المقالات

الكف الأحمر!


علي الغراوي

في طفولتنا كان أبائنا وأمهاتنا يستخدمون الكثير من الخرافات؛ (الطنطل) واقفاً على باب الغرفة، و(السعلوة) تخرج لمن أفتح عينيه وهو على فراشه؛ كانت هذه الكائنات: طريقةً أكتشفها ذوينا للحد من مشاكستنا ولعِبنا الطائش الذي لا ينتهي طِوال اليوم، والأسراع الى النوم مبكراً؛ ربما يكون الحق معهم!قطعنا شوطاً من الخوف الذي كان يرافق الطفولة، حتى وجدنا انفسنا في مرحلة الدراسة ألأبتدائية بين خرافة(الكف ألأحمر) فكان أثر هذا الكف منتشراً على جدران المدرسة، مما زاد هاجس الخوف لدينا من كل شيء يحيط بنا؛ من المدير، والمعلم، والحارس، وعاملة التنظيف؛ المتواجدين داخل مدرستنا.بمرور الوقت، و مع نمو قدرتنا العقلية على أستيعاب وتفهم ما حوِلنا؛ أكتشفنا إن كل تلك الكائنات الخرافية مجرد وهم، وليس لها وجود على أرض الواقع؛ لكننا فيما بعد؛ صُدمنا بمشاهد واقعية أشد وأعنف من القصص والأكاذيب والخرافات التي عاشت مع طفولتنا؛ لقد رأينا أفواه صماء لا تستطيع التكلم من الخوف، وحريات مكبلة عاجزة عن فكِ قيودها من القمع؛ قطع أللسن، وقطع الرقاب، والغرباء في السجون المشحونة بأنواع التعذيب، واللون الزيتوني(البعثي) الذي كنا نشاهده في كل مكان، وهو يرفع التقارير المؤدية للأعدام، أضافة للحروب التي أنهكت البلاد الى حصاراً دام سنيين عجاف، كل هذه المشاهد الواقعية كانت أشد وأمَر من ألأشاعات والقصص الخيالية التي كان يسطرها ألأباء والأمهات أيام الصغر حتى وإن كانت صادقة.بعد سقوط ذلك الصنم ذو مشهد الرعب الواقعي؛ أصبحنا نشاهد ما لا يصدقه العقل بأم أعيننا؛ لعبة القدر أخذت تحصد ألأرواح في كل يوم، فعند خروجنا لأي مكان؛ لابد أن نؤدي الشهادتين، فربما لا نعود الى المنزل! اما فقرات لعبة الرعب هذه؛ كثيرة، فأحياناً تكون: سيارة مفخخة او هوية غير مرغوب بها تؤدي لقتل صاحبها او رصاصةً بدون صوت تنقلنا لرحمة الله(عز وجل) لا نعلم أي فقرة من هذه اللعبة تشملنا! وألأعمار بيد الله تعالى وحده. الكف ألأحمر تلك الخرافة التي لاحقتنا في صغرنا؛ نشاهدها كل يوم؛ فأذا كانت سابقاً معمولة بواسطة معجون الطماطم او صِبغ الجُدران، فاليوم عملت بالدماء الزكية للأبرياء، واذا كان أبائنا وامهاتنا يسطرون علينا الخرافات الكاذبة بغية الخلود الى النوم، فماذا نسطر لأبنائنا لكي يناموا بعدما أصبحت الخرافة حقيقة بشعة؟ حسبنا الله ونعم الوكيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك