المقالات

الانتخابات .. الولاية الثالثة .. صراع البقاء

580 10:00:00 2013-12-08

محمد حسن الساعدي

كل التجارب الديمقراطية التي مرت بها الشعوب التي سبقتنا ، مرّت بمراحل ربما تكون أصعب من المراحل التي مررنا بها خلال 10 سنوات من عمر هذه التجربة التي مازالت تسير ببطء ، بسبب العقلية التي مازالت لا تصدق و لا تريد ان تصدق ، أن زمن الحاكم المطلق والنظام الشمولي قد ولىّ إلى الأبد، ولايمكن أن يولد دكتاتور جديد في ظل بناء عراقي جديد قائم على التعددية ، والتبادل السلمي للسلطة . هذه العقلية لم تستوعب بعد ان النظام الشمولي لايمكن أن يكون وسيلة للحكم ،خصوصاً في العراق بعد سنين من السحق على رؤوس شعب كان أداة القمع البعثي المشئوم .الأزمات التي تمر بها العملية السياسية منذ2005 وليومنا تشير بوضوح إلى عدم وعي وتخلف تيارات سياسية بحد ذاتها ، وهي مرتبطة بثقافة وفكر ضيق استئثاري لا يؤمن بالآخر.. أنه فكر يتعلق بمراحل ماضية لكنه ما زال متأصلاً بهذا الشكل عند بعض الأطراف التي تسيدت المشهد السياسي ما بعد 2003، فالمنزلقات الخطيرة التي مر وما زال يمر بها العراق والمعاناة التي يتعرض لها الملايين من العراقيين بمختلف مكوناتهم من دون وجود في الأفق ما ينبئ عن معالجات حقيقية للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وانعكاس ذلك سلباً على الأمن والخدمات وغيرهما من مظاهر الفقر والحرمان في بلد كالعراق يمتلك مخزوناً من الثروات الطبيعية من بينها وليس كلها النفط.أذ تشير الكثير من الإحصائيات الصادرة عن المنظمات العالمية المعنية بشؤون النزاهة ومكافحة الفساد المالي والإداري الى ان العراق يحتل الصدارة بنسبة الفساد بين دول العالم بقوة واقتدار وإصرار ولعدة سنوات متتالية على الرغم من وجود الكثير من الدوائر الرقابية كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ودوائر الرقابة الداخلية في الوزارات التي يفترض ان تعمل جميعها على مراقبة الأداء الحكومي في المجالات المالية والإدارية.ويحتل العراق هذه المراكز المتقدمة في مجال انتشار الفساد على الرغم من ان ما يتم تناوله بالتدقيق والتحقيق من قبل هيئة النزاهة لا يصل في أحسن الأحوال ولدى أكثر المتفائلين الى نسبة (5%) من حالات الفساد المالي والإداري والمهني الموجود فعلاً في دوائر الدولة، ولو تم التبليغ والإعلان عن غالبية حالات الفساد فان موقع العراق يقفز الى الأعلى في سلم انتشار الفساد وبفارق شاسع جداً عن غيره من الدول.هذه الأرقام والإحصاءات الكارثية شلّت حركة المؤسسات والدوائر الحكومية ، فأصبحت دوائر تدار بالصفقات ، وأصبحت مؤسسات ربحية أكثر مما هي خدمية ، فلا يمكن أن يسير أي ملف يخدم المواطن ما لم يكن هناك حصص من هذه الغنائم ، وغيرها من ملفات كبيرة وخطيرة ، أصبحت أداة للتسقيط بين سياسي العصر وإزاحة المنافسين خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية نهاية نسيان 2014 .ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية ، والتلويح بولاية ثالثة ( لاسامح الله) سنكون في نفس تلك الحلقة المفرغة التي كنا ندور بها منذ ثمان سنوات ، وسيبقى السياسيون كلاً ينظر الى مصالحه الشخصية وحزبه ، ويبقى أصحاب الأصابع البنفسجية تحت مطرقة الإرهاب وسندان هولاء ، ويبقى كل أربع سنوات واجباً على العراقي أن يختار هولاء .لقد أصبح من المعلوم أن الناخب العراقي لديه خبرة كافية لانتخاب الأكثر نزاهة والأكثر كفاءة لإسداء الخدمة للمواطن ، ولا يتحقق ذلك إلا بعد أن تجرى الانتخابات بشفافية ونزاهة ويعطى الناخب من خلالها الحرية الكاملة في انتخاب من يضمن حقوقه المشروعة، وحصول مثل هكذا انتخابات ليس صعب المنال وإنما بحاجة إلى تثقيف الناخب والمرشح، فالناخب ينبغي أن يكون على مستوى من المسؤولية لانتخاب من تتوفر فيه المواصفات التي تؤهله للخدمة بعيدا عن كل الميول الأخرى، والمرشح ينبغي أن يكون واعياً تماماً ، وعلى قدر عالي من المسؤولية ، والأخذ بيد العراق لإيصاله إلى شاطئ الاستقلال والأمن والتطور والازدهار، الذي يلمس المواطن مصداقيته حاضرا ومستقبلا وهو بلا شك أفضل من استخدام الصور والشعارات المخدرة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وفي الوقت نفسه نرى أن الذي يثير المشاعر المجردة في حملاته الانتخابية في الأعم الأغلب خالي الوفاض من أي مشروع حضاري للتغيير نحو مستقبل واعد، وهو مطمح كل عراقي غيور وشريف...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك