كريم سعيد
حلّ علينا شهر الاحزان شهر محرم الحرام بكل ما يعنيه من شجون وألم من جهة لكنه يحمل في ذات الوقت العزيمة والاصرار والتحدي لكل الطواغيت والحكام الظالمين والمستبدين ، كما ان هذا الشهر يجدد فينا الوقوف بوجه الباطل والمنكر ويمثل فرصة لمزيد من التقوى والورع ومخافة الله تعالى .لقد خاض الحسين واهل بيته واصحابه ملحمة بطولية في ردع المنكر والثورة ضد كل اشكال العبودية والاستئثار بالسلطة من قبل الحكام الامويين الذين ما انفكوا في التلاعب بمقدرات الشعب والانشغال بملذاتهم واهوائهم الرخيصة وتغليب المصالح الخاصة والنزوات الشخصية على المصالح العامة للبلاد والعباد ، وهم في ذلك اساءوا التصرف بمقدرات الدولة الإسلامية ونشروا الفساد بكل اشكاله ما سهل عليهم التربع على سدة الحكم لعشرات السنين والتي كانت قاسية على الناس .واليوم وبعد مضي مئات السنين من تلك الواقعة الرهيبة يجدد المسلمون وبالخصوص اتباع اهل البيت هذه الذكرى من خلال ممارسة الشعائر والطقوس الإسلامية التي تذكّر الناس بهول المصيبة التي وقعت على الإمام الحسين واهل بيته وأريقت فيها الدماء الزاكيات على ارض كربلاء وذلك تطبيقا للحديث الشريف للامام الصادق (ع) " أحيوا امرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا " .ان احياء الشعائر الحسينية من الامور التي حفظت الدين واستوعبت الشباب المسلم عن الانحراف ، الا انه يجب التنبه من الوقوع في حبال بعض هذه الشعائر التي لا تخدم الدين ولا تمت للاسلام الحقيقي الذي جاء به رسول الله (ص) والائمة الاطهار ، ومثال على تلك الشعائر المرفوضة التطبير ووضع السكاكين الصغيرة في نهايات الزنجيل والمشي على الجمر ما يؤدي الى اراقة دماء الكثير من اجساد هؤلاء الناس والاضرار بهم ، ناهيك عن المنظر المؤلم الذي يصاحب تطبيق هذه الشعائر .ان المتتبع للشعائر الحسينية يقف باجلال وتقدير واحترام لمراسيم العزاء في لبنان وفي ايران وفي العديد من الدول الاوروبية ، هذه المراسيم التي تجري بشكل منظم وبعيد عن اراقة الدماء والمناظر غير اللائقة التي تنتج عن هذه الممارسات ، صحيح ان علماء الدين والمراجع الكبار لم يحرموا مثل هذه الاساليب والتصرفات غير اللائقة وذلك للكثير من الاسباب ! الا ان هذه الاعمال لا يتقبلها العقل الناضج والمنطق الصحيح.اننا مع المجالس الحسينية التي تعرّف الناس بثورة الحسين (ع) وبمناقب الائمة الاطهار ، هذه المناقب التي ملأت الخافقين وبات علينا اظهارها ليستفيد منها شبابنا ونسائنا وحتى اطفالنا لتكون لهم منارا يهدي طريقهم ويمكن لهم من خلالها تحدي المصاعب والثقة بصحة الطريق الذي يسلكوه وهو طريق الحق وتحقيق الرسالة الالهية الصحيحة على الارض .
https://telegram.me/buratha