المقالات

علي الموسوي.. هندام "هيكل" لا قلمِهِ

774 19:00:00 2013-12-06

موقع المسلة

علي الموسوي، المستشار الإعلامي، في بدلة غربية تقليدية وربطة عنق تكاد تحز رقبته، من مراسل صحافي مغمور، وماض سياسي متواضع الى "عقلية استشارية" في مجال الاعلام، على حين غرّة، بدا نسخة عراقية من محمد حسنين هيكل، أبرز الصحافيين العرب في القرن العشرين، سواء سوّقها صاحبها عمْدا لان تكون كذلك، أو أنّ آخرين خبروه عن قرب يرونه هكذا، في حرصه على احتكار الاسرار وتوثيق الاحداث، منتظراً يوما آخر، يكون فيه ربما بعيدا عن مركز القرار، يبوح في اللحظة المناسبة عن طلاسم الحدث العراقي المشبع بالغرائب والمفاجآت، على طريقة هيكل في كتابة المذكرات، وتأليف الكتب، وتحليل المستقبل السياسي، ليبيعها مقابل فائدة مادية او معنوية تماماً مثلما فعل هيكل، حين صار مرجعا تأريخيا وبحثياً في حقبة الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر.

ما يساعد الموسوي على ذلك - يقول قائل خَبَرَ شخصية الموسوي - علاقاته الاخطبوطية، وقربه من مركز القرار وإطلاعه على الكثير من الاسرار، تتيح له تحليل القضايا الخطرة، والمواقف المصيرية، كما يعرف بالضبط من اين تُؤكل الكتف، لمرافقته اصحاب النفوذ طوال عقود.

ولا غرابة في ذلكم الطموح، من مراسل صحافي مغمور، لصحف حزبية متواضعة، ايام المنفى، الى متشدّق اكبر، عبر الاقاويل والأباطيل، لا الأفاعيل والمعجزات بعد 2003، تماماً مثل هيكل الذي لم يتصور نفسه صحافياً مستشاراً بل مشاركا في اتخاذ القرار.

ولا يزال الموسوي متحدثاً على الاغلب في غير اختصاصه، مسوّقاً نفسه مثقفاً "موسوعياً"، بتأثير سكرة "الاقتدار"، يسبر أغوار الغموض ويفكّك أسرار الطلاسم، لكن الحقيقة تنجلي مهما طال الادعاء، إذ أنّ مراسلاً صحافياً أجنبياً سأله فيما اذا العراق يمتلك استراتيجية أمن غذائي، فكان جوابه بالقول انه "لا يعرف فيما اذا العراق يمتلك استراتيجية من هذا النوع ام لا"، لتنكشف عورة "الجهل" المعلوماتي في أبسط الامور.

ولم تمر دهشة الصحافي،خبراً عادياً حتى اشهر القصّة بين اعلاميين التقاهم، لتتحوّل الى نكتة يتجرّعها الموسوي بمرارة، في كل مرة تنشرها وسائل الميديا.

والمستشارون والحكماء اغنياء عن الملوك والزعماء، بالعلم، لكن ديدن الموسوي غير ذلك.

فلا يزال، مدفوعاً بغريزة القلق من فقدانه لمنصبه، يهاجم الخصوم والمتربّصين، كرجل طبعه الشراسة، فهو مثل كل الذين يستشعرون التهديد عن بعد، يجد في الهجوم والنصْب السياسيّ، أفضل وسيلة للدفاع في مناسبة أو غير مناسبة، لكنّه يفصح عن شخصية متناقضة، طبعها السهولة والليونة، مع مَنْ هم أعلى منه قدراً، وأجلّ منصباً.

يقول من عاشره، وعايشه، ان مكر الثعلب الذي طبع سلوكياته، تجعله لا يردّ على الهجوم بصورة مباشرة، بعدما اتاح له منصبه، قدرة اخطبوطية، لها أذرع يضرب بها الخصوم والأعداء، من مواقع بديلة وعبر وسطاء، لكي ينأى بنفسه بعيداً عن المشهد والصدام المباشر، عبر الخَوِّض في المياه العكِرة.

خصومه، يعتبرون ما فعله الموسوي ليس من الدهاء في شيء، فهذه الميزة تتطلّب منه الذكاء الذي خانه وهو يكثر من الخصوم والأعداء، والتفريط بالأصدقاء، ما اثّر على الخطاب الاعلامي للحكومة، وطبعه بالسلبية، في نظر الكثير من المثقفين والإعلاميين العراقيين.

ويقول اعلاميون في القنوات الفضائية ان للموسوي، علاقات راسخة مع فضائيات، ومتوترة مع أخرى، بحسب المزاج، لا المصلحة السياسية، وتنبري مصادر في قناة "الشرقية " الى القول ان الموسوي، سبب رئيسي في توتر العلاقة بين مالكها سعد البزاز، والحكومة العراقية، بل ان سعد البزاز سعى الى لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي حين زار الاردن، مطلع تشرين الأول، العام 2010،، في سعي الى تفاهم، ووضع المشاكل على سكّة الحل، الا ان الموسوي عرقل المسعى قبل وصوله الى مسامع رئيس الحكومة.

وحتى علاقته مع مدير شبكة الاعلام العراقي، محمد عبد الجبار الشبوط، فهي علاقة مضطربة الى وقت قريب ، كما يروي مراقبون لسلوكيات الموسوي، لكنها الان باردة، برود الجمر الذي يعلوه الرماد، فلطالما اشتكى الشبوط، عبر احاديثه الى الصفوة من الاصدقاء والمعارف، ان المستشارين الاعلاميين لرئيس الوزراء ، لا يحبذون تبوأه منصباً وظيفياً في الدولة.

بل ان اعلاميين عراقيين يؤكدون معاناة شبكة الاعلام العراقي من التدخل السافر في شؤونها من قبل علي الموسوي، ما جعل مديري الشبكة يبدون امتعاضا مما يحصل في كل مرة.

خصومه يروون ايضا "غياب الحنكة عن الرجل، وتواضع قدرات القيادة الاعلامية، جعلت دوره ينحسر كثيراً في المشهد الاعلامي العراقي، فعدا ما يصرّح به لقناة "العراقية" وبعض القنوات التي يرضى عنها والتي تسعى هي في ذات الوقت الى كسب رضاه، فليس في جعبته ما يحرّك رتابة الاعلام الحكومي غير الحوارات الرتيبة، التي تجترّ المواضيع.

ولم ينجح الموسوي، الى الان في بلورة استراتيجية، وهو المستشار، تجاه الاعلام المضاد الذي ينجح في كل مرة من تأليب الناس ضد الحكومة، فعلى رغم ان الدولة لا تمتلك اداة اعلامية رسمية، كوزارة اعلام مثلا، الا انه حري بالموسوي اتباع سياسة اعلامية، تقنع الناس بالحقائق، التي تغيب في الكثير من الاحيان عن الجمهور بسبب ما تضخه القنوات الاعلامية المختلفة من اخبار لا ترقى الى واقع الحال في الكثير من الاحيان.

والمستشار، خبرة وتحليل حدث، ونبوءة بالمستقبل، تترتّب على نصائحه وتوجيهاته سياسات الدولة، تجنباً للأخطاء، وكسباً للوقت، لكن الموسوي على ما يتقوّله مقرّبون، ينقصه من ذلك الكثير، فقد فضح اولئك، (والعهدة على ما رووه)، من دون ان يتسنى "للمسلة" التحقق منه، ان "احد العاملين في مكتب رئيس الوزراء كشف عن عقوبة ادارية وُجّهت له على خلفية استشارات اعلامية خاطئة".

غير ان الفاعلين خلف كواليس من مركز القرار العراقي، لا يفوّتون الفرصة في نقل بعض مخاوف الموسوي الدائمة من "المنافس"، فهو العدو الدائم الذي يبطش به الموسوي، حتى ولو كان منافساً افتراضياً، محتملاً، فغريزة البقاء لدى الرجل، على اشدها في كل وقت، تجعله مسعوراً تجاه كل مرشح "مزاحم" له في منصب "المستشارية"، ففي يوليو 2013، ينقل هؤلاء المشادة الكلامية التي كادت ان تتحول الى تشابك بالأيدي بين الموسوي والناطق السابق باسم الحكومة، علي الدباغ لولا تدخّل الحماية خارج مقر رئاسة الوزراء.

وبغض النظر عن التفاصيل، ومن هو المُفسِد، ومن هو الفاضل، فان الذي ألّب الموسوي على الدباغ شعور بخطره، ودنو احتمال منافسته له في الحظوة لدى مركز القرار، ما جعل الدباغ يتهم الموسوي بشن حملة ظالمة ضده، مهدداً بكشف ملفات فساده، بينها حصوله على عمولات من شركات اجنبية، لكن الموسوي ظل وراء الدباغ حتى تمكّن منه بضربة قاضية، سوّق فيها الموسوي نفسه، لنفسِهِ بطلاً، ما زاد من اعتداده بذاته، وصعّد غروره المتنامي الى الذروة.

غير ان الدباغ لم يترك الضربة القاضية تمنعه عن توجيه رسالة عبر وسائل الاعلام الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، اشتكى فيها من "تعرضه لحملة اعلامية ظالمة يثيرها مستشاركم الاعلامي علي الموسوي هدفها تشويه أسمي وسمعتي ظلماً وعدوانا ً، لذا اجد صعوبة الاستمرار في اداء عملي وسط هذا الجو العدائي".

ليْت الموسوي رضي بمنصب المستشار، فهو طماّح ميّال الى الصعود، لكن ليس له الى ذلك سبيلا، حتى تقمّص دور "وزير أعلام" في بلد ليس فيه وزارة اعلام حين شارك في مؤتمر وزراء الاعلام العرب ممثلاً عن العراق، ما أثار حفيظة النخب الاعلامية أولا، عن معنى مشاركته، وهل هي خطوة على طريق تأهيل الرجل لمهمة أكبر؟، ثم ما الصلاحيات التي يمتلكها لتتيح له وضع مقررات المؤتمر على ارض التطبيق، في بلد تعدّدت فيه منابر الاعلام، ليس للحكومة فيها سلطة.

وإحساس كونه "وزير اعلام" أو "المسؤول الاول" عن توجهات الاعلام في العراق، يلوكها الموسوي كحقيقة مثل عِلكة، تشعره بالشبع الكاذب، فكأنه نافخُ البوقِ العجيب الذي يقود الفئرانَ إلى النهر، فسعى الى ممارسات تمنحه لذة السلطة، فأعطى لنفسه صلاحية منح "هويات" الصحافيين في العراق، مثلما اتاح للاتصالات عبر مكتبه من تزكية هذا "الاعلامي" على حساب ذاك، وهذه الصحيفة او الوكالة الخبرية على تلك، مبدياً تجاهلاً مُطبقا للوكالات المحلية، ومُسخّراً جلّ اهتمامه للوكالات الاجنبية، باسطاً لها كل البسط، بالأخبار النوعية، بحكم موقعه مستشارا لرئيس الحكومة، حتى اذا افاده صحافي عراقي أو وكالة محلية، بمعلومة،اجاب بلسان "الخبير"، العارف الذي لا يفوته الخبر من بين جنبيه : "حبيبي انتو منين جبتوا هذا الحجي"، لكنه يفاجئك حين يسوّق ذات المعلومة التي اسررتها له قبل قليل الى قنوات التلفزيون ووكالات الاعلام، باعتبارها من نتاجه.

إنّ ديدن المستشارين الاعلاميين في العالم، ترقّب الاخبار، والتقاط الجديد، على عكس الموسوي الذي ابتكر لنفسه شعاراً أقل ما يُقال عنه انه شعار "المستشارين الكسالى" و "القلقين" من الحقيقة، ليصبح شعاره على الدوام "نو نيوز كود نيوز"، ما جعله اعلامياً صامتاً مع سبق الاصرار، فحتى وهو يرافق رئيس الوزراء في جميع سفراته، لا يخرج على الناس بمؤتمر صحفي عن نتائج زيارة، او فعالية حكومية.

شخصية الموسوي، الفوتوغرافية، هي صورة رجل يكتفي العاقل منه بالعلامات التي يظهرها وجهه وتجسّدها ملامحه وحركات يديه، تعويذتها ربطة عنق مشدودة بقسوة الى رقبته، يختارها بألوان هادئة، تناغم روحه المضطربة، من تجليات احداث لم يستطع التعبير عنها اعلامياً مثلما يتمنى.

واذ يسعى الى التقرب من الناس عبر انشاء صفحة له على موقع التواصل الاجتماعي، فانه بالمقابل بدا مبتعدا عن ابناء المدينة التي نشأ وترعرع فيها وهي، منطقة سدة الهندية، او طوريج في محافظة كربلاء حتى قال عنه مواطن طويرجاوي، والعهدة على روايته، ان "الموسوي، لم يعد يستذكر من مدينته سوى فئة قليلة من الاقرباء والمعارف، متذرعاً بكثرة المشاغل".

وليس من تفسير، لان تكون صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، غير فعّالة، على رغم تعليقات الجمهور، وطلبات اصحاب الحاجة منه، سوى كونه اسير العجز واللا ابالية في التواصل مع الناس ( وهي الصفة الاهم التي يجب ان يتمتع بها المستشار الاعلامي)، اذ خاطبه الخبير القانوني حاكم البدراني من شيكاغو، في 27نوفمبر2013، عبر صفحته الرقمية "حضرة الأستاذ الفاضل علي الموسوي المحترم، انا عراقي مقيم في الولايات المتحدة الامريكية، وانا أيضا محام وخبير قانوني مخضرم ارغب بإضافتك كصديق لكم كوني احد المعجبين بأدائكم الإعلامي الراقي وانتظر ردكم"، غير ان الموسوي لم يرد على الرجل، على رغم المديح الذي لا نعرف ان كان يستحقه ام لا، والذي اغدق به صاحب الحاجة عليه".

ومن دون أن يردّ عليها أيضا، خاطبت هايدة العامري، الموسوي بالقول "سيدنا اعرف انك مسافر الان ولكني انتظر ان اتواصل معك على الخاص"..

لكن ذلك لم يجد صدى من الموسوي، الذي بدا وكأنه جالس في برج عاجي لن يتزحزح منه حتى يزحزحه البرج نفسه، تماما مثل محمد حسنين هيكل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك