الحاج هادي العكيلي
الجنون هو عدم قدرة الشخص على السيطرة على العقل الذي يؤدي إلى الشاذ ، أو هو مجموعة من السلوكيات الشاذة التي تميز أنماط من السلوك الى انتهاك المعايير الاجتماعية حيث يصبح هؤلاء الاشخاص يشكلون خطراً على أنفسهم والآخرين .قد يكون الجنون في لحظة معينة وقد يستمر فترة طويلة ،ومنه ما يكون متقطعاً يظهر في أوقات متقطعة لساعات أو أيام ثم يعود المجنون على أثرها واعياً مدركاً مالكاً زمام أرادته ، ومنه ما يكون كلياً دائماً ، ومنه ما يكون جزئياً أي يصيب جزء من دماغ الانسان فيفقده جزء من ملكاته العقلية .لقد ذكر لنا التاريخ كثير من قصص مجانين العشق ومنها قصة مجنون ليلى الذي جن بعشقه لليلى وبلغ العشق بقيس ان اخرجه إلى الوسواس والهيمان وذهاب عقله وكثرة هذيانه وهبوط الاودية وصعود الجبال والتفرد في الصحراء فكان كالصبيان يلعب بالتراب ويهذي كالمجنون وكان اذا ذكرت له ليلى رجع إلى عقله وتجلت عنه غمرته . وحكي أنه في بداية وسواسه قيل لآبيه لولا أخذته وذهبت به الى الحج وأمرته ان يدعو الله أن يجلي عنه حب ليلى ، ففعل وأخذه إلى الحج وعند الكعبة قال له أبوه : يا بني خذ بستار الكعبة واطلب الله أن ينسيك ما بك من حب ليلى ، فذهب المجنون وتمسك بأستار الكعبة وقال : اللهم زدني لليلى حباً إلى حبها وارني وجهها في خير وعافية ، فضربه أبوه ، فأنشد يقول : ذكرتك والحجيج لهم ضجيج ...... بمكة والقلوب لها وجيب .لقد كتبوا وألفوا ونشروا وأنتجوا العديد من النتاج تروي قصة عشق بين شخصين كانوا على درجة البلوغ ، فما حال جنون العشق بين الملايين البشر على مختلف أعمارهم اتجاه معشوق واحد ؟ حيث بلغ بهم العشق أن يقدموا أرواحهم على مر الزمن بفعل الحكام الظلمة ليقتلوا ويعدموا كل من تقدم لزيارته والى يومنا هذا يقدمون تلك الارواح الطاهرة بفعل التفجيرات والعبوات والاغتيالات . ومنهم من قدم احد أجزاء جسمه مقابل أن يزوره ، ومنهم من قدمه ماله من اجل الوصول اليه ، ومنهم من تعذب وسجن وحبس للقاء به . فقد سلكوا الصحراء والوديان والبساتين متخفين خلسة في ظلمة الليل مرددين بصوت عالي (( أبد والله يا زهراء ما ننسى حسينا )) فكانوا لا يخافون السلطات الظالمة على الرغم من قسوة تلك السلطات ،ولا متغيرات الطقس بين الاجواء الباردة والحارة ، وبين الجوع والعطش ، وبين الخوف من أزلام النظام وفرحة الوصول وقبول الزيارة .فكم هي القصص التي تحكي هذا العشق الجنوني ، فكل واحد منا له قصة مع هذا المعشوق الإلهي . فحن مصابين بالجنون الكلي الدائم ، فلا نستطيع لحظة أن نفارقه أو لن نذكره ، فان بذكره ترجع عقولنا وتتجلى عنا غامرات جنون العشق الفطري . فكم هو الشوق الذي نحمله اتجاهه بدعوة زيادة هذا العشق وتجديده طول السنة بزيارته مأخذين بستار شباكه ساكبين الدمعة داعين ربه وربنا أن يحفظ بلدنا من كل مكروه ، وان ينعم على شعبنا بالآمن والأمان .أن السير إلى هذا المعشوق ، هو السير على خطاه ، وهو السير نحو تحقيق الاهداف التي أراد أن يحققها ، وان السير له هو التمسك بتلك المبادئ التي نادى بها . وان السير له هو لطرد الظلم والظالمين والفاسدين والمارقين . فما أحلى اللقاء به والتمسك بمنهجه ، فحن مجانين بحبه ، وليطلقوا علينا ( مجانين الحسين ) .
https://telegram.me/buratha