حزب العودة : ليس ذلك الحزب الفاشي الموغل بالإجرام، الذي كان يسمى حزب البعث العربي الاشتراكي، والذي بعد أن أفل نجمه، أخذ يستعيد شتاته، مضمداً جراحاته؛ وخوفاً من شبح الماضي وحسابات المستقبل، غير ذلك الحزب الفاشي اسمه وأختار له أسماً مطابقاً لاسم الحزب الحاكم، لكنه يختلف عنه في موقع حرف الدال من اللفظ فقط !.
ومع ذلك، نحن لا نقصد بحديثنا، ذلك الحزب الفاشي، وإنما وضعنا ذلك المصطلح – العودة – كرمز للتخلف والرجعية؛ فهي عودة الى الفاشية، والى الديكتاتورية الشمولية شيئاً فشيء، وهي عودةٌ الى أفعال النظام البائد وأدبياته.
في سائر البلدان المتحضرة في العالم الحديث؛ فإن ما تتمتع به تلك البلدان من سلطة فائقة، يعود الى عنصر الحكايات العليا أو ما وراء الحكايات أو ( الميتاحكايات )؛ فالميتاحكايات عنصر ذو أولوية في التعليم والتثقيف، من أجل إنشاء أجيال تحمل تلك القيم المثلى، والطباع الحميدة، التي تلهمها تلك الميتاحكايات. ولا تتورع تلك الأمم من استيراد تلك الميتاحكايات من موروثات الشعوب الأخرى؛ حتى تلك الشعوب التي تسمى في عصرنا الحاضر ببلدان العالم الثالث.
لقد بلغت القضية الحسينية شأواً بعيداً، ومداً واسعاً، وأخذت بعداً عالمياً؛ حيث أصبحت ملحمة عالمية يشيد بها زعماء العالم، وكبار مفكريه وفلاسفته، وأخذت واقعة الطف تُدرَّس في مناهج بعض المدارس الثانوية الأوربية.
وفي البُعْد الوطني والقومي؛ فإن الحسين عليه السلام جاء وافداً الى موطن أبيه؛ الذي حكم العالم الإسلامي متخذاً من العراق عاصمة له، فعلي ابن ابي طالب كان عراقياً بإمتياز، وقد حاز على الجنسية العراقية وهو زعيم للأمة!.. وكان بطلاً صنديداً ذو خُلق عظيم، ولم يكن لاعب كرة قدم أفريقي أو من جنوب أمريكا؛ تم التغاضي عن ( مثليته الجنسية) في بلاد العربان المعروفين قُدماً؛ بالشهامة والغيرة والمروءة، وبلاد إسلامٍ يُحظرُ فيها مثل هذه الممارسات التي تخل بالأخلاق والمبادئ والقيم والأعراف الأخلاقية النبيلة التي اتصف به احرار العرب، قبل وبعد البعثة الإسلامية المحمدية؛ ومن أجل ماذا؟!.. من أجل نزوة الفوز ببعض البطولات الرياضية !.
جاء الحسين بن علي عليهما السلام، ليضيف الى العراق مجداً ورفعةً على مجده ورفعته، وأصبح الحسين عراقياً كأبيه، وقاتل وقُتل هو وأولاده وأصحابه وسبيت نسائه، من أجل رفعة الإسلام، ومن أجل العزة والكرامة والشرف؛ والا لكان العراق اليوم كأي بلاد من بلدان العرب الحالية!..
ان واقعة الطف : ملحمة ذات بُعد وطني؛ لوقوعها على أرض العراق، وضد الجيش الشامي المحتل، وكانت دفاعاً عن الزعيم المنتخب من قبل الشعب الكوفي؛ والذي بعث بأوراق اقتراعه الى الحسين عليه السلام، تعبيراً عن واقعٍ أجمعت عليه أُمة العراق؛ بأنه لا منافس للحسين على الاطلاق. فالحسين زعيمٌ عراقيٌ منتخب، وابن زعيم عراقي منتخب، وواقعة الطف : واقعة عراقية بحتة!..
فلماذا يمنع حضرة المسؤول من رفع رايات الحسين عليه السلام؛ على (أعواد) وأحجار بناية الدائرة الفلانية؛ تلك الدائرة التي أصبحت فيها رائحة الفساد المالي والإداري تزكم الانوف، وتشمئز منها النفوس النزيهة. في الحقيقة ؛ ان تلك الدوائر بحاجة الى رفع رايات الإصلاح عليها، وتطهيرها من اليزيديين والأفعال اليزيدية.
ولينظر المسؤول، الذي يمنع رفع راية الحسين؛ بحجة ان الدائرة فيها من مختلف الطوائف والمكونات، وأن الحسين للشيعة فقط !!!؛ لينظر الى مدى تخلفهِ ورجعيته، وليعي مدى انحطاطه الثقافي والمعرفي، فالحسين ليس للشيعة فقط!..
الحسين ميتاحكاية عالمية وقضية ذات بعد وطني خالص!..
الحسين قضية أمة، وتأريخ، وحضارة، وحاضرٍ ومستقبل!..
الحسين زعيم أمةٍ منتخبٍ من قبل الشعب العراقي، وابن زعيم أمة منتخبٍ من قبل الامة جمعاء؛ وذلك قبل أن يبزغ فجر الديمقراطية في العالم الغربي بقرون من الزمن.
الحسين شهيد الدفاع عن العزة والكرامة والاباء،وشهيد الدفاع عن الإسلام وعن المباديء والقيم الإنسانية!.
الحسين خرج لاجل الإصلاح في أمة جده التي تعيثون اليوم فيها فسادا !..
فما دمتم بحاجة الى الإصلاح الحسيني، وتحاربون شعائر الحسين؛ فأنتم أعداء الحسين، وإن أعلنتم تشيعكم نهاراً جهارا!..
أنتم السبب الرئيسي في تأخر التنمية الثقافية في العراق. فإذا كنتم لا تعيرون اهتماما للمصادر الأساسية للموروث الثقافي للوطن، ولا تكترثون للثقافة الذاتية التي تضمنتها واقعة الطف الشريفة، ولا تنزلون الى أرض الواقع؛ جالسين في أبراجكم العاجية، قاصرين عن تحفيز حركة الإرادة نحو الإنجاز والتقدم، ووضع خطط ورؤى مستقبلية للانبعاث الثقافي؛ فمكانكم ليس في السلطة وإن شئتم ( عودوا) من حيث أتيتم ولا تشاركوا في سفك دماء الحسين من جديد.
1/5/13117
https://telegram.me/buratha