محمد حسين الساعدي
الانتخابات حاله حضاريه يعبر فيها الفرد عن رأيه في مستقبله ومستقبل ابناءه ،بل يشارك في وضع طابوقه في بناء بلده ، وبالرغم من الانتخابات في اي بلد تجري كل اربع سنوات، الا انها تنتج لنا عقول وفكر جديد يساهم في تطور البلد وبناءه ، وهي حاله صحيه في تغيير الوجوه ، وعدم بقائها على نفس الوجوه . العراق الجديد بدا معه كل شيء جديد ، فظهر إلينا سياسيون تصدروا المشهد السياسي منذ سقوط النظام البائد ومازالوا يتحدرون المشهد ، فالنواب انفسهم ، والوزراء انفسهم ، والعراق ما زال نفسه ، بفساد مؤسساته ووزارته ، وتفشي الرشوه والابتزاز وغيرها الكثير من مظاهر الارهاب المعنوي . لم يظهر لنا من كل تلك الأحداث صوره ديمقراطيه لهذه الكتل ، بل سعت بعض الكتل الى ان يكون لغه التهديد والوعيد هي السائدة فبرزت حكومه ضعيفه غير قادره بالنهوض بنفسها ، ناهيك عن شعبها ، فمن وزارات بالوكالة ، الى صراعات ونزاعات لا تعد ولا تحصى ، أرجعت البلد كثيراً ، وجعلت منه صيدا سهلا للمخططات الاقليميه والاجندات السياسيه التي اثرت كثيراً على وضعه السياسي ومكانته في المنطقه .من هذه التحالفات ولد لدينا كتله كبيره ولدت على أنقاض ائتلافين متناحرين مختلفين ، لا يقبل الواحد بالأخر ،ولا اعرف كيف تم التحالف ، ولكن الأسباب كثيره ، وربما البعض يجهل الأسباب الحقيقيه وراء ذلك ، أعضاءه غير قادرين على اداره دفه الحكم ، وغير قادرين علو كبح جماح مرشحهم لرئاسة الوزراء ، ومراقبه ومتابعه أداءه ، فتحول الى مؤسسه روتينية يمارس أعضاءها ورئيسها دورهم اليومي ، مع بقاء الوضع السياسي بلا تغيير ، والمخيف أكثر هو موقف الطبقة السياسية، التي تأقلمت مع الوضع بدلاً من أن تحاول تغييره. فكأنّما النظام الجديد قد انسلّ في لباس النظام السابق. والمسؤولون يقيمون في المقرّات الفخمة ، وفي بغداد لم تشيَّد أيّ بنية تحتيّة منذ عشر سنوات، باستثناء مركز البلدية وطريق المطار وبعض الجسور الصغيرة لحركة السير. وهناك بعض الأكشاك التي يقِف فيها رجال الشرطة عند تقاطع الطرقات تحمل "هديّة من البلدية"، في منطقٍ يذكّر بــ"مكارم" صدّام، ما يعني بديلاً ممّا يجب أن يكون سياسة مغفلة. وما تزال أجور الوظيفة في القطاع العام غير كافية، ما يدفع الموظفين إلى التفتيش عن مصادر دخلٍ إضافية، قانونيّة أو غير قانونيّة. والفساد مباح على أعلى المستويات، وموثّق، ليستخدم كوسيلة ضغطٍ عند الحاجة. وتعيث بالمؤسسات الانتهازيّة وتنفيع الأقارب وانعدام الكفاءات . كل هذا الذي يجري اليوم في عراقنا الجديد ، وأكثر من ذلك ، الا يتيح لنا ان نسعى الى التأسيس الى بناء تكتل قوي ،يحمل رأيه التغيير في العراق بعد عشر سنوات من التراجع ؟ أليس الاولى ان نستفيد من تجربه الاخرين في بناء كتل كبيره وكيفما تكون ( شيعية ،،، سنيه ،، كرديه ) وتتنافس فيما بينهم على مناصب الدوله الحديثه ؟! وفي النهاية، هناك سؤال مؤلِم يطرح نفسه: هل أنّ على العراق أن يتحمّل عقداً آخر من المعاناة من أجل لا شيء؟. بالطبع كان سقوط نظام صدام حسين ضروريّ من أجل الخروج من المأزق وفتح المجال أمام تغيير جديد ، كالذي حصل عام ٢٠٠٣ ، لكن ما هو الثمن المطلوب لهذا التغيير، أو حتّى بعض المناصب في جهاز الدولة. في الكثير من الأحيان، تبقى الهجرة أو تحقيق الثروة الشخصية هما الأفق الوحيد أمام مجتمعٍ يجاهد من أجل تحديد طموحه الشخصي ، على ان يكون للنخبه الجديدة في قياده العراق الدور الأبرز في ثوره التغيير ، والتي ننتظر ان تتجسد العام القادم في ثوره بيضاء تخلف لنا وضعاً سياسيا مختلفا ، وتذوب ظاهره التسلط الحزبي والفئوي التي دخلت أدبيات بعض الأحزاب الأسلاميه ، والتي كانت تظن انها الاولى بالعراق ، لتبدأ مسيره جديده وعصر جديد يكون فيها الأقوياء هم من يقودون العراق الجديد .
https://telegram.me/buratha