عادل العتابي
لم تمر فترة على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية العشرينات من القرن الماضي، الى يومنا هذا، ان شهدت مثل هذا الاثراء الفاحش لعدد من الوزراء، والنواب، وموظفي الدرجات الخاصة، فقد غادر بعض افراد العائلة المالكة في العراق الى مثواهم الاخير، من دون ان تكون لهم ثروات طائلة أورثوها الى احفادهم، وكان الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم مثالا ومقياسا كبيرا للنزاهة، والتواضع، والبساطة، في الحكم اذ لم يمتلك حتى دارا للسكن، فبقى خالدا في ضمير الشعب.وشهدت سنوات الحكم الدكتاتوري السابق نمو فئة او عائلة واحدة على حساب كل ثروات الشعب، فكان عامة الناس تتحسر على قطعة من الفاكهة، او علبة من المشروبات الغازية، فيما تنعم تلك العائلة وافرادها بكل شيء من لحم الغزال بطعم الهيل، الى ارقى ماركات الملابس والسيارات، ومع ضوء سقوط ذلك النظام واقامة نظام ديمقراطي في العراق الجديد، كانت الغالبية من الناس تعتقد بأن الامر سيكون لها من خلال الاهتمام بالبناء، وزيادة الرواتب، وفتح ابواب التعيين امام ابناء العراق ومنهم على وجه التحديد الخريجين من الكليات والمعاهد.الا ان الذي تمت ترجمته على ارض الواقع هو اقتتال البعض من المتنفذين لاجل الاستحواذ على كل شيء، فظهرت طبقة جديدة هي طبقة لاتشبع ابدا وكأنها اصيبت بمرض النهم، استحوذت على كل شيء من خلال اختفائها خلف صورة الدين، او انها انتمت واسست المليشيات لاخافة الاخرين قبل التفكير بحمايتها، ومن المحزن ان تكون كل القوميات والاديان والمذاهب لها ما يمثلها في عملية النهب المبرمج الذي تتعرض له اموال وثروات العراق، فيما تنحسر بشكل واضح وجلي، الاصوات الشريفة التي تنادي بالتوزيع العادل للثروات والتفكير جديا بالشعب العراقي، من خلال الاهتمام بالبنى التحتية، وتنفيذ المشاريع العملاقة على مختلف الاصعدة.على الرغم من مرور السنوات منذ سقوط النظام السابق، بقى الحال على ما هو عليه، الفقراء يزدادون فقرا، والاغنياء يزدادون غنى، وهؤلاء الاغنياء يعرفهم الشعب العراقي حق المعرفة، فهم ليسوا سليلي اسر غنية، حصلوا من ابائهم او اجدادهم او حتى اسلافهم قبل مئات السنين على ميراث او ثروة كبيرة، فهم قبل يوم من سقوط النظام السابق كانوا لايملكون شيئا، او فلسا وهم اليوم من اصحاب المليارات وليس الملايين، يتحكمون بمصائر الاغلبية، ويضعون انفسهم على رأس قائمة المجاهدون من اجل الشعب.ان القانون، والمسائلة، والنزاهة، وان كانوا قد اصدروا عددا من القرارات الخاصة بايقاف السراق، والنهابون، الا ان تلك القرارات مازالت بحاجة الى الكثير من الجدية والصلابة، ليس للقضاء كليا على تلك الفئة الباغية، بل لاسترجاع حقوق الشعب من تلك الافواه النتنة، التي سرقت كل شيء في العراق الجديد، كما انها تلاعبت بمصير الشعب بعد ان وفرت الانواع الرديئة والمنتهية المفعول من الاغذية والادوية مقابل حصولها على عمولات عالية جدا، ان التاريخ سيختار واحدة من اكبر مزابله لتكون مكانا لكل من سرق ويسرق من اموال ابناء العراق والذين يصبرون اليوم على البعض، الا ان لذلك الصبر حدود.
https://telegram.me/buratha