خضير العواد
اليوم الذي دُفعت به الجاهلية العمياء الى طريق الأسلام المحمدي ثانيةً ، اليوم الذي أظهر أخلاق الوثنية التي تجسدة بكل حركة قام بها الجيش اليزيدي الأموي ، من محاصرة أبناء صاحب الرسالة المحمدية في صحراء كربلاء وقطع عنهم الماء والضغط عليهم من أجل دفع البيعة للفاسق يزيد ، وقتل كل من له صلة برسول الله (ص) حتى الطفل الرضيع الذي لم يتجاوز عمره في أقصى حد ستت أشهر بل كل من وقف معهم ليدافع عن حريم الإسلام المحمدي الاصيل ، بل ذهب الجيش اليزيدي الى أبعد من ذلك ما لم تفعله حتى الجاهلية عندما قتل سيد شباب أهل الجنة ودفع الخيول لكي تدوس على جسده الشريف الذي هو أمتداد لجسد الرسول الكريم (ص) مادياً ومعنوياً وقطعوا رأسه الشريف مع رؤوس أهل بيته وأصحابه ووضعها على الرماح والتنقل بها في شوارع المدن وأزقتها ، لكي يعطوا الى كل الأمة رسالة مفادها بهذه الخيول سوف ندوس على الإسلام المحمدي وندفنه في صحراء كربلاء القاحلة ، كيف لا يكون كذلك والحسين عليه السلام هو نفس نبي الرحمة محمد (ص) قال رسول الله ( حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا) ، يوم العاشر من محرم أظهر حقيقة الخطر الجاهلي الوثني الذي أطبق على سماء الأمة وجعلها على حافة العودة الى عبادة اللات وهبل وسيطرة القوانين الجاهلية المتوحشة التي تعتمد على عنصر القوة في كل مضامينها وحركتها ، فكانت الأخلاق الشيطانية متقمصة في كل صرخة وفعل يقوم به جيش بن زياد من ترعيب النساء وتخويفهم والمحاولة في هتك الحرمات والإبتعاد عن جميع الأخلاق والأعراف الإنسانية فما بالك بالإسلامية ، فكان يوم عاشوراء المرآة التي تعكس حياة وأخلاق المجتمع الذي كان يعيشه أبا عبد الله عليه السلام والثلة القليلة المؤمنة التي تحيط به ، وبالمقابل كان العاشر من محرم النقطة التي فصلت ما بين الأخلاق المحمدية التي جسدها أبا الأحرار عليه السلام وأصحابه والأخلاق الأموية التي أظهرها الجيش اليزيدي الجاهلي ، فكان الساقي لجيش الحر الذي راقبه وجعجعه طوال الطريق ، وكان الرحيم الذي يبكي على هذه الألأف التي تريد قتله لأن نتيجتهم صقر لا محال ، وكان المنذر الرشيد الذي أنذرهم من غضب الجبار بسبب سقوطهم في وحل الجاهلية العمياء ، فكان يردد عليهم آيات القرآن ليذكرهم بكلمات الرحمن التي أخرجتهم من الظلمات الى النور ، فلما بان عليهم تلبس الشيطان وفراغ قلوبهم من الرحمة وأفتقادهم لأخلاق العرب وظهرت عليهم عادات البربر والوحوش ، فصرخ أبا الأحرار إن كان دين محمد لايستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذوني ، فكانت دماء سيد الشهداء وحبيب سيد الأنبياء السيل الذي أرعب الأمة وجعلها تقفز فزعة من سباتها الذي طال في أحضان بني أمية الذي لم يعرفوا الإسلام قط ، فكان يوم العاشر من محرم وما جرى فيه حقيقة التداعيات التي وصل إليها المجتمع الإسلامي في تلك الفترة التي كادت أن تعيده الى عبادة الأوثان ثانيةً لولا ثورة أبا الأحرار والثلة الطاهرة التي ألتحقت به من أهل بيته وأصحابه التي أظهرت خطر بني أمية على الإسلام المحمدي الأصيل ، فكان بحق يوم العاشر من محرم النقطة التي فصلت أو قعطت الركب الإسلامي عن قطار أو قافلة بني أمية الجاهلي ، فأصبح يوم العاشر من محرم المرآة التي أظهرت لنا نقطة التصادم ما بين الأخلاق المحمدية الأصيلة المتمثلة بالإمام الحسين عليه السلام واصحابه البررة والأخلاق الجاهلية التي مثلها جيش يزيد بن معاوية ، فكانت أخلاق الإسلام المحمدي كألبركان الذي أنفجرة في صحراء كربلاء لكي يهز الأمة ويوقظها من سباتها العميق الذي كاد أن يودي بها الى نار جهنم والعار الأبدي ، هذا السيل الأحمر الذي أنبعث من ذلك البركان هدم كل صروح الظلال وبقى يهدد كل الظلمة والطغات والمنحرفين من 61 هجرية الى قيام الساعة ، فالبرغم من إطفاء الجيش الأموي لذلك البركان في يوم العاشر من محرم ولكن بقى كألشعلة التي تضيء الطريق للشعوب على طريق الإسلام الحق المتمثل بطريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، وبقى سيله المنهمر يزحف في الأراضي الخصبة التي تريد الحرية والعيش الكريم لكي تبعث فيهم روح التحدي والفداء والثورة بوجه كل الطغات في العالم ، فكان بحق يوم العاشر من محرم (10 عاشور) اليوم الذي واجه فيه الإسلام المحمدي جيش الجاهلية الأموي وتحطمت تلك الجاهلية في واقعة الطف الخالدة .
https://telegram.me/buratha