مالك المالكي
لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه بالاتجاه، هذه حقيقة فيزياوية لا جدال فيها، و تنطبق هذه القاعدة حتى على تصرفات البشر في بعض الأحيان، والأمثلة كثيرة في هذا الإطار، لكن أن يكون رد الفعل على غير الفاعل فهذا يعبر عن أمر آخر، ربما يندرج في أطار الفشل والعجز عن مجاراة الفعل، ويصدر في العادة من ضعيف الشخصية، ومن يعاني نقص أو خلل ما، لذا يتخبط في ردود أفعاله، وفي الغالب تكون مدمره له، وتستهدف آخرين قريبين من محيطه الأسري، فهناك من يتعرض لأي مشكلة أو عارض يكون رد فعله على أسرته وأهل بيته.زيارة رئيس الوزراء إلى أمريكا كانت فاشلة في كل القياسات قبل أن تتم لأسباب عديدة، منها أن رئيس الوزراء هو من طلب الزيارة وتأخرت دعوته ما يقارب الستة أشهر وجاءت الدعوة من نائب الرئيس الأمريكي وليس من الرئيس، وجدول أعمال الزيارة كان فيه الكثير من الإرباك، والبعد عن العرف الدبلوماسي المعتاد بين الدول.حيث استقبل رئيس الوزراء من السفير العراقي وممثلة لوزارة الخارجية الأمريكية، ثم عقد اجتماع مغلق لمرتين مع نائب الرئيس الأمريكي بايدن، ذكرت مصادر إنهما لغرض أقناع نائب الرئيس لأستحصال موافقة الرئيس الأمريكي اوباما على استقبال رئيس وزراء العراق، وتم اللقاء ولفترة وجيزة لم تستغرق أكثر من عشرين دقيقة، عقبها مؤتمر صحافي تم قطعه من قبل الرئيس الأمريكي قبل انتهائه، وأيضا لم يلتقي رئيس الوزراء بأعضاء الكونغرس. هذه النقاط وسواها كلها مؤشرات على أن الزيارة كانت فاشلة ولم تحقق أي من الأهداف التي كان يبغيها رئيس الوزراء، فضلا عن الاهانة التي تعرض لها العراق، لكون رئيس الوزراء لا يمثل نفسه، وربما أن أمريكا برئيسها وكل مؤسساتها، لا تشكل لدى الشعب إلا دولة استكبارية غازية ظالمة، والاستعلاء هو احد وسائلها في التعامل مع الدول والشعوب. لكن انبطاح رئيس الوزراء لهذا الحد الذي وصل لدرجة استجداء تلك الزيارة، آثار حمية الكثيرون ومنهم السيد مقتدى الصدر الذي عاتب ولام رئيس الوزراء على ما قام به، الآمر الذي دفع رئيس الوزراء من خلال مكتبه الإعلامي إلى الرد بأسلوب فرغ به كل عوامل الضغط التي ولدتها تلك الزيارة، مما جعل الفعل الأمريكي على المالكي يرتد على السيد مقتدى الصدر، بواسطة البيان القاسي الذي صدر من المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، والذي لا يمكن أن يصدر من حكومة ضد احد رموز الدولة التي تحكم فيها، فضلا عن الشراكة ووحدة المصير الذي يشترك فيه المالكي مع السيد مقتدى، وأيضا وحدة المنبع على اعتبار أن المالكي ينتمي لحزب الدعوة الذي يدعي انه يتبع فكر الشهيد محمد باقر الصدر عم السيد مقتدى. لكن صدمة السيد المالكي من الموقف الأمريكي منه أفقدته توازنه، وجعلت رد فعله يطيش ضد شركائه وأهل بيته كما يفترض، وهذا مؤشر واضح على شخصية السيد المالكي وفقدانه للحكمة والحنكة عندما يفترض أن يتصرف وفقهما في هكذا ظروف عصيبة يمر بها، ويتغلب على الفعل الأمريكي من خلال رد فعل ايجابي يعكسه على علاقته بشركائه، يتيح له فرصة إصلاح ما دمره انفعاله وفقدانه للتوازن وغروره الفارغ...
https://telegram.me/buratha