عباس المرياني
المؤسسة العسكرية مؤسسة منضبطة ومنغلقة في نفس الوقت بسبب طبيعة المهام والواجبات التي تقوم بها رغم تعدد المسميات والواجبات التي تتوزع بين الأمن الداخلي والوقوف بوجه الإخطار الخارجية الا أنها تبقى مؤسسة محصنة بقوة بأسها والتزامها الأخلاقي والقانوني.ومع توزع المهام والواجبات تتعدد أيضا المسميات والصنوف والعناوين إلا ان المعنى البديهي لكل مسمى يتناسب مع الدور الذي يقوم به لتكون المحصلة النهائية عنوانا لكل المسميات وهي حفظ الأمن والنظام،ولهذا فان واجب القوات التابعة لوزارة الداخلية يختلف كليا عن واجب العسكر التابعين لوزارة الدفاع باعتبار ان الأول مهيأ للتعامل مع المواطن والثاني مهيأ للتعامل مع العدو وبالتالي فان الأول اجتماعي والثاني عدائي،ومن هنا فان وجود العسكر التابعين لوزارة الدفاع في الشوارع ومع المواطنين يمثل حالة استثنائية تحتاج الى عمل وجهد كبير لتغيير النظرية العسكرية التي دعت الى وجود هؤلاء الجنود بين الأهالي وليس على الحدود.غير ان مثل هذا الجهد لم ينضج بعد او لم يتم التعامل معه بجدية وحزم وحرص بعد ان كثرة حالات التجاوز والاعتداء التي يقوم بها العسكر على المواطنين بسبب وبدون سبب حتى أصبحت حالة التجاوز والاعتداء عقدة ومرض يخاف منها كل من يقترب من طوابير السيطرات اليومية المتواصلة.ومع هذه الكثرة من الاعتداءات التي يتلقاها المواطن من بعض العساكر الغير منضبطين والذين يريدون تطبيق القانون على طريقتهم الخاصة في الضرب والركل والسب والشتم تظهر الى السطح من هذه الاعتداءات حالات قليلة ويقوم بعرضها في اغلب الأوقات الصحفيين والإعلاميين المهانين كونهم اقدر من غيرهم على التصريح والتلميح والرد اما المواطن العادي فانه يلوذ بصمته وحقده ودعاءه الذي لا يرد بان يتعرض الجنود الى القتل والتفخيخ والتفجير بعد ان لا يجد الا الله حكما ليشتكي اليه.ان استمرار حالات الاعتداء من قبل الأجهزة الأمنية يعرضها إلى السقوط بنظر المواطن بدل ان تكون مؤسسة عقائدية شريفة يعتد ويفتخر بها المواطن ومثل هذا الأمر محزن ومؤلم لان هذه المؤسسة قدمت الدماء والتضحيات في سبيل رفعت الوطن وحماية المواطن وان واجب تقديسها واحترامها حق الا ان المدخلات لا تلتقي مع المخرجات بل تتناقض معها في بعض الأوقات بما يتعلق بالمهام والواجبات.ليس من الصحيح استمرار حالات التجاوز على المواطن وعلى كرامته وليس من حق اي قوة ان تهينه وتنال من شخصيته واحترامه وليس من حق اي احد ان ينصب نفسه حاكما وخصما في نفس الوقت.ان عملية تأهيل القوات الأمنية وتغيير منهجها من الدفاع الى الحماية يتطلب برامج إعداد وتأهيل وقانون صارم لا يتهاون في رد المظالم ويتطلب تضافر جميع الجهود الحكومية والشعبية والإعلامية لتوضيح طبيعة العلاقة التي تحكم الطرفين من اجل ان نتغلب على حالة الاحتقان المركبة التي يعاني منها المواطن والناجمة عن الإجراءات الأمنية المشددة وعن الاعتداءات والتعامل الفض الغليظ من قبل بعض العسكر الغير منضبط والذي يجد بيئة ملائمة لتفريخ منهجه المنحرف في بعض الوحدات والمواقع.ان توضيح طبيعة العلاقة وتعزيزها ومنح الثقة للطرفين مهمة يجب ان ينهض بها الجميع قبل ان تسقط هيبة العسكر في نظر المواطن مع ما يقدمه من تضحيات جسام.
https://telegram.me/buratha