برواية مراقب _الحلقة الاولى _ قلم : محسن أمين
منذ أن طرحت مسألة تشريع قانون جديد للانتخابات بدت سقوف الكرد عالية جدا فقد طالبوا بأن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة كي يحصدوا أكبر عدد من المقاعد قد تزيد على ما حصلوا عليه في دورة مجلس النواب الحالية بحدود عشرين مقعدا من حلال طرحهم مبدأ الدائرة الواحدة، مهددين برفض إجراء الانتخابات في كردستان إن كان القانون الجديد قد تجاوز قناعاتهم حتى وإن حصل على غالبية أصوات النواب كونهم متمسكين بالتوافق.وحين رفضت الكتل الأخرى مبدأ الدائرة الواحدة عاد الكرد فطرحوا فكرة أن تزيد عدد المقاعد التعويضية في القانون لتصل الى مائة مقعد، ولمّا رفض مقترحهم لغرابته ،عادوا فطرحوا أن تزداد مقاعد محافظاتهم وحدها ستة مقاعد، وإذ كان هذا العرض يقضي بمنح تمييز لمحافظات دون أخرى ومن مقاعدها وعلى حسابها، فطبيعي أن يجابه بالرفض، عادوا فطرحوا أفكارا أخرى كلها تدور على محور واحد هو أن تزاد مقاعد محافظاتهم، وإلاّ فلا انتخابات في إقليمهم، وإن أدى ذلك الى اهتزاز العملية السياسية كلها في العراق،وحين جوبهت كلها بالرد، باتوا مقتنعين على مضض بثلاثة مقاعد إضافية بعد زيادة عدد مقاعد مجلس النواب كلها الى 328 مقعدا. ولولا إصرار التحالف الوطني خاصة على تحجيم طموحات الكرد غير المنصفة وإصراره على عدم التفريط بمقاعد نوابه التي أؤتمن عليها ، وهو ما يحسب للتحالف الوطني بلا شك، نتيجة لتوحيد صفوفه لكان وضع مقاعد مجلس النواب القادم غير ما تم الاتفاق عليه أخيرا.قبل أيام من تمرير قانون الانتخابات العراقي الجديد تدخلت ممثلية الأمم المتحدة بشكل فعال لتقريب وجهات النظر بين رؤساء الكتل السياسية المختلفين عليه منذ أسابيع للوصول الى نص متوافق عليه لتشريع القانون.وخلال اليومين الأخيرين من تشريع القانون شوهد الممثل الأممي في باحة مجلس النواب وخلال بعض ممراته يجري مباحثات منفردة ومتكررة مع نائب مستقل يظن أن له تأثيرا كبيرا على قرار التحالف الوطني من دون أن يظهر في الصورة هو النائب المستقل عبد الهادي الحكيم.لقد كانت نتيجة آخر تلك الاجتماعات المكثفة بين رؤساء الكتل النيابية المنعقد آخرها بغرفة السيد رئيس مجلس النواب بحضور نائبي الرئيس وقادة الكتل السياسية وممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة الموافقة على مقترح للمنظمة الدولية قيل أنه في الأصل للنائب المستقل الحكيم يقضي بزيادة المقاعد التعويضية من سبعة مقاعد الى عشرة (بعد استحصال موافقة المرجعية) توزع بواقع خمسة مقاعد للتحالف الوطني ، وثلاثة للكرد ، واثنان للعراقية . لقد حازت تلك الخطة على رضا قادة التحالف الوطني ممثلا بكل من السادة : خالد العطية كبير مفاوضي دولة القانون ، وبهاء الأعرجي كبير مفاوضي الأحرار، وعبد الحسين عبطان كبير مفاوضي المواطن وغيرهم ، حيدر العبادي كبير مفاوضي حزب الدعوة، خالد الاسدي كبير مفاوضي حزب الدعوة تنظيم العراق، عمار طعمة كبير مفاوضي حزب الفضيلة وغيرهم.غير أن شروطا وتعقيدات لاحقة من بعض القوائم طرأت على أصل المقترح فحالت دون التوافق عليه، ما أدى الى تعديله ثانية وثالثة ، ومع ذلك بقيت الأمور تراوح مكانها دون حل. وبقي رئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل مجتمعين يتسلمون مقترحات ومقترحات متقابلة كان آخرها ربما حقق الحد الأدنى من التوافق للجميع، ومع ذلك توقفت أكبر كتل التحالف الوطني من قبوله، فتوقف إثر توقفها كل شيء كل شيء.لقد صاحب أسابيع التفاوض المضنية شكوك كبيرة من قبل العديد من الكتل النيابية سواء في التحالف الوطني أم في العراقية، أم في غيرهما من الكتل بمحاولة دولة القانون تأجيل الانتخابات، ولذلك فهي تسعى لعرقلة المفاوضات بحجج شتى عجز عن تبديدها نفي دولة القانون الصريح لتلك الظنون والاحتمالات. طلب السيد رئيس مجلس النواب حضور النائب المستقل د.عبد الهادي الحكيم، وقد كان يدعي من قبل العديد من رؤساء الكتل لحضور الاجتماعات مع وفد التحالف الوطني فيرفض الحضور، لأنه ليس رئيس كتلة، وأنه نائب مستقل .وحين وصل النائب الحكيم الى غرفة الرئيس وجلس عرض عليه السيد رئيس مجلس النواب بحضور جميع رؤساء الكتل وممثلية الأمين العام للأمم المتحدة آخر ما توصلت اليه الكتل السياسية، شارحا له المشكلة التي لا زالت تحول دون تمرير القانون، رغم أهمية تشريعه بل خشية من أن عدم تشريعه سيوقع البلد في (كارثة) حسب رئيس مجلس النواب. كما سيرسل العجز عن تشريع القانون رسالة خاطئة عن الديمقراطية الوليدة في العراق، وربما سيتسبب عدم تشريع القانون الى تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد في نهاية نيسان القادم ، وهو ما قد يعرض التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق للفشل .فأجاب النائب الحكيم : سأنقل لكم رأيي الشخصي في آخر تعديل على مسودة القانون المقترحة ، وليس رأي المرجعية العليا في النجف الأشرف .رأيي الشخصي كنائب لا أمثل إلاّ نفسي فيما سأقول . أقول : أنا سأصوت بالإيجاب على هذا القانون إذا طرح للتصويت، عندها أعطى الجميع موافقتهم وأنتهى الأمر بالمصافحات والعناق وتهاني البعض للبعض، مع تقديم السيد رئيس المجلس ورؤساء الكتل كلهم ومعهم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة شكرهم وتقديرهم له لدوره الحيوي في تشريع هذا القانون .ولعل السبب في موافقة المعترضين على القانون بعد موافقة النائب الحكيم هو معرفة السادة رؤساء الكتل المجتمعين جميعهم شيعة وسنة وعربا وكردا ، ومن مختلف الأديان والمذاهب والإثنيات أن النائب الحكيم يعرف جيدا جو المرجعية العليا، ويحسن قياس نبضها، وتوجهاتها ، إضافة الى ان موافقته الشخصية تلك ستوفر للعديد من الكتل السياسية غطاء فيما لو اعترضت المرجعية أو غيرها على موافقتهم بأن يعصبوها برأسه هو. لقد كان شجاعا حين تحمل مسؤولية قراره الصعب أمام نفسه ومرجعيته وشعبه وهو ما كان.انتظروا الحلقة الثانية وخفايا حذف فقرة من مسودة القانون نصت على معاقبة النائب الذي لاينصاع لرأي رئيس الكتلة بالنفي خارج البرلمان والتي اضافها نائب عن العراقية .
https://telegram.me/buratha