المقالات

إيران..إتفاق بحجمِ الثورة!

442 06:53:00 2013-12-06

محمد الحسن

مهما تعمّقت الأنظمة في التاريخ؛ تزداد ترهلاً, وقد تصاب بالشيخوخة والهرم, حتى أعرق الديمقراطيات إستقراراً, تواجه مشكلات جمّة ينتج بعضها من خدر يصيب النظام بفعل إعتيادهِ على ممارسة روتينية قد لا تناسب ظرفاً محدداً, ولعل الحديث عن العجز والإفلاس في البلدان الكبرى يدخل ضمن هذا الإطار..وحين يكون للدولة مشروع, ستتعرض لعقبات, وفي نهاية المطاف؛ إما التلاشي أو النصر الذي يجدد عمر الدولة.إيران تتقاطع مع أغلب دول المنطقة, فضلاً عن تقاطعها الكبير مع الغرب؛ فثورتها التي أسست لجمهورية إسلامية حدثت بعد النهاية الرسمية لعصر الصراع (العربي - الصهيوني), حيث بداية حقبة جديدة, عنوانها الإنسجام والتعاون بين الضحية والجلاد!..غير إنها تمسّكت بموقفها الذي ترجمته فعلياً, حين أستبدلت السفارة الإسرائيلية بأخرى فلسطينية. إصرار الإيرانيين على مشروعهم, أسس لمحور قوة نامي. المشروع الآخر, لم يدع الجمهورية الفتية تواصل نشاطها؛ فهو يعرف إن "مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة", لذا عانت إيران من شتى أنواع الضغوطات, من حصار, وتهديد, وعزلة, بيد إنها خطت الخطوة الأولى وأردفتها بخطوات.الملفات المسببة للصراع (الإيراني-الغربي) أكثر وأعمق من الملف النووي, الذي غالباً ما يعد سبب مباشر أو ظاهري؛ فالطاقة النووية, ومن يمتلكها, وفق المنظور الغربي, تخضع للإيدلوجيا. الأمر الذي أدى لسيادة سياسة "الكيل بمكيالين" في هذا الإطار. اللوبيات الصهيونية المؤثرة في الغرب, بدت على توافق تام مع الحكومات العربية الرافضة لأي قرب إيراني من القضايا العربية, والتي صارت هماً إيرانياً, بينما لم تعد تلك القضايا موجودة في سلم الأولويات العربية, سيما الأنظمة القائمة على المال, فقطر, قبل وبعد الإنهيار, تمتلك علاقات مميزة مع إسرائيل, والأردن, فضلاً عن السعودية التي تعد أمن إسرائيل جزء من أمنها..!تشابك الملفات وتعقدها وصل أوجه في الأزمة السورية, وأتضحت معالم الشرق الأوسط الجديد, ليس على الواقع؛ إنما كمشروع مفترض ينتج بعد الأزمة وحسب نظرية "الفوضى الخلاّقة"..كانت الخارطة الأمريكية, المعبّرة عن إرادات كثيرة في الشرق والغرب, تقضي بالتقسيم وصناعة دويلات متنوعة بدأت بليبيا ولن تنتهي بسوريا, فيما أعلن المحور الآخر عن نفسه وعن مشروعه, فأمسكت إيران بطرف الخيط الآخر, ومن ورائها الروس والصينين.بعد رجحان موازين القوى لصالح النظام السوري, وإندحار محور الموالات الأمريكي, برز الحديث عن النووي من جديد..في تلك الأثناء تمر إيران بمخاضات تبدو عسيرة, بيد إن الإيرانيين يعتبرونها صبراً يستكمل مسيرتهم الثورية!..وبالفعل أثمر؛ فبين المشاكل الإقتصادية, والسياسية, وحتى الأمنية على جمهورية الثورة؛ يتم العثور على مفتاح الحل فجأة!..إيران تقبل بوقف التخصيب عند حدود (5%) ومجموعة (5+1) تبدو أرتياحاً كبيراً لهذا القبول, جديرُ ذكره, إن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أكد فتواه السابقة التي "تحرّم" إمتلاك السلاح النووي. الميدان في سوريا, كان يمثل حرباً كونية, وهذا ما كشفته نتائج المحادثات النووية, فدخلت إيران بهيئة المنتصر, بينما كان الرفض (السعودي, الإسرائلي) معلناً, بيد إنه غير مجدي, فعجلة التفاوض أسرع من أن توقفها أموال داعمة لجماعات مهزومة ومتصارعة في سوريا, بينما التقدم (منذ معركة القصير) يصب في مصلحة الجيش السوري. لا ريب, إن قناعات الكبار لا تتأثر بحماقات وأحلام دول أختارت لنفسها التبعية.الثوابت الإيرانية لم تخضع لهذا الإتفاق, فأثناء المحادثات حدد المرشد الأعلى "خطوطاً حمراء" ووجه إنتقادات حادة لإسرائيل, وفيها رسالة ببعدين: الأول, نفاوض بشروطنا..والثاني, تبادل منفعة وليس خضوع لإرادات دولية.إيران, دخلت حرباً خفية وأنتصرت, الأمر الذي حقق لها نصراً سياسياً, وإقتصاديا, وتكنلوجياً كبيراً, ولعلها تخلصت بذلك من ضغوطات كبيرة على المستوى الداخلي, فتجددت ثورتها, ودخلت طوراً جديداً, لكنه مختلف, فإيران اليوم, القوة الأولى على مستوى المنطقة, وقد غادرت مرحلة الصراع, ويبدو إنها شكلت القطب الثالث للعالم, سيما بعد أن كسرت روسيا القطبية الأمريكية.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك