فلاح المشعل
تدور في الأوساط السياسية العراقية هواجس خوف وقلق غير مسبوقة من تاجيل الإنتخابات ، رغم ان قانون الإنتخابات رقم 16 لسنة 2005 وتعديلاته الأخيرة قد تم التصويت عليه منقبل مجلس النواب ، ومر وسط اعتراضات لاتشكل خطورة كبرى .هواجس الخوف الآن تتمثل في خوف الجميع من تأجيل قد يلجأ له رئيس الوزراء بدور غير مباشر ، يتمثل بتحريض أحد الأطراف للطعن بالقانون ، أو بذريعة الموقف الأمني وقرار اللجنة الأمنية بعد تصعيد أمني مفاجئ ، كما فعل مع تأجيل انتخابات الموصل والأنبار .الفرقاء السياسيون يقرأون جيداً مساحة التواطؤات الخفية ، والمناورة الجاهزة بين الجهات القضائية والأمنية ومكتب رئيس الوزراء الذي لم يؤسس لجسور أو محطات ثقة وإطمئنان في تنفيذ الاتفاقات .قاعدة الخوف تنطلق من إحساس السيد نوري المالكي وقائمته من خسارة موقع رئاسة الوزراء ، وشبح نتيجة انتخابات مجالس المحافظات لم يزل يطارد مخاوفهم في صعود الكتلتين المنافستين ، التيار الصدري والمجلس الأعلى ، وعندها تبدأ ردود الأفعال أزاء جماعة المالكي وحزبه الذي استأثر بالسلطة والمواقع والمنافع والإمتيازات وقصص الفساد والفضائح والمخالفات الدستورية ، التي اصبحت حكاية يومية لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي ، دون ان تقوى حكومة المالكي أو قائمته حتى على الرد الإعلامي ..!شعور مكتب المالكي بتخلي امريكا عن دعمه ، والموقف القلق للجانب الإيراني الذي يتعامل مع معطيات وافرازات واقع ماتنتجه الإنتخابات ، وانعطافة السياسة الإيرانية نحو الإنفراج السلمي في حلحلة العقد والخلافات مع امريكا والمحيط الإقليمي ، يضع المالكي على سكة اليقين ان لا ضمان ايراني تام ، ولافوز مؤكد أولا ، ولافرصة سحرية في ظل تحالف الشركاء والفرقاء ضد وجوده على رأس الحكومة .هذه الأفكار تمثل الأسس التي تشغل الأطراف المتنافسة بشماعر الخوف من مفاجأت قد يلجأ لها رئيس الوزراء بتأجيل الإنتخابات ...!الأزمة الحقيقية التي تكشف عن ابعادها الآن العملية السياسية واختناقاتها ليس في استغلال المال السياسي وتضليل الشعب وخداعه بشعارات طائفية وتاثيرات عشائرية ومناطقية ، كما حدث في الإنتخابات لدورتين سابقتين ، الخوف الآن وفي ظل غياب الراعي الأمريكي ، هو من تلاشي الثقة والإرتباط والجهد الذي صارت تخطط له الأحزاب والقوائم ليوم الإنتخابات لكنها قد تفاجئ بتأجيلها ...!السبيل لتبديد المخاوف وزرع الثقة الآن ان تلجأ القوى النافذة سلطويا وجماهيريا الى تطمين بعضها ، وتنتصر لفكرة الإحتواء والتهدئة والتعقل ، بديلا عن افكار الإقصاء والإنتقام والثأر والتعامل بالمثل .ومن هنا ينبغي ان تبادر هذه القوى للتلويح باعطاء ضمانات للسيد المالكي وفريقه بأنهم عملوا مابوسعهم واجتهدوا فأخطؤا ، ويجب ان يعطوا الدور لغيرهم كما تقتضي مبادئ الديمقراطية .
https://telegram.me/buratha