مديحة الربيعي
المكان الغاضرية,الزمان ليلة الحادي عشر من المحرم,الحادثة معركة الطف,في كل عام من شهر محرم الحرام؛يسود سكون غريب في ليلة الحادي عشر,حتى أنها تعرف بليلة الوحشة,ولا أبالغ إن قلت كأن جميع سكان الأرض قد ماتوا,فلا تكاد تسمع صوتاً,سوى صدى أنين يتردد على مدى سنين,وصوت خطوات السيدة زينب (عليها السلام),وهي تتجه نحو أرض المعركة.تتعثر بين أجساد الشهداء,فترى الأشلاء المقطعة والأجساد المسلوبة,والدماء تلمع تحت ضوء النجوم,إذ لم يكن يوجد قمر في سماء تلك الليلة,فالقمر هو أحد الضحايا,بين الشهداء صريعاً على أرض كربلاء,أنها جبل الصبر زينب الكبرى(عليها السلام),تجول بين أجساد الأحبة,فلم تبقى سوى ساعات؛قليلة على الفراق الأبدي,فجاءت تودعهم,قبل الرحيل وتنثر دموعها على العطاشى؛علها تروي ظمأهم,تنتقل من شهيد إلى آخر,قد أتخذت من الليل,ستراً بعد أن سلبها الرعاع؛ماتستر به وجهها وأحرقوا الخيام على من فيها.تمزقها مشاعر الألم والحيرة,فلا تستطيع أن تترك المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقها؛فهي مسؤولة عن إعالة ثمانين طفلاً من الأيتام عدا النساء,وفي نفس الوقت؛ترغب إن تبقى لكي تدفن الجثث الطواهر الزواكي؛لكنها مجبرة على الرحيل,فلن يسمحوا لها بالبقاء وستترك شركاء الروح؛من الأبناء والأهل والإخوة؛على صعيد نينوى من دون غُسلٍ ولا كفن,فبمجرد إن تبزغ شمس النهار يحين وقت الرحيل.فجلست قرب سيد الشهداء تحدثه؛عن عما جرى بعده وما لقيت من حيف وظلم,وجلست قرب علي الأكبر حبيب قلب الحسين,ثم جلست قرب القاسم بن الحسن ذو الأحد عشر ربيعا لترى وجه,وديعة الإمام الحسن للمرة الأخيرة,وأطالت الجلوس قرب حامل اللواء؛كفيلها أبو الفضل لتبلغه إنها سترحل غدا وتعتذر عن عدم دفنها لهم(سلام الله عليهم أجمعين),ثم أنتقلت إلى عبد الله الرضيع,وذهبت تبحث عمن ضاع من الأيتام؛لتجد من قتل منهم سحقاً تحت حوافر الخيل؛وتبحث عمن هام في وادي الطف بحثاً عن والده أو أخيه,لتلفت بعد ذلك إلى حراسة المخيم طوال الليل.إنها ليلة الحادي عشر من المحرم,ليلة الفراق,بكل ماتحتويه من مآسي ومصائب لو صبت على رؤوس؛الجبال الصم لهوت إلى الأرض من شدة الألم,لكن عقيلة البيت الهاشمي(عليها السلام)؛أستجمعت قواها لتكمل مسيرة أخيها؛وتؤرخ واقعة الطف؛وتكون شاهداً على جرائم بني أمية وتحافظ على نجاح الثورة؛التي حققت أهدافها وسحقت عروش الظلم والطغيان.
https://telegram.me/buratha