الحاج هادي العكيلي
كم هي صعبة كلمة الوداع لما تحمله من مشاعر ثقيلة على القلب ، بل على كل الجوارح ، فالوداع هو الوصول إلى النهاية إلى لحظة الفراق وما أصعب فراق الكرسي .لذا بدأ رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي رحلة العد التنازلي لأيامه في رئاسة مجلس الوزراء ، وكانت المحطة الأولى للرحلة الولايات المتحدة الأمريكية واللقاء ذات الشجون مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونائبه بإيدن بالإضافة إلى المسئولين امريكين آخرين في الحكومة والكونغرس ، عسى الموافقة على دعمه وتأييده لدورة رئاسية ثالثة على الرغم من التنازلات والتوسلات التي عرضها على الإدارة الأمريكية .يقال أن الوداع أربعة أنواع ، يكون أسهل أنواع الوداع وأخفها على النفس هو أن تفارق شخصا أحببته وارتحت له وعشت معه أجمل اللحظات ولكنك تودعه على أمل أن تلقاه مرة أخرى في هذه الدنيا ، مثلاً أن تودع زميلاً في الجامعة بعد التخرج أم جاراً لك في المنزل أو زميل لك في العمل تودعه قبل الفراق وتحتضنه وتأخذ عنوانه وقد تتقابل معه بعد فترة من الزمن . ويكون النوع الثاني من الوداع أشد قسوة وهو وداع الحبيب لأنك تشعر أن الدنيا كلها تودعك، وأنك أصبحت شخص محطماً بلا هوية تبحث عن نفسك بين ذكرياتك تفتش عن لحظة من لحظاتك السعيدة مع من أحببت،لا تفارقك صورة حبيبك دائماً تراها أمامك في كل مكان لتسترجع الذكريات الحلوة والسعيدة والحزينة المؤلمة . فكيف حال الأحبة الذين يودعونا يومياً نتيجة التفجيرات الإرهابية ، فياله من وداع .أنه فراق صعب أذا كان فجأة تراه أمامك جسداً بلا روح ، تناديه ولا يرد عليك ، تتمنى لو أنك حظيت منه بابتسامة أو وصية تسليك باقي العمر ، واحتضنته وضممته إلى صدرك قبل أن يفارقك في هذه المواقف التي تتهشم فيها قلوب الرجال فكيف بقلوب النساء الرقيقة ، فلا يملك الإنسان إلا أن تدمع عينه ويحزن قلبه ويحمده الله على قضاءه وقدره ،فكم فقدنا من أحبتنا الشعب العراقي وودعناهم إلى مثواهم الأخير ليستريحوا من هذه الدنيا ومن هذا الوضع المزي.وأسال الله أن لا يودع أحد منا أحد بهذا الوداع ، أنه الوداع الأخير الذي لا أمل في اللقاء بعد ألا في أرض الحشر .ولكن وجدنا في الحقيقة الملموسة أن من أصعب أنواع الوداع ،هو وداع الكرسي العقيم ، أن كان صغيراً أو كبيراً ، أنه حقاً وداع يقطع القلوب وتسيل الدموع دماً ، أنه وداع السلطة . فبسببه قد شنت حروباً ، وقتل شعب , واستبيحت الأعراض ، ودمرت البلاد ، وجاعت شعوب ، وهلكت ناس ، وسرقت الأموال ، وأعطيت التنازلات ، ومنحت المكافئات، وزادت التوسلات ، وكثرة الرحلات ، وشددت المحادثات ،وتبجحت رجال ،وهربت كغزال ، وأصابها الطوفان الشعبي ، ونفرها الأصدقاء ،فرجعت غائبة الأمل ، تجر أذيال الغيبة ،معلنة الهزيمة مقدماً ، عارفة استحقاقها ، حاسبة أنها رحلة الوداع لهذا المنصب .
https://telegram.me/buratha