لم أشعر بعراقيتي إلا حين أغادر البلاد، سرعان ما أحس بقيمتي الحقيقية في بلد.. ولم أجد أقدس وأرقى من بلادي لا أشك فيها قط وإنما اصطدمت بالحقيقة في مطار الملكة عالية الدولي في الأردن الذي بناه اللعين (صدام) آنذاك عندما صادروا (جواز السفر) مني وبعد الاذلال اكثر من ثلاثة ساعات في المطار، وجدت القلق والدموع في عيون زملائي الأوفياء، ولكنهم لم يعلموا أن للدخيلي قلباً حديداً مهما كنت في أي بلاد.. ولكن الغريب بالأمر لماذا هذا الإذلال للعراقيين في المطارات العربية عكس ما نجده في مطارتنا حيث يجدون القلب الحنون والحفاوة.
وكذلك لماذا اجد الرجل الكبير بالسن الذين جاءوا لغرض العلاج هم أيضاً وجدتهم في مديرية المخابرات الأردنية عندما كنت ضيفاً ذليلاً مع مجموعة من السلفية في غرفة صغيرة يسودها الصمت والجميع خائف من الآخر مع مراقبة الكامرات... الجميع يترقب منتظراً دوره في التحقيق وكنا نحمل أرقام وكنت اعتقد أن رقمي (13) دوري قريب ولكن الغريب بالأمر أن التسلسل لا يهمهم، فتارة ينادى على الرقم (42) وتارة الرقم (12) وتارة أخرى ينادي رقم في تسلسل (الخمسينات) ونعرف الغاية من ذلك وبعد الانتظار من الساعة الثامنة والنصف حتى الساعة الواحدة نادوا الرقم (13) ما بين القلق والخوف من المصير في بلاد غريبة وقلق أصدقائي وزملائي.. بعد أن جلست مع موظف المخابرات مرحباً بابتسامة سأني عن اسمي وسكني بالتحديد المكان والمنطقة والعمل والتعرف عن خصوصية الصحافة المستقلة وهل اعتقلت أو تحديد حرية التعبير في الصحافة العراقية بعدها بدأ الحديث عن الميليشيات والقتل والتفجير في العراق ودول الجوار وعلاقة الحكومة فيها وووووو والحديث يؤلمني كثيراً ماذا فعلنا حتى يحقق معنا ونحن أتينا بفيزا رسمية وأخذت المعلومات وجئنا بدعوة رسمية من قبل صندوق النقد الدولي بإقامة دورة صحفية في الصحافة الاقتصادية كما أنني عراقي لي فضل على هذه البلاد.. والغريب بالأمر بعد خروجنا (بالطابور) نساء ورجال كبار السن فجأة بأمرة لا يقل عمرها عن 75 سنة والأخر رجل كبير يتعكز على عكازة بقرابة 80 سنه عمرة جاءوا من العراق إلى الأردن للعلاج ما تثبيت التقارير الذي يحملوها ما هو السبب يجعل هؤلاء في منصة التحقيق.. إذا كنت صحفياً معروفاً دولياً لا شفعة لي وإذا كان الرجل أو المرأة المسنة ليس لها اعتبار في هذا البلد إذن على حكومتنا.. أن تجعل قيمة لأبناء البلاد مثلما جعلت البلدان العربية قيمة لأبن البلد وله الأولوية بكل شيء.. لذلك نجد مثلما يتعلمون مع المواطن العراقي في مطارات البلدان العر بية ويكون في محل الأذلال وإلا كيف يعطى موافقة الفيزا وبالتالي يحاسب ويحقق معه في البلاد الآخر إن كان عليه الشكوك كيف يعطى الفيزا بالموافقة الدخول .. نحن نحتاج وقفة حقيقية لأبناء العراق.. لانهم اشرف البلدان واكثر غيرة.. على بلدهم ومقدساتهم ومعتقداتهم ولا يسامون على بلدهم لذلك نحن بحاجة لوضع حدود حقيقية لأبن الرافدين لكوننا أسياد العالم بالقيم والمبادئ الإنسانية وأن كانت هناك مفسدة هذه محدودة لبعض الأفراد وسلوكياتهم وهذه ليس عمومية على أبناء العراق.. إذن من لا يحترم أبن العراق ليس له محلاً في بلادنا.. ولا تقديراً أن كنا مخلصين .لهذه التربة المقدسة الذي استشهد خير البشر الإمام علي والإمام الحسين (عليهما السلام).. سلاماً عليك يا عراق .. وسلاماً على شعبه المظلوم..!!
77/5/131215
https://telegram.me/buratha