حافظ آل بشارة
الانتخابات النيابية تقترب ، ويسبقها تعريف المرشحين ، فيسعى كل منهم لاقناع الناخبين بانتخابه ، وعملية الاقناع معقدة وتحتاج الى خبرة وخطة دعائية ، الانتخابات هي طريق الرئاسة ، وموقع النائب في البرلمان هو موقع رئاسي ، تمثيل شعب وتشريع ورقابة وقرار ، وفرصة لكسب الجاه والمال وحطام الدنيا ، وهنا يحدث الفرز والتمييز فالمرشحون الذين يقولون بأنهم اسلاميون حسب تعبيرهم يجب ان يختلفوا عن غيرهم ، فالاسلام يعد الرئاسة تكليفا وليس تشريفا ، والمؤمن يهرب منها خوفا من التقصير ، وقوله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض و لا فسادا والعاقبة للمتقين) وقول الامام الصادق (ع): (اياكم و هؤلاء الرؤساء الذين يتراسون، فو الله ما خفقت النعال خلف رجل الا هلك و اهلك) وقوله: (ملعون من تراس، ملعون من هم بها، ملعون من حدث بها نفسه). وفي الاحكام الشرعية تعد رئاسة الناس وخدمتهم واجبا كفائيا ، اي انه واجب شرعي اذا قام به شخص او عصبة سقط التكليف عن الآخرين ، وما بين الحكم الفقهي والحكم الاخلاقي هناك مسافة كبيرة ، فالفقه يصف ويبين الحدود ، والاخلاق تناقش المضمون والنتائج ، الرئاسة عند الأخلاقيين اصعب من القتال لانها تتطلب ان يعيش الرئيس بمستوى افقر الرعية مالا وسكنا ومأكلا وملبسا ، وان يكون عادلا وشجاعا وحازما لا تأخذه في الحق لومة لائم في مواجهة الخصوم وهم عادة ما بين رجال المال ورجال العسكر ووعاظ السلاطين ، كانت خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام نموذجا صممته السماء لأهل الأرض ، فهو لم يطلب الخلافة وهي تكليفه المنصوص الا بعد ان بايعه الناس واحتجوا عليه ، وعندما اصبح خليفة عاش حياة افقر الرعية ، ثم بدأ بتطبيق العدالة ليواجه اعداء قساة منهم من يطلب السلطة كأمتياز قبلي بدوي ، ومنهم من يعبد المال والثروة ، ومنهم منحرفو العقيدة والتكفيريون ومستخدمو الدين لبلوغ الدنيا ، وواجه تطلعات الآخرين الرخيصة من الداخل والخارج ، انه الحاكم الفقير المقاتل الصلب الذي تفرقت من حوله النخبة السياسية النفعية التي تفتقر لشرف الانتماء وبقيت معه القلة من عظماء الرجال وكنوز التأريخ حتى قال : (ما ابقى لي الحق صاحبا) ، من يدعي السير في طريق علي (ع) لا يطلب الرئاسة الا بعد ان تتحول الى تكليف عيني و بعد ان يجد في نفسه القدرة فيعرض نفسه على الناس ليعرفوه ، فاذا اختاروه فعليه ان يسير فيهم بسيرة علي (ع) وليستعد للبلاء ، وان لم ينتخبوه اي يبايعوه فقد ادى تكليفه وفرغت ذمته من اي التزام شرعي ، وله ثواب الحاكم العادل لأنه نوى ذلك ونية المؤمن ابلغ من عمله ، ليس اسلاميا من يقوم بالاعمال الآتية : 1- يرشح نفسه وهو يعلم ان هناك من هو أكفأ منه. 2- يعرف الناس بنفسه بطريقة فيها الكذب والتدليس والتضليل والمبالغة والتزوير ليقنعهم بانتخابه ، ومن يستخدم وسائل غير نزيهة فلا يمكن ان تكون غايته نزيهة . 3- اذا بلغ موقع الرئاسة لم يتمثل بأفقر الرعية بل يتمثل باغناهم واكثرهم ترفا وسرقة للمال العام واشدهم انغماسا في الحرام وتكبرا وغطرسة ، يجب التعرف على الاسلامي المخلص الصادق لكي يأتمنه الناس على ارواحهم واعراضهم واموالهم ، وليحذروا ادعياء الدين ممن ظهر فسادهم في البر والبحر ، لأنهم اشد خطرا على العباد والبلاد من حاكم مجاهر بالكفر ، انتخبوا لبراليا او يساريا او قوميا واضحا غير منافق خير لكم ممن يدعي الاسلاموية وهو منها براء عقيدة وسلوكا .
https://telegram.me/buratha