*المحرر السياسي لجريدة البينة
مع أن قراءة الخرائط الجيوسياسية، توفر مدارك مهمة، تعين السياسيعلى صناعة موقف، لكن العرب لم يتفهموا أو يفهموا الدوافع الكامنة، وراء ما يحصل ضد نظام الحكم في سوريا، وضد حزب الله في لبنان..ليس لأنهم لم يقرأوا تلك الدوافع جيدا، لكن لأن السياسة العربية لا تبنى على خرائط من هذا النوع.
سياسة العرب ترتبط بالزعامات لا بالشعوب، وهم غير مدركين أو على الأقل لا يرغبون، إدراك حقيقة الترابط العقيدي بين أطراف الخارطة التي نعنيها..
إن قراءة الحدث؛ يجب أن تتم من خلال قراءة خارطة المؤامرة، التي تنفذ بزخم عال، ضد سوريا لإسقاط نظامها لأسباب معلومة، كمدخل للوصول إلى إيران، التي تقض مضجع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب. سيما وأن الانتصار للقضية الفلسطينية، بمثابة الترمومتر الذي نقيس به مواقف الحكام و الشعوب.
وفي هذا الصدد فأن الموقف السوري ـ الإيراني، وأيضا حزب الله في لبنان، والموقف الشعبي العراقي بفصائل مقاومته الإسلامية، المصاحب بموقف رسمي مقنن، تفرضه إعتبارات معلومة، في التعامل مع قضية الحق العربي في فلسطين، ومن قضية الحرب، التي يشنها الإرهاب العربي المتأسلم، في سوريا والعراق، كوكيل عن الصهيونية العالمية، ينطلق من ذات الإعتبارت من القضية الفلسطينية..
الصهيونية؛ عملت طويلا على أن تخرج الصراع العربي معها، من دائرتها الى دائرة أخرى، أي أن توجه العرب وجهة أخرى في صراعهم معها، بأن تحول الصراع العربي الإسرائيلي الى صراع مع آخر..
وصادف أن يجد هذا التوجيه والتوجه، أرضية صالحة في البيئة العربية التخاذلية، التي ما فتئت تبحث عن أعذار وتبريرات، لهزائمها المتكررة مع إسرائيل؛ بحروبها "المرتبة" المعروفة النتيجة سلفا..واستطاعت الصهيونية بمكرها وأدواتها العربية، أن تخترع عدوا للعرب غيرها، وكان هذا العدو الافتراضي هو إيران ما بعد الشاه.
فالشاه كان حليفا للصهيونية، وإيران كانت أكبر دولة إسلامية اعترفت بإسرائيل كدولة وككيان، ومعها تركيا، التي مازالت تحتفظ بسفارة كبيرة في تل أبيب، خلافا لما يروج له رئيس الوزراء التركي الإسلامي جدا..!
بسقوط الشاه نشأ وضع جديد، فإيران الإسلام؛ كنست الصهيونية وأذنابها من طهران، وعملت على أن هدف تحقيق العدالة التي بني عليها نظامها، لا يتحقق إلا بإزالة الظلم ومسبباته من المنطقة، ووجدت أن أول مسببات الظلم، يتمثل بالكيان الصهيوني الغاصب..
في الوضع الجديد؛ وُضِعَت الأنظمة العربية في إختبار لم تنجح به، وفشلت في أن تعبر عن عروبتها، وبدت الصورة وكأن إيران الإسلامية؛ أكثر عروبة من العرب، في دفاعها عن فلسطين، وهو تصور ليس بغريب، أذا نحينا العصبيات جانبا ونظرنا الى البعد الإسلامي.
في الصراع مع إسرائيل فات على الكثيرين، أن إسرائيل لم تقم على أساس قومي، فاليهود ليسوا قومية بمعنى القومية الأكاديمي، هم دين منغلق على نفسه، ومن المفترض أن يتم مقارعة الصهيونية بنفس أدواتها، القومية التي هي عماد التفكير العربي، ليست أداة صالحة للصراع مع إسرائيل، عصر القوميات أنتهى من العالم، وإسرائيل لن تخسر حربا مع دعاة القومية قطعاإ وستخسرها مع المسلمين وليس غيرهم، وفيما يبدو فإن المحور الذي نحن بصدده ،هو الذي تبقى للإسلام،
وما دام العرب لا يقرأون خرائط الجيوسياسيا، لن يفلحوا في صراعهم مع إسرائيل..
https://telegram.me/buratha