المقالات

السويد بين مطرقة الارهاب وسندان العنصرية

730 11:35:00 2013-12-16

حسن الراشد

لطالما كانت السويد البلد الديمقراطي الاول في اوروبا يتمتع فيها الجميع بالحقوق الانسانية متساوية ولطالما كانت هناك ثمة فسحة واسعة لممارسة اي انسان حقه في الحياة الانسانية وممارسة دوره البناء في خدمة المجتمع فان هناك ايضا ثمة ثغرات في قوانين هذا البلد ومنظومته الاجتماعية وحتى السياسية يستطيع كل طرف استغلالها لتمرير اجندته واهدافه بشكل من الاشكال مستغلا كما اسلف تلك الثغرات لدق اسفين الفساد والكراهية في المجتمع ونشر شروره واحقاده تاركا فيه ثلمة من الصعب سدها دون تشريع قوانين صارمة تحمي المجتمع من ارهاصات التراكمات السلبية لقضايا وامور مختلفة منها ما هو مستورد ومنها متجذر في البنية الاجتماعية والنفسية للبلد بحاجة الى المعالجة عبر التشدد في القانون الجزائي وحتى القضائي الحالي الذي يسهل بتنامي وازدياد ظواهر خطيرة في المجتمع السويدي المسالم مثل ظاهرة الارهاب والتطرف وظاهرة العنصرية والتمييز بين المواطنين والمقيمين .

الحديث عن الارهاب والتطرف من جهة والعنصرية والتطرف من جهة اخرى ليس بنت الساعة ولا ان فتح النقاش حوله في السويد امر مستحدث وجديد بل سبق وان جرى بحث هذا الموضوع في المناظرة البرلمانية التي دعى اليها حزب الديمقراطي السويدي بمشاركة بعض الاحزاب السويدية اثر الهجوم الانتحاري الذي نفذه احد الارهابيين في استكهولم في 11 ديسمبر من عام 2010 حيث لم يشأ المشاركون فتح تباحث ونقاش حول هذا الموضوع لولا ضغوط التي ما رسها الحزب السويدي الديمقراطي وحضه المشاركين على عدم التخوف من خوض النقاش حول الارهاب خشية اتهامهم بـ " الاسلاموفوبيا" خاصة وان الحادث الارهابي سبقه ايضا كشف خلية في الدنمارك في خريف عام 2010 كانت عازمة على تنفيذ اعمال ارهابية في كوبنهاغن وتم القبض على اثنان من السويديين من اصول عربية كانا يقفان خلفها .

وقد حاول المشاركون الربط غير المباشر بين ظاهرة التطرف والارهاب وبين ظاهرة التمييز العنصري من خلال حالات الهجمات العشوائية التي تعرض لها المقيمون والمواطنون السويديين من اصول اجنبية في سنوات سابقة على ايدي بعض المهووسين العنصريين او المصابين بالخلل العقلي وتم سرد تلك الاحداث مع ارقام لحالات الكراهية التي تم الابلاغ عنها والتي بلغت لاكثر من 5000 آلاف حالة الكراهية التي تعرض لها المواطنون ذوي الخلفيات الاجنبية في عام 2005 فقط، الا ان هذا الربط في الحقيقة وحسب رأي المراقبين يفتقد الى المصداقية والموضوعية ونوع من الهروب الى الامام تمارسها الاحزاب والجهات المسؤولة لعدم فتح نقاش في هذه المواضيع ولا خوض سبرها حيث ان موضوع الارهاب له بحث خاص وظاهرة العنصرية والكراهية امر آخر يختلف عن الاول وله خلفيات سوف يتم التطرق له لاحقا .

ظاهرة التطرف والارهاب في السويد منشأها الفكر التكفيري والبؤر التي تمارس دور النشر لهذا الفكر الوبائي السلفي الذي وجد في بيئة متساهلة ومنفتحة مثل السويد مجالا خصبا لنفث سمومه هذا الفكر الذي اوجد جيشا من القتلة والذباحين في مناطق مختلفة من العالم ينتشرون كالجراثيم القاتلة لا يعترفون بالقوانين القائمة ولا بالدساتير لهم دستورهم الخاص الذي يجوز لهم قتل كل من لا يواقفهم الرأي ويخالف منهجم الاقصائي ويشرع لهم "غزو" البلدان ونشر الدمار والخراب فيها تحت عناوين مختلفة مثل "فقه الدماء" و "الجهاد في ارض الكفر" او "ارض الرباط" فليس هناك ما يمنعهم من ان يطبقوا قوانينهم الخاصة في اي بلد تطأ فيه اقدامهم الشريرة ،هاهم بدأو بتهديد اصحاب المحلات في بريطانيا وتنفيذ حد "التعزير" اي "الجلد" اربعين جلدة لمن يبيع في نظرهم المواد المحرمة في محله بعد ان نشروا دوريات سيارة وراجلة لملاحقة النساء غير المحجبات وتهديدهن بشريعتهم الخاصة بهم ، هذا الوباء بدأ ينتشر في السويد وبدأ يحظى بمكانة لدي الشباب غير الواعي وحشدهم خلف مجموعة من قطعان يقودونهم نحو التطرف والتكفير وحتى ممارسة القتل ضد مخالفيهم بحجة " الكفر " وتشجيعهم للذهاب الى سوريا لأخذ دورات في الارهاب والقتل وتعلم فنونه وتطبيق "فقه الدماء" ،هؤلاء انفسهم هم من تقودهم المجموعات السلفية والقاعدة اليوم لغزو البلدات الآمنة في سورية مثل بلدة "معلولا" المسيحية وقتل اهلها واخذ الراهبات فيها رهائن وحرق كنائسها وكل التقارير تتحدث ان هناك الآلاف من الارهابيين والمتطرفين السلفيين غادروا اوروبا وتوجهوا الى سورية للقتال وقد بدأ الخبراء وحتى قادة في البلاد الاوروبية بدق ناقوس الخطر والتحذير من تداعيات عودة هؤلاء الى اوروبا والغريب في الامر ان هذا الناقوس ليس فقط جاء متأخرا وانما لم يتم فعل اي شيئ لمحاربة هذا الفكر الذي دفع بهؤلاء للذهاب الى سورية لتنفيذ اعمال القتل والارهاب والوقوف امامه في اوروبا بل هناك تساهل ملفت لدي السلطات لدرجة لا يتصورها العقل مثل ان بلدية مدينة "مالموا" في السويد تبيع تنظيم القاعدة ارضا بسعر رمزي لبناء وكر للسلفيين باسم "الجامع" وبجنب كنيسة آمنة والمشروع يقف خلفه السعوديون والقطريون ،الذين يدعمون الارهابيين في سورية اليوم ويأوونهم في معسكرات في الدوحة واراضي اخرى في المنطقة يتم تدريبهم فيها ثم ارسالهم اما الى سورية لتنفيذ الغزوات او العودة الى اوروبا للتمترس في خنادقهم الجديدة ، هذا المشروع - اي بناء الوكر أو الجامع - تم تخصيص ميزانية ضخمة له تصل الى اكثر من 80 مليون كرونة سويدية تم دفع القسط الاول له من القطريين بمبلغ 20 مليون كرونة خلال زيارة مسؤول قطري في العام الحالي لمدينة مالموايقال ان هذا المسؤول يحمل صفة وزير الاوقاف اي "وزير الارهاب " ونشر الفكر السلفي الوهابي المتطرف ، هذا المشروع يحمل بداخله بناء جامع ومدرسة لتخريج السلفيين وحوض سباحة لجذب الشباب وامور اخرى قد تكون اوسع مما يتضمنه المشروع الظاهري خاصة والتقارير الموثقة تتحدث ان هناك العشرات من السلفيين في مالموا جندتهم منظمة "سل سبيل" السلفية التي تقف خلف هذا المشروع وارسلتهم الى سورية للقتال واخذ دورات والعديد منهم عادوا ، فمن يضمن مستقبلا ان لا يشكل هؤلاء جيشا في السويد ويغزوا قبل كل شيئ الكنيسة التي تجاورهم كون انهم نصارى وكفار مثل ما اصدر اخيرا مفتيهم في السعودية الشيخ البراك حكما بكفر وهلاك "النصراني" نيلسون مانديلا ثم ينشروا وباءهم في كل السويد والدانمارك وعاصمتها المجاورة لمدينة مالموا ..

اما ظاهرة العنصرية فهي ظاهرة حقا مزعجة في السويد رغم انها حالة خاصة لا علاقة لها مطلقا بظاهرة الارهاب التي تمولها اجهزة الاستخبارات العربية مثل السعودية وقطر الا ان العنصرية بحد ذاتها تقلق السويديين ذوي الاصول الاجنبية لانها ليست حالة شاذة بل هناك تقنين للممارسة العنصرية تقوم بها اجهزة الدولة ومؤسساتها باسلوب مستتر وغير مرأي ، بالطبع ليس هناك تشريع خاص بذلك وانما التقنين في الممارسة والتعاطي العنصري في السلوك مع افراد الجاليات ذوي الاصول الاجنبية ويمكن لهؤلاء ان يلمسوا النزعة العنصرية في مكاتب التوظيف العمالي وفي سلوك الشرطة مع المواطنين ذوي الخلفيات الاجنبية وحتى القضاء لم يسلم من هذا التوجه البغيض رغم نزاهته واستقلاله عن السلطة التنفيذية والتشريعية الا ان تأثير السلطة التنفيذية على احكام القضاء يكون صارخا وواضحا عندما يتعلق الامر بمتهم من اصول اجنبية ،فعلى سبيل المثال وصلنا تقرير من بعض الجهات الحقوقية قبل فترة قصيرة بتعرض مواطن سويدي في بلدية مالموا من اصول اجنبية لتمييز عنصري وممارسة بغيضة من قبل الشرطة او ضابط في الشرطة حيث تعرض هذا الفرد لحادث سير كاد يودي بحياته وكان السبب هو جهاز الشرطة لانه اربك المرور بوضع كاميرا للمراقبة وقت خروج الناس من الدوام وعلى الاتوستراد لجلب جباية من المواطنين !والحادث كان بسبب امرأة اخذت بفرملة السيارة فجأة ادت الى اصطدام سيارة بمؤخرتها مما سبب ارباكا للمواطن الاجنبي الذي كان يقوده سيارته بحيث اصطدم بسيارة رقم2 والذي كان يقودها رجل سويدي ابيض اللون سبب بجرح بسيط في اصبعه ولما حضر الشرطي بعد دقائق علىعلى دراجة نارية توجه فورا لضماد جرح الرجل الابيض وهو يرتب على كتفيه مواسيا فيما ترك المواطن الاخر من الاصول الاجنبية ينزف الما بل والانكى من ذلك ان يتوجهمن الرجل الابيض الى السائق الاجنبي بكل صلافة وعنصرية مهددا له بدفع غرامة ورفع تقرير ضده لدي ادارة السير والمرور!! عوضا عن ان يعامله بعدالة وقدم وساق مثل ما عامل به ذلك الابيض وفعلا كما تحدثت تلك الجهة الحقوقية حيث تم تحويل القضية للقضاء وحكمت المحكمة على الاجنبي بدفع غرامة قدرها 2000 كرونة سويدية ولم يغرم الرجل الابيض لذات الخطأ المتمثل في عدم توخي الحذر في السياقة وترك مسافة قانونية بين سيارة واخرى بحيث تمكن تلك المسافة السائق على اخذ المسافة لتجنب الحادث والحال ان الرجل الابيض هو سبب الحادث لسيارة رقم 3 التي كان يقودها الاجنبي .هذا الحادث هو الشذر اليسير في حوادث اخرى عنصرية تحصل للاجانب في السويد بدوافع ايضا عنصرية لم ينصفهم القانون عدى تلك المتعلقة بالارهاب الذي يتساهل معه القانون وهو الاخطر والذي يهدد امن واستقرار والسلم الاهلي في السويد في غياب تشريع حازم وشديد ينهي العنصرية من جهة واخر يقضي على بؤر الارهاب .

حسن الراشد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام ابراهيم السويد
2013-12-16
نعم وانا اسكن في مالمو وارى اساس هذا الجامع السلفي قد انجزوقلبي يعتصر الما لهذا الصرح الشيطاني والذي يزيدنا حسرة انه لا يوجد للشيعة اي مسجد كبير خصوصا انهم جالية كبيرة
غربي
2013-12-16
كلام صحيح ومنطقي ونحن في الغرب لمسنا كل هذا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك