عبد الكاظم حسن الجابري
تعبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية, "من أهم دول المنطقة, ولها دور كبير في رسم المتغيرات والسياسات في المنطقة, ويؤهل إيران لهذا الدور, عمقها التاريخي وعدد نفوسها, وإمكانيتها الاقتصادية كونها من أغنى الدول النفطية في العالم والمنطقة", إضافة إلى ترسانتها العسكرية.نظام الجمهورية الإسلامية, يخضع لثوابت وضوابط, من خلال حكم المرشد الأعلى, المطلع على كل تفاصيل الأمور, والمتدخل تدخلا مباشراٍ, في سياسة إيران الخارجية, هذه الثوابت, أعطت إيران القوة والرصانة في أداءها, وتوحد الأهداف.يشرف على ثبات السياسة الإيرانية, هيئات تضمن الشفافية في طرح الحلول وتوجيه وتقويم السياسة الداخلية والخارجية كمجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام, وهذا الأخير ـ مجمع تشخيص مصلحة النظام ـ يرتبط ارتباطا مباشرا بالمرشد الأعلى للجمهورية وهو الذي يعين أعضاءه الدائمين والمؤقتين ماعدا رؤساء السلطات الثلاث فهم يعينون آليا.هذا الثبات أعطى الجمهورية الإيرانية وحدة موقف تجاه الأمن القومي الإيراني وتجاه كل القضايا الخارجية.يتدخل الرئيس الإيراني تدخل مباشر في تنفيذ القانون والنظم الداخلية, وجزئيات من القضايا الخارجية, فمثلا لا يمكن لأي رئيس أن يقيم تقارب وعلاقة مع إسرائيل والتي تعتبر العدو الأول لإيران ـ فهذه العلاقة خط احمر لا يمكن تجاوزها من قبل أي رئيس, لذا نرى إن المواقف ثابتة مع اختلاف الرؤساء, ويعبر عن ذلك المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإيرانية منذر الكاشف، الذي أكد في حديث مع موقع راديو سوا "أن وظيفة الرئاسة الإيرانية مرتبطة بالسياسية الداخلية عموما، فيما تبقى الملفات الخارجية بيد المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي "المسؤول الأول والأخير" عن السياسة الخارجية لطهران واصفا وظيفة الرئاسة بالحكومة التي تنفذ أوامر المرشد"..أما العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية, فهي بين شد وجذب, إذ إن" في تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية تغيرت الصورة في 1997 عندما فاز محمد خاتمي بأغلبية 70% ، فبدأت بعض الأصوات تعلو داخل المجتمع الأميركي وتطالب بإعادة النظر في مجمل السياسة الأميركية تجاه إيران، خصوصًا بعد دعوة الرئيس خاتمي عبر شبكة "سي أن أن" للحوار الحضاري بين الشعبيين"." لكن هذا التقارب سرعان ما تلاشى، في ضوء كثرة الخلافات الأميركية الإيرانية سواء ما هو متعلق باستمرار الحظر الاقتصادي ا الأميركي الشامل أو الخلافات الإقليمية نتيجة تواجد القوات الأميركية في الخليج وتواجدها الحالي في أفغانستان وبعض دول آسيا الوسطى، إضافة إلى عداء إيران لإسرائيل ودعمها حزب الله اللبناني ضد إسرائيل ".وبقي الملف النووي أيضا مثار جدل وخلاف, بين إيران من جهة وأمريكا وحلفاءها من جهة أخرى, وأصبح هذا الملف يؤرق المنطقة والعالم, وخصوصا بعد التضخيم الإعلامي الأمريكي لهذا الملف وتخويف المنطقة والعالم منه.كان الملف النووي الإيراني الشئ الأهم الذي أصر كل رؤساء الجمهورية على الاستمرار فيه, وكان السيد نجاد متشددا في هذا الأمر.نجاد كان صلبا وقويا, ثابت المواقف, وهذا الحال أعطى زخما وهيبة لإيران, فصارت أمريكا وحلفاءها, في رعب وخوف وخصوصا إن القواعد الأمريكية في الخليج قريبة من إيران.لم يتراجع نجاد, ولم يعطي قيد أنمله من التردد او التراخي, لذا اضطر الغرب لاستخدام أساليب التشديد الاقتصادي والمقاطعة, لكن بقي الموقف على حاله.مهدت ستراتيجية نجاد في إدارة الملف النووي, الطريق لخلفه روحاني, فروحاني كان ناعم الأسلوب ثابت الموقف, ومع استغلال الخوف والرعب الذي زرعه نجاد في قلوب الغربيين, تمكن روحاني بحنكته من اخذ الإقرار العالمي بحق إيران امتلاك التكنولوجيا النووية, بعد أن وقع الاتفاق مع مجموعة (5+1).أبرزت إيران نموذجا راقيا لتعامل الحكومات في الحفاظ على حقوقها, وإعلاء ورفعة شعوبها, فلا ثغرات ولا تراخي ولا مهادنة بل إصرار وثبات وحنكة, فصارت حقا مثالا يحتذى به..
https://telegram.me/buratha