المقالات

قراءة ابتدائية في التحالفات الانتخابية /

556 21:38:00 2013-11-03

حافظ آل بشارة

كلما اقترب موعد الانتخابات تصاعد الحديث عن التحالفات المحتملة بين القوى السياسية لخوض ‏‏الانتخابات ، وهناك دائما توقعات مسبقة تستند الى طبيعة التخندق الاجتماعي ‏في البلد والعناصر ‏المؤثرة فيه ومنها العنصر المذهبي ، ومع ان التحالفات تمثل خضوعا للأمر ‏الواقع الذي قد ‏يكون سيئا في معطياته ومؤسفا ويتناقض مع طموحات الشعب ، كنا نتمنى ان نرى ‏تحالفات ‏انتخابية او برلمانية مبنية على اسس سياسية وليست مذهبية او قومية ، هذا النوع من ‏‏الاصطفافات البدائية وغير المتحضرة ادى الى حدوث فرز مناطقي متأثر بالفرز المذهبي ‏والقومي ، ومن ‏مسلمات الامر الواقع القاهرة ان الدائرة المذهبية وحتى المناطقية تصنع بمرور ‏الزمن تياراتها ‏الثانوية الموزعة بين اليسار واليمين والاعتدال والتطرف والسلطة والمعارضة او ‏القوة النخبوية والقوة ‏التنظيمية ، وعلى اساس هذه المسلمات تدور التوقعات الحالية في الدائرة ‏الشيعية على 3 قوى ‏رئيسة هي المجلس الاعلى والتيار الصدري وحزب الدعوة مع حلفاءه ، ‏يمكن باستبيان سريع قراءة انطباعات الناس كقوة انتخابية تجاه كل من هذه القوى بلا مجاملات ‏، فالدعوة مع حلفاءه يترك دائما انطباعا لدى الجمهور بأنه ‏صاحب السلطة والقرار السياسي مع ‏ان هناك من يتمسك بالقول انه مجرد طرف في حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ، وهذا ‏لا يمنع من اتهام الدعاة بأنهم المسؤول الاوحد عما يجري فاذا فشلت ‏الحكومة لفحوهم بسياط النقد ‏، واذا نجحت نسبت النجاحات الى شركاءهم ! وهنا من حق الذين يدفعون الثمن ان يؤمنوا بمقولة ‏الحظ السيء عند العرافين ! اما الفريق الآخر فهو التيار الصدري الذي يشترك ‏في السلطة ويدير ‏وزارات خدمية مهمة الا انه يتصرف تجاه الحكومة تصرف المعارضين وقد عبر عن مواقفه ‏بوضوح في مناسبات عديدة مثل مشروع سحب الثقة من الحكومة ، وتفسيره لحادثة هروب ‏السجناء ، وسعيه لكشف ملفات ‏الفساد ، وموقفه من مشروع قانون البنى التحتية ، وموقفه من ‏مشروع قانون الغاء تقاعد النواب وغير ذلك مما يعطي للتيار مظهرا اصلاحيا مؤثرا في اوساط ‏جمهوره الذي يعاني من الفقر والحرمان ... أما المجلس الاعلى فهو الآخر كان طيلة ما مضى ‏من الدورة الحالية أقرب الى اجواء الشريك المعارض خاصة وانه مشارك في الحكومة بمواقع ‏ثانوية ، مع انه مثل غيره عضو نشيط ‏في التحالف الوطني الحاكم ، الا ان المجلس الاعلى بدا ‏منشغلا بالمواضيع ذات الطابع الاستراتيجي اكثر من انشغاله بالأمور الآنية ، ناظرا عبر أفق ‏اوسع مما تمليه قيود السلطة او قيود المعارضة ، فكان ‏صديقا لاهل السلطة وحلفاءهم ‏ومعارضيهم وللمحايدين والغاضبين ايضا ، واسس خطابا معتدلا يجعل صاحبه مقبولا نسبيا لدى ‏جميع الاطراف مع ان تلك الاطراف تبدو متناقضة حين تلتقي ، وقد ايجاز حالات التميز في ‏المجلس الاعلى بالنقاط الآتية : ‏‏1.‏ عدم وجوده في الحكومة انقذه من تحمل مسؤولية الفشل والتلكؤ ، وحفظ مصداقيته واتجاه ‏الانظار اليه كبديل محتمل لحل المشاكل الكبرى كالارهاب والفساد والبطالة وضعف ‏الخدمات .‏‏2.‏ خطابه المعتدل وخبرته المتراكمة في الحوار وتنمية المشتركات جعلت منه تيارا يستقطب ‏الناس بعفوية كاملة خاصة تلك الاوساط التي اصابها الملل من الصراعات السياسية ، لذا ‏فهو أوسع من الأطر الحزبية في الحجم ، لكنه واكثر مركزية في التنظيم. ‏‏3.‏ يتزعمه عالم دين شاب لديه مواهب قيادية ويتمتع بجاذبية خاصة تعيد الى الاذهان ذكرى ‏علماء سابقين لعبوا دورا محوريا في حياة بلدانهم مثل نواب صفوي في ايران وموسى ‏الصدر في لبنان ومحمد باقر الصدر ومهدي الحكيم في العراق حيث اخذت الكاريزما ‏الشخصية تؤطر الحركة السياسية وتندمج فيها .‏‏4.‏ ارتباط المجلس الاعلى تأريخيا وحاضرا بالمرجعية الدينية التي تحظى باحترام جميع ‏الاطراف ، وتعد قوة عابرة للحواجز الطائفية والقومية والمناطقية ، وهي ايضا قوة ‏حاضرة في الساحة بشكل يومي وقد اكتسب المجلس الاعلى بعضا من شرعيتها ‏ومصداقيتها وحضورها .‏‏5.‏ عمله بآليات حديثة في هيكله القيادي التنظيمي المؤلف من نموذج هرمي يعتمد تعدد ‏الدوائر والتخصص والعمل الجماعي والشورى في اتخاذ القرار ، ووجود شخصيات ‏وطنية مهمة ضمن هيئته القيادية وامتداده التنظيمي الى ابعد مناطق العراق ، وممارسة ‏العمل الاجتماعي والتبليغي ، والاستخدام الأمثل للاعلام في التوعية والتعبئة . ‏‏6.‏ اطلاق قيادة المجلس مبادرات عديدة بشكل مشاريع حل شاملة للمشاكل الكبرى التي ‏تواجه الشعب ودعوته للحكومة والقوى السياسية الى تنفيذ تلك المبادرات الامر الذي جعل ‏الشارع يشعر بأنه أمام حركة سياسية تمثل تطلعاته ومطالبه .‏‏7.‏ اعداده برنامجا انتخابيا واقعيا ومبوبا في الانتخابات العامة الماضية وفي انتخابات ‏مجالس المحافظات الأخيرة . ‏‏ للاسباب السبعة اعلاه وغيرها يبدو المجلس الاعلى قريبا من الجميع ، فهو مع حزب ‏الدعوة في تأريخه وشهداءه وتضحياته وجهوده في ادارة الدولة ، ومع التيار الصدري في امتداده ‏الجماهيري الواسع ونزعته الاصلاحية ، ومع الكرد والسنة (في تسميات الامر الواقع) في ‏مطالبهم ورؤاهم المنسجمة مع الشراكة السياسية . في الخلاصة هو مع الوجه المشرق من كل ‏طرف سياسي عراقي بما في ذلك الاقليات ، ويقف ايضا بالضد من اخطاءه الذاتية واخطاء ‏الآخرين ... هناك توقعات بأن يخوض المجلس الاعلى والتيار الصدري انتخابات 2014 بقائمة ‏واحدة ، وقد يعود ذلك الى التشابه التنظيمي بين التيارين والموقف الاصلاحي تجاه العملية ‏السياسية وتطوراتها ، والتحالف الناجح نسبيا الذي ابرم بينهما في انتخابات مجالس المحافظات . ‏بينما كان مشروع المجلس سابقا تشكيل تحالف وطني يضم جميع الاطراف في قائمة واحدة ... ‏يعتقد المجلس الاعلى ان المراهنة يجب ان تكون على الحجم الجماهيري والقدرة على الاقناع ‏والكسب والحشد على الأرض وعدم الاعتماد على دعم يأتي من خارج دائرة الشعب لاكتساب ‏الشرعية السياسية ، يؤمن ايضا بأن التنمية الشاملة هي السبيل الوحيد الى خدمة الشعب وانقاذه ‏من واقعه المتردي على جميع الاصعدة ، والتنمية لا تنجح الا عندما يكون الانسان وسيلتها ‏وهدفها في آن واحد ، والتنظيم على الأرض هو الذي ينجح في زج الناس في مسيرة التنمية ‏الشاملة . ‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك