الكاتب: قيس النجم
من يتابع سياستنا الخارجية, وعمل الحكومة عن كثب, يجد ان هناك تفاوتاً كبيراً فيها, من كرٌ وفرٌ ومماطلة, مع الدول الجارة والصديقة, الدعامة للإرهاب والحاضنة له! مما سبب الكثير من المشاكل؛ دون ان نلمس شيء ينفعنا, او يدفع عنا المصائب الخارجية.
سؤال يفرض نفسه, ما هو الثمن الذي يدفعه العراق, لإعادة العلاقات الخارجية المتردية مع دول الجوار.
إن العلاقات الخارجية للعراق, تخالف المصلحة الأمريكية في الشرق الاوسط, ولحماية مصالحها؛ بدأت واشنطن بكتابة النقاط والخطوات, التي تساهم في اعادة هذه العلاقات, ويتم تنفذها من قبل الحكومة العراقية, بدون مناقشتها او الاعتراض على بنودها, لكونها قد تم كتابتها بيد المستشارين الخاصين بالرئيس الأمريكي, وهم الأقرب والأدرى بوضع العراق ومصلحته, اكثر من سياسينا ومستشارينا!
زيارة المالكي الاخيرة الى واشنطن, كشفت الكثير من الخفايا للشعب العراقي, اغلبهم كان يتصورها متكافئة بين رئيسيين, وهذا ما حصل في الاعلام فقط! ولكن ما خفي كان اعظم, لاسيما بعد عودته, تبين ان هناك سيناريو مكتوب في امريكا, مراعياً مصلحتها اكثر من مصلحة بلدنا, وعلى حكومتنا ان تسير دون ملل او كلل, وبخطى سريعة, أو ان يترك واحدة من نقاط مبادرتهم, وسيكون ثمنها الرضى عنه ودعمه لولاية ثالثة.
السيناريو الذي كتب في واشنطن, كان فيه نقاط كثيرة, قد تكون فيه بعض الحلول للتخبطات الغير مدروسة, وما افسدَ في ولايتين من حكم المالكي, الداخلي و الخارجية, وايضاً مراعية مصلحتها في الشرق الاوسط, ومغازلة أمريكا على حساب امننا واستقرارنا, واعادة العلاقات مع الدول المجاورة, التي تعتبرها حكومتنا ضمن الدول المصدرة للإرهاب, وبالأخص السعودية المصدر الاول له, المخالفة للدين والشريعة, من شيوخ وعلماء, حاملين للمبدأ الوهابي, وتركيا ونفسها العثماني والتوسعي, والحاضنة للمطلوبين من الساسة الكبار والصغار, الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء.
اهتمام واشنطن في اعادة العراق لعلاقاته الخارجية واضحة جداً, وعلى حساب تنازلات من قبل حكومة بغداد؛ كل هذا لكسب الولاية الثالثة, كما يقول (هنري باركي) الباحث في المعهد الاسلامي الأمريكي, حيث تعتبر امريكا "الاستقرار التركي طويل الامد مصلحة ثابته" وذلك لأسباب كثيرة؛ اولها واهمها القواعد الموجودة هناك, ولاشك.
إما تركيا على صعيدها الخارجي, وتعاملها مع مفهوم الجيوسياسية, بعد تغيرات عام (2013), أصبح شيئاً اساسياً, وسعيها بتطبيع العلاقات مع اكراد العراق؛ لأسباب كثيرة منها الحدود بين البلدين, كونها عبارة عن سلسلة جبال, وتأثيره الواضح على الاستقرار الداخلي لها, ولفرض سيطرتهم على الهجمات التي يشنها اكراد تركيا, من عمق الجبال الكردستانية.
مصفى جيهان, وما يحمله من اهمية ودوره الفاعل في الاقتصاد التركي, أذ يشغل ما يقارب 20% منه, سبباً آخر لا يقل عن سابقيه.
وبخصوص السعودية ما تحمله من اهمية, وهي البنت الغنية والمدللة الى أمريكا, وايضاً المحتلة من قبلها بقواعدها العسكرية, التي تغزو المملكة, وموزعة على تسعة قواعد, بدأً من "مدينة الملك خالد العسكرية _ انتهاء في مركز القيادة المتقدم للقوات المحتلة في (ريش المنجور) وهو تحت الارض" بيد انها اكبر مصدر للنفط الى امريكا, وموقعها الاستراتيجي لكونها في قلب الشرق الاوسط, وتعتبر من الدول الداعمة بقوة للوجود العسكري الامريكي في المنطقة, ومن هنا نعلم ان مصلحة المحتل يجب ان تتقدم على مصلحة الجميع, ومن اجل هذا واشنطن تكتب السيناريو وبغداد تنفذ!
https://telegram.me/buratha