المقالات

الاعلام وأشباح السلطة الخامسة /

430 10:55:00 2013-11-26

حافظ آل بشارة

هناك من يعاتب الاعلاميين في العراق قائلا : نسيتم قضايا الأمة ، لكن المنصف يشعر ان هناك ‏تنوعا وابداعا وجرأة في المعالجة الاعلامية ، وسعيا جادا لبناء رأي عام حقيقي ، وسائل اعلام ‏وطنية بلغت مرحلة متقدمة من الاحتراف في الشكل والمضمون ، وكوسيط بين السلطة والناس ‏وكسلطة رابعة تراقب وتحاسب ، لكن بقياس النتائج تكتشف بنفسك ان الرأي العام لم يعد مؤثرا ‏في الحياة السياسية ، نموذج تأريخي جديد من الحكومات ، كان المستبدون يسلبون حرية التعبير ‏ويمنعون بناء رأي عام حر ، اما دولتنا الحالية فتسمح بحرية التعبير والنقد والشتم الى حد ‏الفوضى وتسمح بتكوين رأي عام خارج دائرة السلطة لكن الملفت ان الوضع يجري كما تريده ‏السلطة لا كما يريده الرأي العام الحر ! الساسة واصحاب القرار لا يخشون سلطة الاعلام ، لذا ‏تدنت مصداقيته والناس يشعرون بأن مشاكلهم تزداد تفاقما ، المشكلة أكثر تعقيدا ، فليس السلطة ‏الرابعة (الاعلام) وحدها فاقدة التأثير بل ان السلطات الثلاث الحقيقية التشريعية والتنفيذية ‏والقضائية كلها فقدت مصداقيتها ، البرلمان ابو السلطات غير قادر على حل اي مشكلة ، قوانينه ‏حبر على ورق ، وان استدعى مسؤولا فاشلا لا يحضر ، وان تواضع وحضر فهو ضيف وهو ‏رب المنزل وقد يتحول الى قاض ومحام ، فيك الخصام وانت الخصم والحكم ، وقد ينجح في ‏وضع البرلمان نفسه في قفص الاتهام ! ههههه ، كذلك الحكومة لم تعالج مشكلة واحدة ، واذا ‏عالجت مشكلة يتحول العلاج نفسه الى مشكلة ثانية ، وداوني بالتي كانت هي الداء ، بعض ‏الدوائر فيها شرفاء بالصدفة لكنها لم تفهم اللعبة ، فتقرر حل المشكلة الفلانية وتستمر في ‏الصراع لتخرج في النهاية بسيل من المشاكل ، كمن يمشي في مستنقع كلما تقدم خطوة ازداد ‏انغماسا في الوحل ، حكومة افتراضية تدير بلدا متوفيا ، فهو بلا أمن ولا بطاقة تموينية ولا سكن ‏ولا كهرباء ولا عمل ولا مجاري ، كذلك السلطة القضائية تصدر احكاما ضد اشخاص فلا تنفذ ، ‏وتحجب الحصانة عن نواب فلا تحجب ، ومن نجحت في اعتقاله هطلت الدولارات على ‏السجانين فاطلقوه بمنتهى السلاسة وهم شاكرون ، ومن لم يطلقوه وهو مسجون هربوه وهو ‏محكوم ! المسؤول التنفيذي يفشل فلا يخاف العقوبة ، واذا أقالوه تسلم كتاب اقالته ضاحكا ‏مستبشرا ينظر الى ساعته مسرورا كي لا يفوته موعد اقلاع الطائرة ! هنا بغداد ، بلادنا غارقة ‏في مياه المجاري ، مياه ليست طائفية غمرت جميع الاديان والمذاهب فحققت الوحدة الوطنية من ‏اوسع المنهولات ، وفي ليلة الامطار يفتقد المسؤول المنتخب وهو يقضي لياليه السعيدة في فنادق ‏العالم بأموال الضحايا ، فلا يخاف من أحد ، اذن في هذا البلد ليس لأحد سلطة على أحد ولا أحد ‏يخاف من أحد ، لا الحكومة ولا البرلمان ولا القضاء ولا الاعلام ولا الكتل السياسية ولا الكتل ‏الكونكريتية ، اذن من الذي يدير الامور ؟؟ انا شخصيا لا اعرف ، لكن لدي محاولات يشاركني ‏بها بعض الحشاشين لكي نربط بين الاحداث ثم نكتشف صاحب السلطة الحقيقي في العراق ، ‏بلادنا جزء من مبدأ الدومينو ، اصطدام الحجر الاول معناه سقوط السلسة جميعا ؟ قرر ‏الامريكان انهاء الخيار المسلح في سوريا ، واقالة مرسي وتقديم السيسي في مصر ، واقالة ‏الامير وتقديم ابنه في قطر ، والاستغناء عن لاعبي الخط الاول في النادي مثل السعودية وقطر ‏وتركيا وتركهم في الاحتياط ، وتأديب اسرائيل بكلمات امريكية خشنة جرحت شعور نتنياهو ، ‏والتساهل في حل عقدة الملف النووي الايراني ، ماذا حدث بعد هذه البانوراما الطويلة ؟ انهارت ‏المعارضة السورية ، فقدت جبهة النصرة الدعم الاسرائيلي ، اعلن ايمن الظواهري الغاء عصابة ‏داعش المشتركة ، ثم دعى اتباعه الى تقليل هجماتهم على اتباع (المذاهب الاخرى) ، هاجمت ‏جماعة حارث الضاري الارهابيين بتصريحات فضائية ! ، اقتربت تركيا من العراق واعلن ‏الفيلسوف العثماني اوغلو من بغداد والنجف اننا اصدقاء وكل الذي كان بيننا مجرد مزاح .. ‏تكبرون وتنسون ! تضاءلت العمليات الارهابية في العراق ، اصبحت الكهرباء 24 ساعة يوميا ، ‏تم تمرير قانون الانتخابات بسرعة فائقة ، سكتت اصوات الخلاف بين المركز والاقليم ، تشاجر ‏الشيوخ والمسلحون في مواقع اعتصام الغربية وتبادلوا الاتهامات وغاب المفطح وحضرت ‏اللفات ، هدأت الاصوات التي كانت تستنكر الولاية الثالثة للمالكي ، هذه آثار السلطة الخفية ، لم ‏يرها أحد ولكن لمس آثارها واضحة ، فهي تبني وتهدم ، تبرم وتنقض ، تعطي وتمنع ، تلك ‏السلطة الشبحية التي شطبت داعش ، وابكت تل ابيب ، واضحكت طهران ، وصفعت الرياض ، ‏وجلبت الكهرباء ، واسكتت المولدات ، لا تهتم بالتفاصيل الا بقدر مصلحتها ، مبدأ العدالة في ‏العراق منطقة فراغ لا يدخلها أحد فلا يخشى المقصر عقابا ولا يرجو المحسن ثوابا ، ولا يجد ‏التعيس من يواسيه ولا يجد السعيد من يهنؤه ، ربما تقتضي مصلحة تلك السلطة العملاقة غير ‏المرئية ان تنقذ العراق من الفيضان والارهاب والفساد والفقر والبطالة ، يدعي بعض اصحابنا ‏ان كثيرا من الساسة والمثقفين في هذا البلد يعرفون السلطة الخفية ويلتقون بها في حالات لطف ‏نورانية خاصة لكنهم لا يخبرون أحدا ، كلما التقوها خرجوا من كهفها صامتين يضحكون داخليا ‏منا ونحن في الاعلام نتكلم عن الانسانية ونجلد الحكومة لانها لم تعالج سبع اطفال مشلولين في ‏بيت واحد ، ولم تهتم بتربية سبع شبان (ايمو) في بيت واحد ، وسبع بنات اصبحن من الفقر ‏بائعات هوى في بيت واحد ، السلطة الخفية الشبحية قادرة على اسقاط سبع دول في شرق اوسط ‏واحد . المراسل في الستاند يتصبب عرقا ويلقي خطابا تأريخيا ويرتعد غيضا لرحيل الانسانية ، ‏مراسل آخر لشدة كآبته من الأخبار المؤلمة عاد الى البيت سكرانا فعاتبته زوجته فقال : اقسم لك ‏قسما دستوريا لن اعود لمثلها وسأبقى سلطة رابعة ولكنها مملوكة لسلطة الاشباح الخفية لانها ‏السلطة الخامسة . ‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك