قيس المهندس
ربما يكون الصبي في المدرسة، بحاجة الى بعض التأديب، وكذلك الشاب اليافع بحاجة الى الثقافة، وهذان الامران مكفولان لهما من خلال الاسرة والمدرسة، او عبر المنتديات الثقافية ونشاطات مؤسسات المجتمع المدني، وذلك من ابجديات المجتمعات المتحضرة. الا انه من الغريب بمكان أن نرى وزيراً للتعليم العالي بحاجة الى تلك المستويات المتأخرة من الثقافة والتأديب، فذلك ما لا تقبله العقول السليمة، الا ان كانت تلك الوزارة؛ (وزارة الصبيان)، فقد ورد في المرويات: (في آخر الزمان تكون امارة الصبيان)!.
تراقى الى مسامعنا نبأ ما قام به الاديب، من تغيير أسماء قاعتين في جامعتي بغداد والمستنصرية، تحملان اسم رمز من رموز الوطن، وشهيد من شهدائه، أقل ما يستحق من الثناء أن يقال عنه؛ انه سيد شهداء اهل زمانه.
وان كان لا يعرفه الاديب فنحن نعرفه إياه: هو رجل من ذرية رسول الله (ص) يعود نسبه الشريف الى الامام الحسن (ع)، من أسرة قدمت أسمى صور التضحية والفداء في مقارعة النظام الفاشي البائد، وقدمت قرابة سبعون شهيداً، ولم تنثني عن المقاومة والجهاد ضد الطاغية المقبور، كيف لا وهم الامتداد الطبيعي لأجدادهم اهل البيت عليهم السلام.
كان سماحة السيد الحكيم رمزاً من رموز الوطن وعالمٌ من علمائه، يحظى بمقبولية شعبية منقطعة النظير، الا من قبل البعثية و (إخوانهم)! الذين تداهنوهم من اجل المصالح الضيقة، والولاية الثالثة المشؤومة والتي أهدرتم ماء وجوهكم من أجلها!..
في عهد حكومتنا الرشيدة، مازالت شوارع مدننا ومؤسساتنا الحكومية، منجسة بمسميات نبذها التأريخ وغدت مورد لعن وسباب، وانزوت في مكبات نفاياته، أمثال طغاة بني العباس؛ (المنصور، والرشيد، والمأمون) وأقرانهم من القردة والخنازير، الذين ولغوا في دماء الشعوب العربية، سيما الشعب العراقي!..
لم ينتفض الاديب لإزالة هذه المسميات، كونها لا تضر بمصالحهم ونزواتهم، فالأديب وأخوته باتوا لا يرعون أي مبادي او قيم بقدر اهتمامهم بالكراسي التي اصبحنا لا نفرق بينها وبين عروش بني أمية وبني العباس!. وحتى تلك التسميات التي تعود لعلماء الإسلام، أمثال : الخوارزمي وجابر بن حيان وابن سينا وغيرهم، ألم يكن بعض أولئك العلماء مطاردون من قبل السلطات الجائرة، وهل كانوا آنذاك رموزا لجميع الامة أم انهم كُفروا، واضطُهدوا من قبل قطاعات واسعة من المجتمع الإسلامي الذين بايعوا الطغاة قلباً وقالبا؟!، ولم يكون أولئك العلماء اسوأ حال من شهيدنا السعيد.
اغاض اسم شهيد المحراب؛ الأديب وأخوته، فأخذوا يزيلون اسمه من على تلك القاعات في الجامعات، حيث أريد من تلك التسمية، إيصال رسالة الحكيم التي خطها بدمائه الطاهرة في تعليم الشباب اليافع قيم الفداء والتضحية، والشهادة من اجل العلم، ومن اجل الوطن وحرية الشعوب، وتحقيق قيم العدالة والمساواة، من أجل صناعة أجيال من الشباب العقائدي المتزن، ليكونوا بناة العراق الجديد.
لكن من أين يفهم الاديب وأمثال الاديب تلك المعاني السامية، (ففاقد الشيء لا يعطيه)، فتلك معان لا يفهمها الا أنوف أبية، وقلوب صادقة، وأنفس مجاهدة وذوات طاهرة.
أصبح الاديب وأخوته تجار نخاسة، يتاجرون بأحلام شعبهم وأمانيه في نيل الحرية والتقدم، والممانعة ضد التخلف والرجعية والطغيان، وكل ذلك من أجل الدعاية الانتخابية، من أجل جيفة نتنة تزكم الانوف وتنفر الطباع، ولا تمت سياستهم الى سياسة الاسلام الحنيف بصلة، وهم محسوبون على الكيانات الإسلامية.لكنها لا تعمى الابصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.والسلام ختام.
https://telegram.me/buratha