاول - تعرية المتطرفين - لان الحوار الهادئ والعاقل يكشف جبهتهم ويبددها لانهم لا يملكون اصلا سلاح العقل والكلمة الطيبة حتى يتمكنوا من الرد عليها.الثاني : حتمية الانتصار على المتطرفين - لان تعريتهم تقلص من فرص انتشارهم وتسقط اسلحتهم وتلف حبائلهم التي تمتد لضم عناصر جديدة على انفسهم.ولو تمعنا اكثر في قصة المباهلة ، فان نصارى نجران هم من طلب المباهلة ظنا منهم ان النبي (ص) سوف يخسر الجولة ويصلوا الى اهدافهم بالتخلص من الرسول الاكرم اولا؛ ومن الرسالة بالفناء والعنف ثانيا؛. اما هدف النبي الاكرم من قبول التحدي فهو ثقته بالله اولا؛ وثقته بنفسه ثانيا؛ ومن معه ثالثا؛ وبقدرته في اقناع الطرف الآخر رابعا. فكان سلاح النبي (ص) في المنازلة هو استخدامه الامثل لما يعرف اليوم بالقوة الناعمة القائمة على:1. الحوار ومقارعة الحجة بالحجة.2. اعطاء الدليل الدامغ على صحة وسلامة المعتقد بالفعل والعمل وعرض النموذج المؤثر .3. الاستخدام الامثل في نقل المعركة الى ارض الآخر واحداث تخلخل في صفوفه ، وهذا بالضبط ما اقدم عليه الرسول (ص) بعملية خروجه واهل بيته .. المهيبة بمشهدها المؤثر.4. نبذ العنف بكل اشكاله والترفع عن السباب والشتائم والاستفزاز ، واستبدالها بالكلمة الطيبة الصادقة والتصميم على النصر.

فالمباهلة اذن دعوة للحوار والتصافي وتغليب القوة الناعمة بين كافة المكونات والطوائف والاديان ، مثلما هي حجة دامغة اليوم على دعاة العنف والارهاب وتيار السباب والبذاءة الذين يسيئون مجتمعين في كل مناسبة للاسلام والمسلمين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك