حسين الركابي
اكبر مظاهرة حسينيه ولائية تشهدها معظم المحافظات العراقية في التاسع من محرم الحرام، والتي تنقل عبر الأقمار الصناعية في أن واحد إلى الجمهور الحسيني الهادف، وقد يصغي هذا الحشد الكبير بمسامعه إلى استلهام الدروس، والعبر، واستماع أهداف الرسالة السامية؛ والمتجددة عبر العصور. إن التاسع من محرم الحرام يحمل في طياته كثير من القيم، والمبادئ الإنسانية، والأخلاقية، ويجسد لنا معنى التضحية، والفناء من اجل إن نعيش بحريه وكرامه؛ ونتذوق طعم الإخوة، والالتزام بالعهود والمواثيق. فقد خرجت الجماهير الولاية بهذه الإعداد الهائلة رغم الأجواء الممطرة، والوضع الأمني، والزحام المروري؛ فهذا يدل على وعي وثقافة هذا الجمهور المتحدي لكل هذه الظروف التي تقف عائقه أمامه، وصاحب مشروع كبير متلاطم الأمواج، لا يمكن لأحد إن يغوص فيه إلا من كان على بصيرة، ودراية من أمره؛ فيوم التاسع من محرم عام 61 هجرية ركز لنا قوانين الحياة، وأنار طريقنا، وعلمنا إن نسير ضمن مسار الحق، والعدل الالاهي، وان نكون أول المضحين من اجل راية الحرية ونقتفي اثر أصحاب الحسين(عليه السلام) عندما اجتمع بهم عليه السلام، وقال هؤلاء القوم يقصدوني، فمن أراد منكم الذهاب فليتخذ هذا الليل جملا، ويكون في حلا مني؛ فكان رد الأصحاب لو قتلونا، وحرقونا، وعملوا هكذا ألف مره لما تزحزحت أقدامنا عنك قيد أنمله. فهذا الإصرار على الموت هكذا نابع عن بصيرة كاملة يمتلكونها هؤلاء الأصحاب، ومعرفه بما يعملون، وأين هم ذاهبون؛ فالحياة هي محطة يختبر فيها الإنسان، ويحدد مصيره، واتجاهه، وطبيعة المسار الذي يريد إن يسلكه؛ أما إن يكون مع الحق والعدل مهما كلفه الأمر، وإما إن يكون في اللعنة الدائمة إلى يوم الدين. فلا يختلف اليوم المشهد كثيرا عن تاسوعا 61 هــ وتاسوعا بعد 2003م، حيث جسد ذلك المشهد ألولائي الكبير أصحاب البصيرة والمعرفة، والذي يدركون خطورة المرحلة، وقد خرجت 14 محافظة عراقيه بصوتا واحد(لبيك يا حسين، هيهات منا الذلة) وبالرغم من المعوقات الرهيبة التي تعيق حركتهم، والأوضاع الأمنية الخطيرة في البلد، وعمليات القتل، والتفجير التي عادوا بها أسلاف يزيد بن معاوية، وصبيان هند أكلت الأكباد؛ حيث رسموا صوره ولائية تعبر عن عشقهم وولائهم الحقيقي والصادق، وتحمل تلك الصورة في طياتها كثير من القيم الإنسانية، والأخلاقية، ويطلق عدت رسائل إلى العالم مفادها إن العراق يفصح عن هويته الحقيقية كل تاسوعا ويعلن لا انكسار، ولا انهزام في المشروع الحسيني الكبير، مهما احتدمت الظروف...
https://telegram.me/buratha