حسن الراشد
لم يكن بيان احد كبار مشايخ الوهابية في السعودية حول التعاطي العربي والاسلامي مع مراسيم وفاة الزعيم الافريقي الراحل والمناضل من اجل الحرية نيلسون مانديلا ووصفه بانه "كافر وهالك " وان من يترحم عليه ان لم يتراجع فهو في حكم المرتد اي "كافر" هو الاول من نوعه خاصة وان هذا البيان يأتي في خضم التحولات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط وفي ظل توجه الدولة الراعية لمثل هؤلاء المشايخ نحو مسرحية هزلية جديدة يتصدرها بندر ابن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية عبر تشكيل "الجبهة الاسلامية" لجماعات متطرفة في سورية تحمل ذات افكار ذلك الشيخ المفتي الذي كفر مانديلا واخرج المادحين والممجدين له من ثوب الايمان بالله وجعلهم في عداد من يجوز حتى قتلهم بصفتهم "مرتدين" وهذا يعني ان الرئيس الامريكي وكل الذين شاركوا في حفل تأبين الزعيم الافريقي ومجدوا مانديلا هم في عداد الهالكين والمرتدين .
بيان الشيخ الوهابي عبد الرحمن البراك حول المناضل الراحل مانديلا لم يجابه بالرفض والاستنكار من قبل الدولة السعودية ولم يصدر بيان من ايةجهة رسمية ولا من مشايخ في هيئة علماء السعودية تندد بهذا البيان التكفيري المخزي والذي يحمل بداخله كل معاني النازية الوهابية والكراهية بل تم التستر عليه وفي مواقع اخرى سعى الاعلام المحسوب على الدولة السعودية بتضليل الرأي العام وامتصاص الغضب العالمي على مشايخ السعودية التكفيريين والرعاية التي يحضون بها من قبل جهات رسمية عليا مثل المحاولة التي قام بها موقع الكتروني عربي معروف بتحريضه على الفتنة المذهبية والكراهية و المقرب جدا من الاجهزة الامنية السعودية والخليجية حيث تم نشر البيان وترك الحرية للتعليق على البيان لهدف ليس اقل من هدف الفتوى ذاتها .
سبق لمشايخ الوهابية ان اصدروا بيانات وفتاوي عديدة كفروا فيها كل اتباع المذاهب والاديان التي لا تتفق مع المذهب الوهابي الذي تتبناه الدولة السعودية واباحوا قتلهم وذبحهم وسبي نسائهم وحتى اغتصابهن تحت حكم "ملكات اليمين " مثل ما يحدث اليوم في سورية والعراق حيث تفعيل حكم المرتد يجري تطبيقه بناءا على تلك الفتاوي التي اطلقها شيوخ الوهابية هذا الحكم يترتب عليه قتل الرجال وسبي النساء واتخاذهن اماء وزيجات والدخول بهن من دون اي مراسيم زواج شرعية او مدنية وقد حدثت حالات كثيرة ان قام المتطرفون الوهابيون في سوريا باخذ نساء من اتباع الديانة المسيحية واخرون من اتباع المذاهب الاسلامية كاالعلويين والشيعة والدروز وحتى الاكراد كسبايا والاعتداء عليهن عبر الاغتصاب الفردي او الجماعي ويحصل كثيرا بعد الاعتداء يقوم المعتدون بذبح الضحية وقطع رأسها .
هنا يتسائل المراقبون والكثير من المهتمين بشؤون المنطقة اذا كانت السعودية التي ترفع راية الوهابية وتدعم التطرف السلفي التكفيري وفي ذات الوقت ترفع غصن الزيتون للغربيين وتحرضهم على شن حروب بالنيابة عنها في المنطقة وهي تدفع بالجماعات الارهابية لارتكاب مجازر بشعة في العديد من المناطق في العالم تضم بين جنباتها مشايخ كالبراك الذي يرفض حتى التعايش مع ظاهرة مانديلا وغيره فكيف يكون مستقبل المنطقة في حال تسلم هؤلاء واتباعهم الحكم في هذه الدولة او تلك ؟
ان القلق اليوم يساور الجميع من المسيحيين والمسلمين غير التابعين لمذهب الوهابية من تكرار احداث تاريخية اكثر بشاعة مما يحدث اليوم حيث ان صور المذابح التي ارتكبها العثمانيون في الدول التي احتلوها تحت عنوان الغزوات وذبحوا العشرات الالاف من شعوبها في مناطق البلقان لم تغادر اذهان الكثير من ابناءها ولعل احتلال بلدة "معلولا" المسيحية المقدسة من قبل المتطرفين الوهابيين الذين تدعمهم السعودية واحراق الكنائس وقتل الابرياء واختطاف الراهبات لدليل بارز على ان هناك يقين بان صعود الوهابيين للحكم في اي بلد يشكل كارثة للبشرية وان ما يجري في سوريا هو درس مجاني يقدمها البراك وشيوخ التطرف لاخذ العبرة والتفكر مليا قبل الدخول في اي تحالف مع التكفيريين باي حجة وهمية قد يسوقها باسم "المعتدلين الاسلاميين" وغيره من المصطلحات المخادعة لان هؤلاء وباء اينما حلوا نشروا الفساد والخراب والدمار ويكفي ان اكثرهم اعتدالا اقل الجرائم التي ارتكبوها هو قطع الرؤوس وهي ممارسة غدت روتينية في مقابل جرائم كثيرة مثل اكل قلوب البشر واكبادهم وذبح الاطفال وحز رؤوسهم من القفا وحرق جثث الضحايا وسيل المفخخات التي يفجرونها يوميا في العراق وسوريا واليمن ولبنا ن وغيرها .
هنا نورد نص البيان الذي اصدره مفتي الوهابية واحد كبار مشايخهم في السعودية ليتعظ من يتعظ :
بيان عن منديلا - لمَ التَّمْجِيدُ لِهَذَا الكَافِرِ الْهَالِكِ؟! الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه؛ أما بعد: فهلك في هذه الأيام (مانديلا) الكافر، وقد قيل إنه ملحد أو نصراني، كما هو مشهور في الإعلام، وقد بادرت صحف محلية وغير محلية وقنوات عربية إلى تمجيده والبكاء عليه، وليس للرجل ما يحمد عليه إلا ما يذكر عنه من تصديه لمقاومة العنصرية في بلاده، وصبره على الأذى في ذلك، مع أنه لم يتفرد بالجهد في هذا السبيل، ولا يمتنع في الشرع ذكر الكافر بما فيه من خصال حميدة، بل هذا من العدل في القول: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)، ولكن هذا لا يسوغ التبجيل والتمجيد والإطراء المشعر بالاحترام والولاء، مع تجاهل أسوأ السيئات، وهو الكفر، وتجاهل سيئاته في سياسة بلاده، وقد نقل بعض الثقات أنه دعي إلى الإسلام فأصر على كفره، ما يجعل كفره أغلظ من كفر عوام النصارى، فكيف إذا كان ملحدًا؟! ونَقَلوا أيضاً أنه نشر الفساد في البلاد من الزنا والفجور وشرب الخمور. وما هذا التمجيد الذي طفح به الإعلام العربي لهذا الهالك إلا لرضى أميركا وهيئة الأمم عنه ـ كما يظهر ـ، ولأنه عندهم نصراني، فلو كان مسلماً ما نال هذه الإشادة، وهذا التعظيم والتضخيم .
https://telegram.me/buratha